أكد خبراء سياسيون أن قصف أمريكا للتنظيم الإرهابي "داعش" في العراق، وتحديدًا مواقع لمدفعية التنظيم في "أربيل" بكردستان جاء بعد تعدي "داعش" الخطوط الحمراء مع أمريكا، وهنا يأتي السؤال: ما هي هذه الخطوط الحمراء؟ وكيف تقصف أمريكا "داعش" إن كانت فعلاً صناعة أمريكية؟ ربما لم يكن هناك دليل كافٍ على أنها صناعة أمريكية، ولكن كل الشواهد تؤكد ذلك. يقول الدكتور أيمن عبد الوهاب الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إن أمريكا قصفت "داعش" في العراق؛ لأنها تجاوزت الخطوط الحمراء فيما يتعلق بمحاولتها دخول بغداد؛ لأن فكرة الصدام مع الأكراد خط أحمر بالنسبة لأمريكا والأتراك؛ حيث تسعى أمريكا في هذه المرحلة لعدم حسم الصراع لصالح "داعش"، ومنع محاولات "داعش" تحقيق مكاسب كثيرة على الأرض. وأكد أن حالة عدم الاستقرار الراهنة جزء من إدارة الصراع داخل العراق وأيضًا مع إيران، مشيرًا إلى أن الولاياتالمتحدة وهي تتدخل لا تريد أن تزيد من حجم نفوذ "داعش" داخل العراق عما هو قائم، وبالتالي فإن التدخل جاء لضبط قواعد اللعبة وفقًا لقواعد استمرار اللا سلام واللا استقرار في العراق. وتابع "سواء كانت داعش صناعة أمريكية أم لا، فإن أمريكا هيأت لداعش المناخ، وساعدت على انطلاقها من خلال دعم غير مباشر، وهذا كان واضحًا جدًّا في سوريا". فيما يرى الدكتور مختار غباشي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية أنه لا يوجد دليل على أن "داعش" صناعة أمريكية، مشيرًا إلى أن أمريكا قصفت "داعش" عندما بدأت تهدد أربيل وكردستان، لكن طالما "داعش" تهدد الحكومة ونور المالكي فأمريكا لم تتدخل. وأوضح أن كردستان بدأت الدخول في مناوءة مع "داعش"، إذ كان هناك اتفاق ضمني بين الطرفين على مناطق سيطرة، كردستان تأخذ كركوك، و"داعش" تأخذ الأنبار وصلاح الدين ومناطق أخرى، على أن تكون المناطق الاستراتيجية بها نوع من التقسيم، ولكن بدأت "داعش" تسيطر على آبار البترول في الموصل، ووضعت يدها على سد الموصل الذي يعتبر أخطر سد في العراق، وبدأت تسيطر على منفذ ربيع. وقال الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن الموقف الأمريكي يبدو نوع من الازدواجية، وإن من يحكم الأمور في النهاية هو المصلحة الأمريكية وليست مصلحة العراق أو المنطقة، مشيرًا إلى أن المصلحة الأمريكية ليست في العراق فقط، بل في المنطقة كلها. وأضاف أن "داعش" بدأت تهدد كردستان العراق، وبدأت التوجه نحو أربيل، وهنا تصطدم "داعش" مع المصالح الأمريكية بكردستان العراق، حيث يوجد بها مقر لشركات أمريكية، وهو ما جعل أمريكا تنشط في التحرك مؤخرًا لمواجهة "داعش"، خاصة أن سياسة الولاياتالمتحدة التدخل لمجرد التدخل، متحججة بأن تدخلها حدث لاعتبارات إنسانية وتهجير المسيحيين واليزيديين، ولو كانت أمريكا تتحرك لاعتبارات إنسانية حقًّا، لتحركت منذ فترة سابقة. ولفت إلى أن السياسة الأمريكية تسعى لتقسيم المنطقة، وبعد أن فشلت في دعم الإخوان في استيلائهم على ثروات الربيع العربي، خاصة في مصر، بدأت تستخدم العنف والإرهاب مثل تنظيم "داعش"؛ لذا فإن "داعش" منتشرة في سوريا، ومؤخرًا لبنان وليست العراق فقط. وحول الأحاديث التي ترددت بأن "داعش" صناعة أمريكية وإن لم يكن هناك دليل كافٍ على ذلك، يرى بدر الدين أن "داعش" صناعة مخابراتية، "ويقينًا أن المخابرات الأمريكية لها دور إن كان في التمويل أو التسليح". وقال إن أمريكا وجهت ضرباتها لداعش رغم أنها من صنعها ربما لارتباط ذلك بمصلحة أمريكية، خاصة أن "داعش" أصبحت تتجه لكردستان العراق التي تربطها علاقة وثيقة بمصالح الولاياتالمتحدة وإسرائيل. واختتم حديثه أن قصف أمريكا لداعش يأتي في إطار أن تكون داعش تجاوزت الإطار المحدد لها مع أمريكا، فلم يكن من المخطط الأمريكي أن تتجه "داعش" لأربيل.