على مدار قرون طويلة، عانت صفحات الكتب المدرسية من فرض سيطرة الأنظمة الحاكمة عليها، عن طريق تذليل صفحات الكتب لخدمة كل نظام بكتابة التاريخ من وجهة نظرهم، وذلك على حساب عقول الأجيال لزرع التوجهات التي تتناسب وذلك النظام. ومع استعداد وزارة التربية والتعليم لانطلاق العام الدراسي الجديد، قامت الوزارة بإضافة مناهج ومقررات جديدة على كتب التربية الوطنية والتي تشكل بالأساس وجدان الأوطان، وغرس وتنمية قيم المواطنة لدى الطلاب، إلا أن كثيرا مما يحدث لا يسجله التاريخ، وكثيرا مما يسجله التاريخ غير صحيح. كتاب التربية الوطنية للعام الجديد للصف الثالث الثانوي والذي حصلت"البديل"على مسودته، شمل إلغاء الفصل الخاص بثورة 25 يناير والذى أضيف في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، ووضع بدلا منه فترة الثورات في مختلف العصور الماضية بداية من الفراعنة وانتهاء بثورتي 25 و30 يونيو. كما ذكر الكتاب أن الرئيس الأسبق جاء منتخبا وثار عليه الشعب لعدم تحقيق طموحاته، كما تمت إضافة تغييرات على بعض الدروس التي كانت تشيد بالمخلوع مبارك وحدث عملية تقليص لها. من جانبه علق الدكتور سعيد محمد -أستاذ المناهج وطرق التدريس بتربية عين شمس-، قائلا:"مشكلة كتابة التاريخ من وجهة نظر الأنظمة الحاكمة ليست وليدة اللحظة، وإنما هى متواجدة في كل العصور، وأن عملية تغيير المناهج بهذه السرعة الزمنية يأتي لتحقيق أهداف سياسية، كما يشكل أزمة بين الأجيال". وأضاف ل"البديل"من الطبيعي في تغيير المناهج الدراسية أن تكون هناك دراسة متأنية لوضع خطط التطوير والتغيير في الإطار المتعارف عليه، مضيفا:"مش كل واحد يحلم بحاجة ويقول يلا نغير المناهج يبقى نعمل التغيير ده". وقال الدكتور محمد فضل مدير مركز تطوير المناهج السابق، إن المناهج الدراسية لا تتغير بتغيير الأنظمة الحاكمة، وأن الدول المحترمة هي التي تضع معايير المناهج لمصلحة الطلاب، موضحا أن واضعي المناهج عليهم أن يلتزموا بالمعايير التي هي بمثابة دستور. وتابع:"لا يمكن حذف الأحداث التاريخية التي أثرت في الحياة سوء بالسلب أو الإيجاب، مشيرا إلى أن هيئة ضمان الجودة تلتزم بمعايير تلك المناهج ولا يتحكم فيها أي نظام حاكم، لافتا إلى أن المناهج تعد خطا أحمر".