لم يفاجئني حكم الإدارية العليا بإلغاء حكم إدارية المنصورة برفض قبول أعضاء الحزب الوثني المنحل بل فاجئني الحكم الأول بإقصاء من افسدوا مصر ونهبوا ثرواتها ، فنحن خلال تسع شهور لم نتعود على قرارات أو أحكام تخدم الثورة أو تقتص لشهدائها. ولا اعتقد أن من فرح بالحكم الأول يعد متفائلا بل أظنه لم يحسن قراءه تسع شهور ماضيه من المماطلة في حل الحزب ورفض إصدار قانون العزل السياسي وإصرار على النظام الفردي في الانتخابات بالمخالفة للإجماع الشعبي والحزبي على نظام القائمة , مع توسيع الدوائر الانتخابية حتى يتثنى لهؤلاء الذين سرقوا أقوات الشعب أن ينجحوا في الانتخابات معتمدين على ما جمعوه من أموال في ظل ظروف طاحنه يعيشها الشعب وفق خطه مدروسة وضعت له بعناية . لم يكن لدي شك في إن المجلس العسكري لن يقبل بحكم يعزل أعضاء الوثني المنحل لأنهم ببساطه مرشحي المجلس وهم القوى التي يراهن عليها المجلس أمام التيار الإسلامي وهم صوت المجلس في لجنه كتابه الدستور وهم ضمانه عدم احتكار أي فصيل أو تيار لأغلبية في مجلس الشعب بما يضمن عدم الاستقرار حتى بعد الانتخابات. لذلك كنت على يقين إن الحكم لن ينفز حتى ولو كان الثمن حرق مصر كلها إن نجاح الثورة في الوصول إلى رئيس منتخب وبرلمان معبر عن الشعب ودستور يحقق أمانيه أمر مرفوض عند المجلس العسكري فقد جاءت وثيقة المبادئ الدستورية كاشفه فاضحه لتضع النقاط على الحروف أمام من التبس عليه الأمر في فهم تصور المجلس للمرحلة المقبلة والأعجب من ذلك أن يذهب البعض إلى مهاجمه على السلمي وكأن السلمي هو من تطوع ليهب للمجلس العسكري حق الولاية على مصر وشعبها. علينا أن نضع الأمور في نصابها فهي ليست وثيقة السلمي بل هي ما يحاول أن يفرضه المجلس العسكري , ولا اشك في إن مهاجمي السلمي لا يعون ذلك, بل هم يتجنبون الصدام مع المجلس العسكري ولكن إلى متى, فالمواجهة قادمة لا محالة. فها هي الخيارات التي يطرحها علينا المجلس العسكري باتت واضحة فإما أن نقبل بأغلبية الحزب الوثني في البرلمان إلى جانب الوصاية العسكرية وإما انفلات امني ومحاكمات عسكريه وطوارئ مع انتخابات دامية ستخلف ورائها من الشهداء أكثر بكثير مما خلفت الموجة الأولى من الثورة وفى النهاية لن تكتمل وسيضطر المجلس العسكري إلى إعلان الأحكام العرفية حفاظا على امن البلاد . إذن فخيارات المجلس في الحقيقة خيار واحد وهو قبول أعضاء الوثني والوصاية العسكرية .. وإلا فلا شيء غير اسأله الدماء لقد أثبتنا أننا شعب واعي حين أفشلنا محاوله حرق مصر في موقعه ماسبيرو وعلينا أن نكون أكثر وعيا حتى نتمكن من إفشال المحاولة القادمة والتي أظنها أصبحت اقرب مما نتصور.