تمثل تركيا أحد المفاتيح المهمة لفهم السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك بسبب البعد الجيو استراتيجي لتركيا والذي أعطاها ميزة تنافسية عالية، باعتبارها الشريك الأمثل الذي يمكن الاعتماد عليه في منطقة بالغة الأهمية والحساسية بالنسبة للغرب عامة والولاياتالمتحدة خاصة، ولكن العلاقة بين البلدين في الفترة الأخيرة تعيش حالة من المد والجزر، بسبب الأحداث الجارية في المنطقة. وتتساءل صحيفة "حرييت" التركية حول طبيعة العلاقات بين أنقرةوواشنطن، بعد مطالب الأولى بتسليم رجل الدين التركي "فتح الله جولن" والذي كان حليفا سابقا لرئيس الوزراء "رجب طيب أردوجان"، فكيف ستكون العلاقة بين البلدين في ظل الصراع بين الحكومة وحركة "جولن" داخل وخارج البلاد. وتضيف أن مسألة الفحص القانوني الدولي تخيم على الحوار بين "أردوجان" والرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، حيث أصبح "جولن"عاملا في معادلة العلاقة التركية الأمريكية منذ استقراره في الولاياتالمتحدة عام 1999، وفي فترة زمنية تتراوح من عشرة إلى خمس عشرة عاما، اندمج في داخل الولاياتالأمريكية إلى حد كبير، وقام بتأسيس المدارس والجمعيات الخاصة به. وترى الصحيفة أن ما فعله "جولن" في الولاياتالمتحدة خلال هذه الفترة، يعد امتدادا قويا لتركيا على الأراضي الأمريكية، وفي ما يخص السياسة الخارجية، اتخذ مجتمع "جولن" موقفا أكثر انفتاحا تجاه الجانب الأمريكي، فعلى سبيل المثال، عندما يقع حزب العدالة والتنمية الحاكم في مشكلات مع إسرائيل، تدعو الحركة لعدم الاشتباك مع تل أبيب، وحين تقترب أنقرة من إيران، تبقى "جولن" على مسافة بعيدة. وتشير إلى أن استقرار "جولن" في الولاياتالمتحدة لفترة كبيرة وإبداء رأيه في السياسة الداخلية والخارجية لتركيا، كان ينظر إليه على أساس أنها وجهة نظر الولاياتالمتحدة في الأحداث الدولية. ونتيجة لترسيخ "جولن" لنفسه داخل الولاياتالمتحدة، يعتقد "أردوجان" أن واشنطن هي من تقف خلف فضيحة الفساد في 17 ديسمبر العام الماضي، ويتهم حليفه السابق علنا بالقيام بأعمال نيابة عن بلد آخر، ولكن الآن القضية تجاوزت أبعد التصورات وأصبحت من القضايا الساخنة على جدول تركيا والإدارة الأمريكية. وأصبحت القضية الآن على أجندة "أوباما"، خاصة بعد تصريحات "أردوجان" في 19 فبراير الماضي، ووصف "جولن" بأنه يهدد الأمن القومي، أثناء محادثة هاتفية بينهما، ثم أصدر مذكرة لتسليم الداعية الإسلامي إلى تركيا. وتلفت الصحيفة إلى أن "أردوجان" خلال مقابلة تليفزيونية مؤخرا، قال إنه يتوقع من واشنطن إما ترحيل أو تسليم "جولن"، وبالتالي خلال الأيام المقبلة قد تقدم أنقرة طلبا رسميا في إطار الاتفاقات بين البلدين، ومن المرجح أن تصبح القضية شائكة وتنشر بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، موضحة أن القضية الجديدة ستكون حلقة شائكة ومحرجة في العلاقات الأمريكية التركية، والتي مرت بالفعل بالعديد من القضايا الصعبة.