اقترب موعد إعلان فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية بواسطة لجنة الانتخابات الرئاسية. وجميعنا في ترقب شديد لمعرفة كيف ستسير العملية الانتخابية وتفاصيلها؛ فنريد أن نعرف بالضبط من هم المرشحون الذين سيخوضون المعترك الانتخابي؟ وما هي برامجهم الانتخابية؟ وعلام يستندون في وعودهم التي تتضمنها تلك البرامج الانتخابية؟ وعليه سنختار الأجدر بهذا المنصب الرفيع من بينهم، ومن المفترض أن يكون هذا الشخص هو من يمتلك برنامج واضح المعالم وصادق ويتضمن حلولاً واقعية وعلمية بناءة لحل المشكلات الكثيرة والكبيرة التي يواجهها الوطن وأفراده من مختلف الفئات في الوقت الحالي ، كما سيختار الشعب المرشح الذي سيثقون أنه سيستطيع حماية مصر من المؤامرات الداخلية والخارجية التي تحاك حولها ، ولذلك ينبغي أن يكون برنامج هذا المرشح عملياً وليس أكاديمياً، كما ينبغي أن يكون البرنامج واقعياً ومتوافقاً مع ما يحدث على الساحة في الوقت الحالي ويقدم حلول عملية قابلة للتطبيع بشكل سريع وفوري مثل القضاء على الإرهاب ، تحقيق الأمن في الشارع ، تفعيل بعض القوانين مثل التحرش الجنسي ، القضاء على مشكلة البطالة أو على الأقل محاولة التقنين منها. فهناك مشكلات وفئات لابد أن يُنظر إليها بعين الاهتمام والمراعاة، وما أكثر هذه الفئات التي تحتاج لرعاية ومراعاة لظروفها وقضاياها..كنت قد تحدثت كثيراً عن واحدة من أهم هذه الفئات -إن لم يكن أهمها- وهي المرأة، فأفردت العديد من المقالات والإصدارات التي تؤكد على دورها الهام وفي نفس الوقت على وضعها المتدني والمتردي في الفترة الحالية، وتكلمت عن ضرورة أن يتم مراعاة مطالبها في الفترة القادمة، ليس فقط من رئيس الجمهورية القادم ولا من كافة مؤسسات الدولة ولكن من المجتمع ككل. ولكنني في هذه المقالة أود الإشارة إلى فئة أخرى لابد للرئيس القادم ولأجهزة الدولة والمجتمع الالتفات إليها، وهذه الفئة استفزني الحديث عنها لما تشهده البلاد الآن من أحداث سياسية واجتماعية تؤثر عليها بالسلب بشكل مفزع وغير مسبوق، وعلى المجتمع ككل بالتبعية..أتحدث هنا عن فئة الشباب، عن مستقبل مصر، والذي نرى كثيراً منهم الآن وقد تم إستغلاله ولا يزال يتم إستغلاله أسوأ إستغلال، فالبعض يحوِّل بعض هؤلاء الشباب إلى وقود لإشعال النار في البلاد ولتحقيق أغراض دنيئة هدفها الرئيسي تحطيم مصر ومكانتها. وإن اختلفت أنواع وأشكال هذا الإستغلال، فالبعض يحولهم إلى قنابل موقوتة تدمر وتحرق، ويتضح هذا النوع فيما يحدث الآن في الجامعات المصرية من أعمال شغب وتخريب وتحطيم لمكاتب عمداء الكليات والتهجم على الطلبة والأمن الجامعي! أما النوع الثاني من الإستغلال فنجده من خلال تغييب عقول هؤلاء الشباب وتشويه وجدانهم عبر أعمال درامية أقل ما يمكن أن توصف به أنها "مُسفّة"، فنجدها تحرض على أعمال الشغب والبلطجة والتحرش الجنسي وكل ما هو قبيح وفج. والأسوأ من ذلك أننا نجد هذه الأشكال من الإستغلال وقد إمتدت للأطفال أيضاً لنجدهم في صفوف المشاغبين في بعض المناطق التي تشهد اشتباكات بين الأمن والعناصر الإرهابية، كما نجد هؤلاء الأطفال مستهدفين من الأعمال الدرامية الحالية بشكل سيء للغاية؛ فلقد صُدمت عندما علمت أن سوق السينما المصرية على وشك أن يشهد نزول فيلمين في القريب، الأول يتحدث عن امرأة يسافر زوجها ويطمع فيها الجميع في الحارة التي تعيش فيها حتى الطفل -بطل الفيلم- الذي يتلصص عليها دائماً ويتوهم أنه يحبها ويتشاجر مع أصحابه حول من سيتمكن منهم من التحرش بها! .. أما الفيلم الثاني فيدور حول مدرّسة متزوجة من رجل لا يشبعها جسدياً فتقوم بممارسة علاقة مع أحد تلاميذها في الإعدادية لتحمل جراء هذه العلاقة وتُرزق منه بطفل تلده في السجن!!..أي قيمة تلك التي سيتم تصديرها لعقول الأطفال والشباب الذين سيشاهدون هذه الأفلام؟!..هل سيتعلمون قيمة التحرش بجاراتهم؟ أم إرتكاب الزنا مع معلماتهم؟!! وللأسف فإن بعض هؤلاء الشباب والأطفال يكونوا من الفقراء؛ فيستغل هؤلاء الإرهابيون حاجتهم للمال هم وذويهم ليحولوهم إلى بلطجية ومأجورين، وهو ما لمسناه من خلال خروج "حركة 18″ التي يكوّنها عدد من تلاميذ مدرسة الثانوية السعيدية للتجمهر أمام جامعة القاهرة وعرقلة العملية التعليمية والمرور هناك ، كما أنه أحياناً يتم إستغلال الشباب العاطلين وبعض العاملين في بعض القطاعات المتضررة مثل بعض العاملين في مجال السياحة مثلاً وإستغلال ظروف عدم إيجادهم لمورد رزق في الوقت الحالي ليضموهم لصفوف الإرهابيين. من سيحتوي هذا الجيل الذي يتم إستيلاب إرادته يومياً ؟! ماذا سيفعل الرئيس القادم لضمان حماية "الغد"؟ .. فهؤلاء الشباب هم الغد الذي ننتظر منه أن يشرق علينا بالخير والنماء..هم الورد الذي يزهر في جناين مصر كما رددنا كثيراً في آخر ثلاث سنوات. ولكن من المسئول عن تحول بعض هؤلاء الشباب من زهور تتفتح لقنابل تنفجر في وجوهنا لتخلّف الدمار والألم بدلاً من أن تخلّف الإزدهار والنمو؟!! .. وهل سيحاسَب المسئولين عن ذلك أم لا؟ عزيزي المرشح الرئاسي لا تزال أمامك الفرص لتفكر مرة أخرى -بصدق- هل أنت على قدر المسئولية التي ستوكل إليك بالشكل الكافي حال توليك المنصب؟ هل ستستطيع بخلاف كل المهام الصعبة التي تنتظرك أن تبطل مفعول هذه القنابل الموقوتة وإحتواء آثارها، بل وتحويلها إلى طاقة إيجابية تساعد في بناء مصر؟ .. إن كانت إجابتك ب(نعم) فمن كل قلبي أشجعك على إتخاذ هذه الخطوة بالترشح، وأتمنى لك التوفيق. أما إذا كانت إجابتك ب(لا) فأنتظر منك أن تغلب مصلحة البلاد على مصالحك الشخصية وتترك المجال لمن هو أهلٍ لها، ولا تتسبب في بلبلة أكبر لدى المصريين أو تشتت في أصواتهم. رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة الخبيرة الدولية في قضايا النوع والتنمية