لم يكتف الكيان الصهيوني بتأجيج التوترات في دول حوض وادي النيل، للتأثير على أمن مصر المائي، بل يحاول تدمير المخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية، التي يتركز معظمها في شبه جزيرة سيناء، من خلال أشجار «المسكيت والدمس» المعروفة ب«أشجار الشيطان»، والتي بدأت تنتشر هناك دون مبرر. قال المهندس أشرف عطا الله، الخبير الزراعي، لا تماثل خطورة أي نبات، ما يمكن أن تسببه أشجار المسكيت والدمس من أخطار بيئية، لذا صنفها الاتحاد الدولي(IUCN)كأخطر الكائنات الحية في العالم، في حالة إدخالها لتزرع في بيئات غير بيئاتها الأصلية، كونها تمتص الماء إلى عمق أكثر من 12 مترًا تحت الأرض، وتستهلك عناصر التربة بشراهة. والمسكيت شجرة شوكية دائمة الخضرة تنمو تحت ظروف بيئية واسعة متوسطة الارتفاع ما بين 5-6 أمتار، الورقة مركبة لونها أخضر داكن إلى شاحب تتجمع الأزهار في شكل نورات، وتنتج شجرة المسكيت الواحدة حوالي عشرة ألف نوارة في العام، الثمار خضراء اللون ومصفرة بعد جفافها، وعدد البذور في كل ثمرة بين 8-30 بذرة. الداماس من الأشجار الدائمة الخضرة، من ذوات الفلقتين كثيرة التفرع، وقد يصل ارتفاعها إلى عشرين مترًا، وتتميز بطراوة أغصانها ذات اللون الأخضر أو اللون الأحمر، وتكون ثمارها مخروطية، ولها القدرة على مقاومة عوامل تعرية التربة والكثبان الرملية. إن الموطن الأصلي لهذه الأشجار "المكسيك والصومال وجيبوتي وتكساس وأريزونا"، وتشبه هذه الأشجار في شكلها بعض الأشجار البرية الموجودة في سيناء، ومنها شجرة الأكاشيا، إلا أنها تختلف عنها، وقد جلبها الإنجليز للسودان في أثناء احتلالهم لها لاستخدامها في تثبيت الكثبان الرملية، وكانت الكارثة أنهم استخدموا الطائرات في رش بذورها، وبمتابعتهم لنموها اكتشفوا تسببها في أضرار بيئية غير طبيعية، بل سببت أضرارا فادحة من الناحية الاقتصادية أيضًا، لأن جذورها تتوغل وتنتشر في أعماق الأرض في جميع الاتجاهات، ولمسافة تصل إلى 60 مترًا الأمر الذي يستحيل معه نزعها من باطن الأرض. منذ سنوات بدأت محافظتي شمال وجنوب سيناء بزراعة هذه الأشجار بشكل غير مسبوق وغير مبرر، رغم وجود المئات من الأشجار البديلة لها، والتي يمكن الاستفادة منها فضلًا عن اكتشاف أن اغلب شتلاتها تم استيرادها من إسرائيل منذ سنوات، وتم زراعتها بالأمر المباشر، وتستهلك هذه الأشجار كميات هائلة من المياه تستطيع الوصول إليها جذورها المتشعبة التي تصل إلى مخزون المياه الجوفية خلال عام من زراعتها. يصعب مقاومة هذه الأشجار، وهو ما حدث في الدول التي انتشرت فيها كاستراليا وجنوب أفريقيا والسودان، وبعض أجزاء من اليمن، والتي أنفقت مليارات الدولارات على مكافحتها، إلا أن تلك المكافحة فشلت لأنها بدأت في مرحلة متأخرة جدًا، ولأن تلك الأشجار إذا وصلت إلى أعماق وجود المياه الجوفية تستحيل معها المكافحة، وتتكلف أمريكا 138 مليار سنويًا للقضاء على تلك الأشجار. وفى النهاية يواصل المسؤولين تجاهلهم لتلك الأشجار، بل يواصلون نشرها وزراعتها رغم تحذيرات الكثير من المختصين الزراعيين ومطالبتهم باتخاذ الاحتياطات اللازمة لإزالتها، وجمع بذورها من الأماكن المحيطة بها ثم طحنها وحرقها طبقًا للمعايير العالمية، لأن خطورتها في أنها تبقى حية لأكثر من 20 سنة، ويمكن أن تنبت في أي وقت حال توافرت لها ظروف الإنبات الملائم.