مشيرة خطاب توضح دورها في الإفراج عن علاء عبد الفتاح    تسكين طلاب جامعة الأقصر بالمدن الجامعية    لمدة 10 أيام.. طالبة تروي تفاصيل احتجازها بالمدرسة بسبب حضورها حفلة خارجية    وزير خارجية لبنان يدعو لتطبيق مقترح الهدنة فورا    وزير الداخلية اللبناني: 70 ألف و100 نازح في مراكز الإيواء الرسمية    الهلال الأحمر العراقي: نصب مستشفيات ميدانية على الحدود لعلاج المصابين اللبنانيين    العراق وإيران يتفقان على ضرورة توحيد الجهود والمواقف لوقف إطلاق النار في لبنان    «الناتو» يعلن فتح باب التقدم إلى الدورة الثالثة من برنامج المهنيين الشباب    هدف جوليان ألفاريز في شباك سيلتا فيجو بالدوري الإسباني    حريق بجوار محطة غاز ب المنيا.. والحماية المدنية تسيطر على الموقف    وزير التعليم: الموجودون في مصر يدرسون منهجنا ولا مجال للكيانات الأخرى    الكتكوت ب 45 جنيهًا.. ارتفاع جنوني في أسعار الفراخ والبيض ما القصة؟    نقيب الفلاحين: كيلو الطماطم يكلفنا 5 جنيهات.. وآخر سعر سمعته 200 جنيه    فنربخشه يعبر سانت جيلواز بالدوري الأوروبي    سيد عبدالحفيظ يكشف سر تفوق الأهلي على الزمالك قبل السوبر الأفريقي    حسام حسن: من الصعب توقع مباراة القمة.. وصفقات الأهلي والزمالك قوية    استقرار أسعار جي إيه سي 4 الجديدة ومواصفاتها في السوق المصرية    محافظ المنيا يوجه بتحسين الخدمات والمرافق في سمالوط تسهيلًا على الطلاب    غلق كلي للطريق الدائري القادم من المنيب اتجاه وصلة المريوطية لمدة 30 يوما.. اليوم    مصدر: الأمن يفحص فيديوهات تحرش أطباء بالمرضى| خاص    برج الحوت.. حظك اليوم الجمعة 27 سبتمبر 2024: أنت محظوظ في الحب    صحة المنوفية: وفد منظمة الصحة العالمية يشيد بخلو مصر من الحصبة الألمانية    صحة المنوفية: تكثف العمل بجراحات المفاصل الصناعية بمستشفى شبين الكوم    «دافع ومتسرحش».. البدري يوجه رسالة قوية لنجم الأهلي قبل مواجهة الزمالك في السوبر    مصطفى بكري: قادة المقاومة يتم اغتيالهم في اجتماعاتهم السرية    إنفراجة في أزمة الأدوية وضخ كميات كبيرة الفترة المقبلة    طقس اليوم.. حار نهاراً على أغلب الأنحاء والعظمى في القاهرة 33 درجة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الجمعة 27 سبتمبر 2024    سر رفض عاطف بشاي ورش الكتابة في الأعمال الفنية.. أرملته تكشف (فيديو)    مواعيد إجراء الكشف الطبي لطلاب وطالبات المدن الجامعية بجامعة جنوب الوادي    تعادل مثير بين فرانكفورت وفيكتوريا بلزن بمشاركة عمر مرموش    هذا صاحب الحظ الأوفر.. نجم الأهلي والزمالك السابق يكشف توقعاته لمباراة السوبر الإفريقي    كأنهم في سجن: "شوفولهم حلاق يحلقلهم زيرو".. شاهد كيف تعامل محافظ الدقهلية مع طلاب مدرسة    بمشاركة 4 دول .. ختام فعاليات مسابقات جمال الخيل بمهرجان الشرقية للخيول    رسالة قوية من إدوارد للفنانين الذين يشكون قلة العمل.. ماذا قال؟    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الجمعة 27 سبتمبر 2024    القبض على عامل بتهمة النصب على الفنان مصطفى كامل بالعجوزة    بعد سحب ضابط مطاوي على الأهالي .. داخلية السيسي تضرب الوراق بالقنابل والخرطوش والقناصة!    توضيح من معهد تيودور بلهارس للأبحاث بشأن وحود مصابين بالكوليرا داخله    د.حماد عبدالله يكتب: أنا وانت ظلمنا الحب    القطار الكهربائي السريع في مصر.. كيف سيساهم مشروع سيمنس في تعزيز قطاع النقل والبنية التحتية؟(التفاصيل)    وزير الصحة اللبناني: أكثر من 40 عاملا في مجال الرعاية الصحية استشهدوا في العدوان الإسرائيلي    الأنبا مرقس يترأس الاحتفال بعيد الصليب والقديس منصور بالقوصية    استشهاد النقيب محمود جمال ومصرع عنصر إجرامي في تبادل إطلاق النيران بأسوان    آثار الحكيم حققت النجومية بأقل مجهود    رئيس جامعة الأزهر الأسبق: الكون كله احتفل بميلاد نبينا محمد وأشرقت الأرض بقدومه    بعد مشادة كلامية مع شقيقها.. فتاة تقفز من الطابق الخامس في الهرم    أياكس يتغلب على بشكتاش برباعية نظيفة في الدوري الأوروبي    غرفة التطوير العقاري: لا فقاعة عقارية في مصر.. والأسعار ترتفع بشكل طبيعي    أنغام تستعد لحفلها الغنائي ضمن حفلات "ليالي مصر" في المتحف المصري الكبير    أفضل الطرق لمنع فقدان العضلات مع تقدم العمر.. نصائح للحفاظ على قوتك وصحتك    نائب رئيس هيئة الأركان الأردني الأسبق: إسرائيل تريد اجتياح لبنان لمواجهة إيران    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    أحمد الطلحي: الصلاة على النبي تجلب العافية للأبدان (فيديو)    لمحة عن مسلسل «مطعم الحبايب» بطولة أحمد مالك وهدى المفتي (فيديو)    وزير التعليم: من الآن مفيش مدرس هيخاف تاني من طالب    أول تعليق من «الأزهر» على تلاوة القرآن الكريم مصحوبًا بالموسيقى: «جريمة»    دار الإفتاء: المشاركة في ترويج الشائعات حرام شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاني عياد: قفص مبارك مازال به متسع لآخرين
نشر في البديل يوم 29 - 09 - 2011

يوم الأحد 30 يناير 2011، بث التلفزيون المصري الرسمي المصري نبأ زيارة الرئيس المخلوع لغرفة عمليات القوات المسلحة بحضور اللواء عمر سليمان، والمشير طنطاوي والفريق سامي عنان، وعدد من كبار القادة العسكريين، وفى الفيلم القصير الذي صاحب النبأ، بدا المخلوع متوسطا نائبه، على اليمين، ومشيره، على اليسار، حيث بدا أن الثلاثة يشاهدون على شاشة عرض أمامهم شيئا ما (ربما صور الميدان ومئات الألوف من المتظاهرين)، ويتبادلون الإشارة إلى ما هو معروض أمامهم (ربما مداخل ومخارج الميدان).
وأغلب الظن أن هذه هي الزيارة التي طلب خلالها الرئيس المخلوع من رجاله في المؤسسة العسكرية استخدام القوة لفض المظاهرات، وهو طلب طبيعي من «رئيس» يواجه ثورة أفقدته ما تبقى لديه –بحكم السن- من قدرة على التفكير، لكن يبدو أن رجال المؤسسة العسكرية كانوا يدركون أن مواجهة شعب ثائر بالقوة أقرب ما تكون إلى مقامرة، وليست مغامرة، خاسرة في كل الأحوال، وربما يكون الأفضل أن يتولى طرف ثالث مهمة استخدام القوة لتفريغ الميدان، والقضاء على الثوار.
والحاصل أن الرئيس خرج من هذه الزيارة أكثر اطمئنانا، وراح يمارس أعماله الرئاسية، ومن بينها – في ذلك اليوم- استقبال عدد من المحافظين الجدد لأداء اليمين الدستورية.
لا أظن أن أحدا يستطيع أن يقطع باليقين ما إذا كانت مصادفات الأقدار وحدها هي التي جاءت بموقعة الجمل بعد هذه الزيارة بثلاثة أيام فقط، لكن ما حدث أنه في اليوم التالي لهذه الزيارة، وقبل موقعة الجمل بيومين، خرج علينا اللواء الفنجرى ليعلن أن القوات المسلحة لن تستخدم القوة ضد الثوار، دون أن يترافق ذلك بتعهد مماثل بحماية الثورة، حيث أن عدم الاعتداء شيء والحماية شيء آخر تماما. لذا لم يكن موقف الحياد المهين الذي التزمت به القوات المسلحة أثناء موقعة الجمل، وقد بلغ في بعض المواقف خد التواطؤ، مناقضا، لما تعهدت به.
وربما كان ملفتا للانتباه أن تنخرط المؤسسة العسكرية مع أطراف النظام الأخرى، فى عزف سيمفونية «المطالب المشروعة للشعب»، حسبما أكد اللواء إسماعيل الفنجرى يوم 31 يناير، واللواء عمر سليمان يوم 3 فبراير (فى أول حديث تلفزيونى له أجراه عبد اللطيف المناوى)، وبمشاركة عازفى وسائل إعلام أنس الفقى، وخبرائهم الإستراتيجيين.
وعلى مدى أيام الثورة الثمانية عشر، بذلت المؤسسة العسكرية جهودها لإنقاذ النظام (والرئيس) من السقوط (إشاعات اللواء الروينى ومحاولاته المستميتة لفتح ميدان التحرير يوم 5 فبراير نموذجا)، لكن نَفَس الثوار كان أطول كثيرا من نَفَس النظام. وأمام رئيس يتسم بالبلادة والعنجهية، كان أن وصلت البلاد إلى حافة انهيار شامل (بدءا من يوم 8 فبراير)، عندها أيقنت المؤسسة العسكرية أنه لا مناص من التضحية بالرئيس حفاظا على النظام.
وهذا ما كان، حيث خرج الرئيس من القصر الجمهورى إلى شرم الشيخ مصحوبا بدعاء رجاله فى المؤسسة العسكرية ولعنات ملايين المصريين.
واستقر الأمر للمشير وجنرالاته.
وأظن أن علينا أن نعترف، الآن وبعد ثمانية شهور من حكم العسكر، أن المشير وجنرالاته قد استطاعوا إرهاقنا بالتفاصيل، بعدما أدخلوا مجتمعا، يعيش حالة انفلات أمنى مستمر، فى سلسة معارك لا تنتهى حول التفاصيل، بدءاً من مهزلة الاستفتاء على التعديلات الدستورية وتوابعه، وصولا إلى قوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر، والإعلانات الدستورية المكملة.
الشيطان يمكن فى التفاصيل، عندما نتعامل معها بالقطعة، ونعتبر كل منها قضية حياة أو موت، لكن إذا ما استطعنا تجميع التفاصيل لنرى الصورة الكاملة، يمكننا عندئذ أن نمسك «الشيطان» متلبسا بجريمة محاولة إجهاض الثورة والالتفاف عليها.
وقدرة الجنرالات على الزج بالمجتمع فى معارك لا تنتهى حول التفاصيل، لا تعنى أنهم نجحوا فى اختطاف الثورة، وضمان الاستقرار لنظام مبارك، بل هى انعكاس حقيقى لأزمتهم التى لا مخرج لهم منها.
جوهر أزمة الجنرالات أنهم جلسوا فى مواقع الثوار، بينما هم من الفلول، أو من أصطلح على تسميتهم «المتحولون». وهو موقف مختلف عن كافة أنواع «المتحولون»الآخرين، حيث أن الجنرالات وحدهم من يصنع القرار، فكان عليهم أن يتحدثوا بلسان الثورة ويمارسوا سياسات النظام، وهنا مكمن الأزمة.
بدأ الجنرالات عهدهم بالحكم بالإعلان عن انحيازهم للثورة والثوار وشعب مصر العظيم والتعهد بإنجاز كل مطالب الثورة، ومع ذلك لم يترددوا لحظة واحدة فى الإبقاء على مرتكزات نظام مبارك الذى كان –ولم يزل- مطلب إسقاطه على رأس مطالب الثورة، بل لم يتورع الجنرالات عن استخدام القوة لحماية من استدعت الضرورة حمايته (اقتحام الشرطة العسكرية لكلية الإعلام لحماية عميدها – نموذجا)، بينما راحوا يترصدون -فى نفس الوقت- للثورة والثوار (12 ألف شاب معتقل ومسجون بقرارات وأحكام عسكرية، وجريمة كشف العذرية، على سبيل المثال لا الحصر).
بمضى الوقت، ومع استعادة بقايا النظام بعض توازنه، وإعادة تنظيم صفوفه، مستغلا المساحات الواسعة التى أتاحها له الحكم العسكرى، شهد خطاب الجنرالات تحولا نوعيا، فلم يعودوا منحازين للثورة والثوار وشعب مصر العظيم، بل وقفوا على مسافة واحدة من جميع القوى، بما فيها بقايا النظام بالطبع.
وقع الجنرالات فى مأزق المسافة بين سياساتهم المعادية للثورة حتى النخاع، وحرصهم الشديد على تحويلها إلى مجرد تغيير رأس النظام من جانب، وخطابهم المعلن المتأرجح بين تأييد الثورة، وملامسة حدود العداء الصريح لها (اتهام اللواء الروينى لشباب الثورة دون أن يقدم دليلا واحدا نموذجا)، مرورا بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وهم –فى كل الأحوال- يعيدون الرهان على قصر نفس الثورة والثوار، رغم أنهم كانوا شهودا، قبل بضعة شهور فقط لا غير، على سقوط هذا الرهان.
وفى ظنى أن هذا المأزق يعود إلى أن الجنرالات لم يستوعبوا أهم إنجازات ثورة 25 يناير، وهى انتصار الإنسان المصرى على ذاته، وكسر كل حواجز الخوف التى كبلته لسنين طويلة، وهو الإنجاز الذى لن يستطيع أحد أن يسرقه أو يلتف عليه.
قد ينجح الجنرالات، ومن لم يزل يراهن عليهم ويلعب معهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، فى الالتفاف على بعض مطالب الثورة، بهذا القدر أو ذاك، وربما ينجحون فى اختطاف البرلمان، أو السلطة التنفيذية أو حتى رئاسة الجمهورية، لكن المؤكد أنهم سيسطرون فشلا تاريخيا غير مسبوق فى اختطاف مصر من أبنائها مرة أخرى. وربما كان من حسنات بث محاكمة الرئيس المخلوع على الهواء مباشرة، أن يشاهد الجميع كيف أن قفص الاتهام مازال به متسع لآخرين.
لقد نفذ رصيد المشير وجنرالاته، وعلى من لم يزل يراهن عليهم أن يتحمل مسئولية رهانه، ومن لا يصدق فليتذكر فقط، والذكرى تنفع المؤمنين، أنه صباح يوم 25 يناير عام 2011، لم يكن أحد يصدق أن «الرئيس الحالى»، سوف يصبح بعد أيام قليلة رئيسا مخلوعا متهما بالفساد والاستبداد. أما السادة الجنرالات، فلعلهم يلاحظون أن كل أصدقائهم فى نظام مبارك واجهوا تهم الفساد والاستبداد بعد خروجهم من السلطة مطرودين، وقد كان أمامهم طريق الخروج الكريم الآمن.
ليس مطلوبا إزاحة العسكر بالقوة، لكن المطلوب أن تمتد كل الأيادى الحريصة على الثورة ومطالبها، أكثر من حرصها على مصالحها الخاصة ومكتسباتها الآنية، لتلتقى عند نقطة الإسراع بانتخاب سلطة مدنية تتسلم الحكم وتعيد العسكر إلى ثكناتهم، وليدير الشعب صراعه الديمقراطى النزيه حول أسلوب الحكم ومقوماته، بعيدا عن «الفلول» و«المتحولون»، من بقايا نظام مبارك.
الشعب انتصر على ذاته وكسر حاجز الخوف والسلبية، هذا هو الدرس لمن يريد أن يتعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.