يخشى الفلسطينيون أن تؤدي مواجهتهم في الأممالمتحدة من أجل دولة إلى انعكاسات خطيرة على وضعهم المالي مع أن محللين لا يتوقعون تدهورا حادا في الاقتصاد المتردي أصلا. ورأى هؤلاء الخبراء أن الاقتصاد الفلسطيني سيتأثر قليلا في حال أوقفت الولاياتالمتحدة مساعداتها للسلطة الفلسطينية وأوقفت إسرائيل التحويلات الضريبية المستحقة للسلطة. وقال وزير الاقتصاد الفلسطيني حسن أبو لبدة إنه “إذا قررت الولاياتالمتحدة معاقبة القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني على مواجهتهما لها في مجلس الأمن، فسيؤدي ذلك بالتأكيد إلى مضاعفات اقتصادية يصعب تجاوزها”. وأضاف “كذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل. فإذا أوقفت تحويلاتها المالية من الضرائب والجمارك المستحقة لنا، فإن هذا سيضر حتما بالاقتصاد الفلسطيني”. من جهته، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصريحات نقلتها صحيفة الشرق الأوسط إن “الوضع المالي سىء وسيزداد سوءا”. وأشار أبو لبدة إلى أن الولاياتالمتحدة تمول عدة مشاريع تنموية في الأراضي الفلسطينية، موضحا أن هذه المشاريع “ستكون عرضة للتأجيل أو الإلغاء في حال نفذت (واشنطن) عقوبات ضد السلطة الفلسطينية”. وتفيد تقديرات السلطة الفلسطينية أن قيمة العجز المالي المتوقع في موازنة 2011 بلغت 967 مليون دولار. لكن فعليا، حملت موازنة السلطة الفلسطينية معها عجزا قيمته 100 مليون دولار من العام 2010، إضافة إلى عجز شهري بقيمة 30 مليون دولار منذ بداية العام الحالي حتى الآن. ولا تستطيع السلطة الفلسطينية توفير رواتب موظفيها البالغ عددهم حوالى 170 ألفا في الضفة الغربية وقطاع غزة في حال أوقفت إسرائيل تحويل شهر واحد من المستحقات الضريبية. وتبلغ قيمة هذه الرواتب حوالى 130 مليون دولار. ودفعت السلطة نصف رواتب موظفيها في يونيو الماضي بسبب الأزمة المالية بينما ساعدت الكويت الحكومة الفلسطينية بدفع رواتب يوليو بتقديمها نحو 50 مليون دولار. وتنفست الحكومة الفلسطينية الصعداء عندما أعلنت السعودية الإثنين تحويل مبلغ 200 مليون دولار إلى السلطة الفلسطينية. وعبر الرئيس الفلسطيني عن شكره للملك عبد الله بن عبد العزيز على “الدعم السعودي المتواصل” للشعب الفلسطيني خاصة أنه يأتي “مع التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن الدولي لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف”. إلا أن أبو لبدة قال إنه “ليس متأكدا” من أن العالم العربي يشكل بديلا يسمح للسلطة الفلسطينية بالاستغناء عن الدعم الأمريكي وعن مستحقاتها لدى إسرائيل. وأضاف أن “الدول العربية وخصوصا الغنية منها تعرف أن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى دعم متواصل”. وتابع “نحن إذ نشكر السعودية على تدخلها العاجل والمتواصل لدعم السلطة لكننا بحاجة ليس إلى تعهدات فقط بل لضمانات بدعم عربي متواصل يمكننا من الاستغناء على داعمين دوليين آخرين وهذه الضمانة غير موجودة”. من جهته، توقع المحاضر الاقتصادي في جامعة بيرزيت نصر عبد الكريم تقديراته ألا يحدث “اضطراب جوهري في العجلة الاقتصادية الفلسطينية عقب التوجه إلى الأممالمتحدة”. وقال لفرانس برس “قد يحدث تباطؤ وصعوبات آنية لكن لا أعتقد أنه سيكون هناك اضطراب جوهري”. وأضاف أن الولاياتالمتحدة وأصدقاء إسرائيل مثل كندا واليابان واستراليا “سيلجاؤون إلى خطوات احتواء بعد إفشال التوجه الفلسطيني لمجلس الأمن”. وكانت السلطة الفلسطينية تعرضت أازمة اقتصادية عام 2000 إثر الانتفاصة الثانية وكذلك في 2006 إثر فوز حماس في الانتخابات التشريعية. إلا أن عبد الكريم يقول إن الوضع والظروف مختلفة اليوم “خاصة في ظل الربيع العربي الذي اجتاح المنطقة العربية”. وقال “حتى أوروبا والدول الأخرى مثل الولاياتالمتحدة غير معنية بالتصعيد حتى حافة الانهيار، خاصة وأن الظروف العربية تختلف اليوم”. وتفيد تقديرات عبد الكريم أن الدول العربية ستكون بعد الربيع العربي “أكثر حماسة لتقديم أي مساعدات للسلطة الفلسطينية”. من جهته، قال وزير الاقتصاد الفلسطيني “يفترض ألا يسمح المجتمع الدولي والعربي بانفراد أمريكا وإسرائيل بمعاقبة الفلسطينيين”. وأضاف أبو لبدة “آمل ألا تأخذ أمريكا وإسرائيل خطوات فرض الحصار المالي على الشعب الفلسطيني”، موضحا أنه إذا تم ذلك “فإن إسرائيل وحدها هي من ستحمل تبعات هذا الحصار”. وأشار إلى أن “عدم وفاء السلطة بالتزاماتها يعني أن الشارع الفلسطيني سيجد صعوبة في تقبل السلطة”.