أصدرت «الثقافة العلمية»، مؤخرًا، مؤلفها ال12، بعنوان «التلوث الإلكتروني: التلوث الخفي»، للدكتور كمال شرقاوي غزالي، بغلاف الفنان فكري يونس، ليسلط الضوء على تضخم ظاهرة التلوث التي افقدت الأنظمة البيئية قدرتها على استيعابها، حتى صارت مصدر تهديد لصحة البشر وسائر الكائنات الحية على سطح الكوكب. تقرأ لكم «البديل» في فصول الكتاب، وخاصةً في الصور المتعددة للتلوث ومصادره، حيث يتوقف الكتاب عند صورة تستمد جانبًا من خطورتها الفائقة من كونها خفية، ذلكم هو التلوث الإلكتروني. اهتم الكتاب بتوضيح معالم هذه الصورة غير الظاهرة من التلوث، كما عرض بعض أساليب تلافي تأثيرها، وتناول في 110 صفحة من القطع المتوسط: «تعريف التلوث، التلوث الإلكتروني، الشوادر الحرة، الأشعة النووية أو الذرية، الحلول المقترحة لتجنب التلوث الإلكتروني». وقدم «غزالي» كتابه، قائلًا: نبدو كما لو كنا نعيش في غابة شاسعة من الإلكترونيات، تحوم فوقنا وتتسلل من تحتنا وتمرق حولنا وأمامنا، وتتطاير بجوارنا في الجو المحيط بنا، بل وفي كل مكان نحل به، ونصطدم بها وتصطدم بنا، دون أن نشعر أو نحس بأثر ذلك. ليعود ويؤكد أن كل تلك الأجهزة والآلات صارت ضرورة حضارية لحياة البشر لا يمكن الاستغناء عنها، مع توضيح خطورتها، وخاصةً الدوائر الإلكترونية الخاصة بالأجهزة الكهربائية التي تتداخل مع عمل المخ ووظائف الخلايا العصبية فيه، بما لا يمكن تحديده وتشخيصه في الوقت الحالي، مؤكدًا أن هذا هو سر خطورتها. وفي فصل الكتاب الأول، عرف التلوث بشكل عام على أنه تغير نوعي أو كمي في مكونات البيئة الحية وغير الحية، على أن يكون هذا التغير خارج مجال التذبذبات الطبيعية لأي من هذه المكونات، بحيث يؤدي إلى الإخلال بالاتزان الطبيعي، مما يسبب تأثيرًا مباشرًا وغير مباشر على النظام البيئي. وبأسلوب أبسط عرفهالمؤلف على أنه أي تغير كيميائي أو فيزيائي أو بيولوجي يؤدي إلى تأثير ضار على الهواء أو الماء أو التربة أو صحة الإنسان والكائنات الحية. كما قسم الفصل ما بين الحديث على كل شكل من أشكال التلوث على حدى، منددًا بالمخاطر التي يسببها التلوث من حجب الضوء عن البيئة المائية، وهلاك الكثير من الكائنات الحية، وتراكم الملوثات في أنسجة الكائنات وانتقالها في السلسلة الغذائية من مستوى إلى آخر، وتغير تركيب البيئة بما فيها من مواد عضوية غذائية، مما ينجم عن اختفاء بعض الأنواع وتكاثر البعض الآخر، واختلال العديد من الوظائف الحيوية. واختتم الفصل الأول بأنواع التلوث والتعريف بها، وهي التلوثات «الكيميائي، البيبولوجي، السمعي، الحراري، الإلكتروني، الإشعاعي»، ثم أنواع الملوثات، والتي قسمها إلى الملوثات «الكيميائية، الفيزيائية، البيولوجية، القابلة للتحلل البيولوجي، غير القابلة للتلل البيولوجي». وخصص فصله الثاني للحديث بشكل تفصيلي عن التلوث الإلكتروني، ليعرفه على أنه كل ما يمكن أن يتمخض عن الإلكترونيات، من أضرار وأخطار، وتنحصر مصادره في المجالات الكهرومغناطيسية، التي تنبعث من «شبكات الضغط العالي، وأجهزة الإرسال والبث الإذاعي أو التليفزيون، وأجهزة الردار والكمبيوتر، والأجهزة الكهربائية المنزلية، وأجهزة وأبراج التليفون المحمول، والميكروويف أو الموجات القصيرة، والأشعة الكونية، والأشعة السينية أو أشعة إكس، وأشعة جاما، والأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء»، موضحًا كل مصدر ببعض الصور للتبسيط والشرح. وبعد عرضه للأشعة النووية والذرية وأنواعها بالتفصيل، كأحد أخطر مصادر التلوث، قدم «غزالي» في نهاية كتابه الحلول المقترحة لتجنب التلوث الإلكتروني، وكان أهمها تجنب كل مصادر التلوث الإلكتروني، خاصة التعرض للموجات الكهرومغناطيسية الصادرة من شبكات الضغط العالي، وتجنب الإقامة والجلوس لفترات طويلة بالقرب من أماكن استقبال الإشعاعات الصادرة من الأجهزة الكهربائية. بالإضافة إلى الحرص على إخلاء البيت، وخاصة غرف النوم من مصادر الموجات الكهرومغناطيسية، وتجنب الاستخدام الدائم لفرن الميكروويف في الطهي، كما ينصح العلماء باستخدام شاشات عالية الجودة وذات مقاس لا يقل عن 15 درجة، وأن يجلس الإنسان على بعد 50 سم على الأقل عن ششة الكمبيوتر، والسير على الأرض أطول فترة ممكنة لكون الأرض سالبة الشحنات، وتقوم بسحب الشحنات الموجبة من الجسم. ونصح أيضًا بالتخلص الآمن من النفايات الإلكترونية للأجهزة الكهربائية، خاصةً الكمبيوتر والتليفزيون، من خلال عمليات التدوير لمكوناتها أو التي تحتوي على مضادات الأكسدة، والتي تتمثل في الفيتامينات (a,c,e)، وباختصار فإن مضادات الأكسدة هي بمثابة نظام دفاعي ضد الأكسدة التي تسببها ذرات الأكسجينالشاردة لحماية الخلايا من أضرارها. وصدر للدكتور كمال شرقاوي غزالي، عضو أكاديمية العلوم الأمريكية، عدة مؤلفات مرجعية في التخصص العلمي، بالإضافة إلى مؤلفاته في مجال الثقافة العلمية للكبار، وتبسيط العلوم للصغار، والمؤلفات الأدبية في مجال القصة والرواية، كما انه فاز بجائزة نادي القصة عام 1998 بالقاهرة، و1981 بالإسكندرية، وتخرج في كلية العلوم جامعة الإسكندرية عام 1976، وعين رئيسًا لقسم العلوم البيولوجية بكلية التربية بذات الجامعة.