تقدم فتاة الثورة إلى المحاكمة العسكرية، ومعها ومن قبلها قدم أثنى عشر ألف من الشباب إلى المحاكمات العسكرية، وتضرب أمهات الشهداء وهم يطالبون بالقصاص لأبنائهم، وتختفي أم شهيد وابنتها ولا يسأل أحد ، ولا يبالي أحد، ويتغير الإيقاع وعلى الشاشة تعود الوجوه نفسها لتعلن: نعم نحب مبارك، والفقر والأسى والعهر مازالوا يعربدون في الطرقات، والوطن مستباح، وتنتظر زوجة الشهيد وأمه وأطفاله أن يعود بما وعد به يوم أن خرج، الخبز والحرية، فلا يرجع لهم سوى الموت وجسده المدمى. وترتفع يد جمال مبارك بعلامة النصر، وتضيق الحلقة وتضيق، وتشتد القبضة، وما كان مستترا خفيا عاد جليا ساطعا، كل الخطوط أصبحت حمراء عدا دم الشهداء ودموع الأمهات ودم الثورة، وعاد العسكر يتصدرون المشهد، جاءت الثورة لهم بما لم يقدروا هم عليه، إزاحة مبارك وابنه ليخلو لهم الطريق ليصعد على الكرسي واحدا منهم، لن يقبلوا بغير ذلك، ويعلم الجميع، لم تكن مصادفة أن يهتف أصحاب الجلاليب القصيرة في التحرير بأنهم يريدون المشير أميرا، فعندهم الخبر اليقين، لم يهز الفنجري إصبعه في وجه مصر عبثا إنه يحدث عن التالي، عن اليوم الذي يصبح فيه ذكر اسم واحد منهم جريمة تستوجب المحاكمة العسكرية، كما كان يحدث في بداية الستينيات، ولكن هذه المرة بلا غطاء سياسي أو وطني أو إجتماعي كما قدم عبد الناصر، لا غطاء سوى المحاكمات العسكرية، وهو غطاء لا يكفي شعب مصر، والأيام آتية.