"أبا خالدٍ.. يا قصيدةَ شعرٍ.. تقال فيخضرُّ منها المداد… إلى أينَ يا فارسَ الحُلمِ تمضي.. وما الشوطُ، حينَ يموتُ الجوادْ ..إلى أينَ .. كلُّ الأساطيرِ ماتت بموتكَ.. وانتحرتْ شهرزادْ" بهذه الكلمات كتب الشاعر نزار قباني رثاء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي علٌم الأمة العربية كيف تكون العزة والكرامة. "عبد الناصر" لم يكن رسولًا ولا نبيًا ولا معبودًا بمثل ما يوصف به من كارهيه، بل إنسان أصاب وأخطأ وبالمجمل لم يخن عهدًا أو يبدد أمانة، ولأجل هذا لا يفارق الخاطر على طوال الدوام ليبقي في ذكري الرحيل دائم الحضور في ذاكرة وطنه، وأن يظل الحلم بأن تأتي المقادير بمن يحذو حذوه ويقود مصر نحو الأمام، على الرغم من مرور 43 عاما على رحيله، يظل الغائب الحاضر والجندي الثائر الذي سطر معاني الحرية بأحرف من نور. كان هو القائد الذي وهب نفسه من أجل كل العرب، وعمل من أجل تحرير الوطن العربي والقارة الإفريقية وكل المستضعفين من هيمنة الاستعمار، فحرر الفقراء وقاتل مع الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج حتى التحرير الكامل، وقاد الشعب المصري ليكون في طليعة الشعوب في العالم التي تحرض على مقاومة المستعمر، وحرص على أن تكون مصر في عهده منارة العلم والتحرير، وقاد معركة التنمية فبنى السد العالي وأمم قناة السويس، وأعاد حقوق مئات العمال المصريين الذين ماتوا في حفر القناة، وكان عادلاً فوزع الأراضي الزراعية على الفلاحين والفقراء فحولهم من أجراء إلى مُلاك. وُلد "الجندي الثائر" يوم 15 يناير عام 1918، في قرية بني مر بمحافظة أسيوط ، وهو ثانى رئيس للجمهورية المصرية وهو نفسه قائد الثورة الذى أطاح بالملك فاروق عشية يوم 23 يوليو 1952، لينهي حكم الملكية فى مصر بعد ما يقرب من 150 عاماً، ويبدأ في مصر عهداً جديداً، وهو أيضاً الرئيس المصرى الذي منح العمال في مصر ما لم يمنحه لهم رئيسا آخر قبله ولا بعده، فأصدر في عام 1957، عقب ثورة يوليو بخمس سنوات، قانونا يمنع الفصل التعسفي للعمال، هذا قبل أن يصدر القرارات الاشتراكية عام 1961، التي نقل بمقتضاها ملكية وسائل الإنتاج إلى الدولة، ومنح العمال الحق في أن يشتركوا في إدارة مصانعهم التي يعملون بها، وخفض ساعات العمل إلى سبع ساعات، وحدد الحد الأدنى للأجور ب25 قرشاً فى اليوم، ووضع قانون التأمينات الاجتماعية ضد العجز والشيخوخة والبطالة والمرض. وصفه الشاعر العراقي "الجواهري" بأنه كان كثير المجد والأخطاء، وهو ما جعله خالدا في قلوب محبيه حتى بعد مرور أكثر من أربعة عقود على رحيله، وجعل كارهيه أيضا لا يذكرون له إلا أن نكسة 1967 كانت في عهده، والحقيقة أنه الرئيس الوحيد الذي آمن بأن الشعب هو القائد والمعلم، وبغيابه أصبح هناك تحولا كبيرا وتراجع وتخلف اجتماعي وسيطرة لجماعات إسلامية متطرفة ومتشددة على مواطن العمل الاجتماعي نتج عنها انتهاك لحقوق المرأة والمستضعفين كافة، وبدلاً من إعادة الحقوق للمواطنين العرب أصبح المواطن العربي يعيش على فتات الصناديق والجمعيات الخيرية ؛لذلك نحن أصبحنا بحاجة إلى فكر وثورية جمال عبد الناصر.