وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    عاجل:- نقيب الفلاحين: 20 جنيهًا تراجعًا في سعر كيلو الطماطم اليوم    محافظ البحيرة: إحلال وتجديد مدخل المنطقة الصناعية بالطرانة في حوش عيسى    المالية: زيادة مساهمة ودور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح المالي والاقتصادي خلال المرحلة المقبلة    محافظ قنا يشهد استلام لحوم صكوك الأضاحى ضمن مبادرة «بداية» تمهيدًا لتوزيعها على المستحقين    "مياه أسيوط" تواصل فعاليات مبادرة "بداية" بين طلاب مدارس مركز الفتح    الكرملين: اغتيال نصر الله يزعزع الاستقرار بشكل خطير في الشرق الأوسط    الصحف الألمانية تتغنى بالفرعون المصري عمر مرموس بعد أدائه المميز أمام هولشتاين    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    مدرب منتخب الشاطئية يطالب الجبلاية بتوفير مباريات ودية    ضبط 40 كيلو حشيش بقيمة 3 مليون جنيه في الإسكندرية    منخفض جوي جديد.. 6 تحذيرات من الأرصاد للمصريين    إصابة شخصين إثر انقلاب سيارة واشتعال النيران بها بصحراوي المنيا    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    حملة دعاية واسعة استعدادا لانطلاق الدورة 7 لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    غدًا.. ديفيليه استعراضي لفرق مهرجان الإسماعيلية الدولى للفنون الشعبية 24    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الاعتداء الإسرائيلي على عين الدلب إلى 45 قتيلا و70 جريحا    نائب رئيس جامعة بنها تتفقد الدراسة بكليتي العلوم والهندسة    وكيل شعبة الكهرباء: الفتح والغلق المتكرر للثلاجة يزيد الاستهلاك    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    بمشاركة 115 دولة.. كلية الإعلام بالجامعة البريطانية تنظم المهرجان الدولي للأفلام    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    جريزمان يعلن اعتزاله اللعب الدولى مع منتخب فرنسا    وزير التعليم يتفقد 6 مدارس بحدائق القبة لمتابعة سير العام الدراسي الجديد    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    41615 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    ضبط دجال بالإسكندرية يروج لأعمال السحر عبر مواقع التواصل    شخص يتهم اللاعب أحمد فتحى بالتعدى عليه بسبب ركن سيارة فى التجمع    فريق هاريس يتودد للجمهوريين لكسب تأييدهم للمرشحة الديمقراطية بانتخابات أمريكا    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات والتداولات تتجاوز 2.6 مليار جنيه    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    موعد مباراة السد القطري ضد استقلال طهران اليوم في دوري أبطال آسيا والقنوات الناقلة    أبو ليمون يتابع تطوير كورنيش شبين الكوم والممشى الجديد    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    بالصور.. نجاح فريق طبي في استئصال ورم نادر بجدار الصدر لشاب بأسيوط    بشير التابعي: الأهلي كان مرعوب.. وممدوح عباس سبب فوز الزمالك بالسوبر الافريقي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.محمد السيد السعيد : نحو مفهوم مصري للديمقراطية
نشر في البديل يوم 26 - 09 - 2013

أولا: لابد أن يبدأ أى مفهوم مصرى للديموقراطية بالاعتراف بأن مصر هى جزء لا يتجزأ من المجتمع الدولى ، وأن الديموقراطية التى نعنيها هى فى الجوهر تلك التى جربتها البشرية وطمحت لها فى دول كثيرة من دول العالم ، وأنها تنبنى على خبرات مشتركة بين مختلف الشعوب ، وليست شيئا يتم تعريفه لأول مرة، ولا هى مفهوم يؤخذ تعسفا كما حدث مثلا فى دول حلف ارسو السابقة مع مفهوم الديموقراطية الشعبية ، أو مع دول أخرى لا ديموقراطية استخدمت المفاهيم التنمويه على ممارسات شمولية أو تسلطية بعيدة كل البعد عن الديموقراطية .
ثانيا: لابد أيضا أن يبدأ أى مفهوم مصرى للديموقراطية بالاعتراف بأن مصر هى أيضا كيان ثقافى متميز ومنتمى إلى عدد من الدوائر الحضارية المتداخلة ، كما أن لها ظروفها الاقتصادية والاجتماعية الخاصة، وتقاليدها السياسية الممتدة والمتجذرة وخاصة فيما يتعلق بالتأكيد على قيم العدالة، وأنها قادرة على إثراء مفهوم الديموقراطية والتمتع بتجربته الأصيلة لا تقوم على تقليد أو نسخ لغيرها من التجارب، وأن التفوق لتجربة ديموقراطية أصيلة لا يمكن أن يعنى الاجحاف بأى شكل من الإشكالى بالقيم المشتركة للإنسانية أو بالمبادئ والمعايير الأساسية للديموقراطية ، وإنما يعنى تجسيد هذه القيم بصورة تستجيب للحاجات الاصيلة والمشروعه لكل القوى الاجتماعية الكبرى ، ولحاجات البلاد ككل ، وللضرورات التى يمليها التكوين الثقافى الفريد لمصر .
ثالثا: ومن المفيد أن نؤكد أيضا على الديموقراطية ليست مجرد نظام سياسى أو كيان قانونى شكلى فحسب، وأن لها ماهية أو فحوى يلتمسها الناس بالتجربة وبالممارسة أيضا، وأن كل استخدام لقاعدة قانونية شكلية ديموقراطية لتحقيق نتائج معاكسة للهدف منها أو للغرض الذى وضعت لتحقيقه هى غدر بالديموقراطية وإجحاف بها، ومن هذا المنطلق فإنه يجب أن نضع نصب أعيننا الفحوى الجوهرية للديمقراطيه فيكل العصور، وهي أنها النظام الذي يقوم علي سلطة الشعب وسيادة الأمة.
4_ وبصورة عامة فإن الممارسة الديموقراطية هي الجانب الأكثر أهمية، وهي تتم علي ثلاثه مستويات: مبادئ عامة وأساسية لا يجوز خرقها، ولا يقبل أن يتم تنظيمها بصورة تؤدي إلي مصادرتها، وتنظيم محدد للعلاقة بين سلطات الدوله والمجتمع تشمل تقريب السلطه للشعب، وبناء نظام نيابي يقوم علي الانتخابات العامة الدورية والنزيهة، ونظام حكم يقوم علي مبدأ حكم الأغلبية مع الاحترام التام لحقوق الأقلية، ووضع ضمانات تحول دون تركيز السلطة أو احتكارها أو تأبيدها مع وضع الأسس السليمة التي تضمن ممارسة الحكم بصورة فعالة وفي حدود حكم القانون .
5_ وتحتاج الديموقراطية إلي شروط تمهيدية أساسية، وهي شروط تسمح بتطور ديموقراطي سليم وصحي دون أن تكون بذاتها جزءا من تعريف الديموقراطية .وتشمل هذه الشروط العناصر الأساسيه التالية :
أ‌) استقلال الإ رادة الوطنية : اذ يستحيل أن تعيش الديموقراطية في ظل فقدان الاستقلال السياسي والحد الأدني من الاستقلال الاقتصادي الوطني . وبينما انتهي عصر الاستعمار التقليدي، ولا تواجه مصر خطرا داهما باحتلال جزئي أو كلي لأراضيها وترابها الوطني فإنها تعاني من مستوى مرتفع للغاية من التبعية الاقتصادية والتعرض الاستراتيجي الأمر الذي يفقدها جانبا كبيرا من استقلال القرار الوطني . وبدون إغلاق نافذة الانكشاف الاقتصادي والاستراتيجي يصعب تصور تحقيق الديموقراطية، لأن القرارات الحقيقية التي تؤثر علي رفاهية الوطن والمواطن تصدر في هذه الحالة عن قوى خارجية مهيمنة . إننا نؤكد علي ضرورة بناء وتطوير المنعة الاسترتيجية المصرية سواء بصوره منفردة أو بالتعاون مع الدول العربية والدول المحبة للسلام .
ب‌) التوافق علي القيم الجوهرية للمجتمع وأركان ثقافته الوطنية مع الوعي بالإضافات العظيمة التي يمكن أن تؤدي إليها الممارسة الثقافيه الخلاقة والأصلية التي تترجم الأهداف السامية والأساسية للمجتمع والأديان السماوية .ونعتقد أن هناك ضرورة علي التوافق علي الدور الكبير الذي يلعبه الإسلام وتلعبه المسيحية في تكويننا الثقافي والأخلاقي القومي . إن تعزيز هذا الدور مطلوب وضرورى. ويجب البناء علي القيم الأخلاقية الرفيعة التي أرسلتها المسيحية وأكدها الإسلام في أرض مصر، وفي نسيجها الحضاري والمجتمعي. إن جانبا من هذا التوافق يقوم على استبعاد بناء دولة دينية بمعني منح أى جماعة وخاصة رجال العلم الديني امتياز حكم البلاد.
ت‌) وبالمقابل فان بناء الدولة ونظامها وسياساتها يجب أن لا يصطدم أو يتناقض مع قيم أساسية للدينين الإسلامي والمسيحي.
ث‌) ولا شك أن التوافق علي القيم السياسية والأساسية في كل المجتمعات الديموقراطية يشكل شرطا بديهيا . ويجب بصورة خاصة التوافق علي معاني الاعتراف بالآخر، والتسامح السياسي والفكرى، وحقوق المواطنة المتساوية، وإقامة الممارسة السياسية؛ علي قاعدة المشاركة في الوطن والمساواة في حقوق المواطنة، واستبعاد كل صور التمييز، علي أساس الدين أوالجنس أوالاصل العرقي أو جهة الميلاد والاقامة او أى اعتبار غير شخصي آخر. ويجب بصوره خاصة أن تتم مكافحة جميع صور الطائفية وتأكيد الوحدة الوطنية وأبعاد المؤسسات الدينية عن المجال السياسي, واعتبارها مرافق عامة مفتوحة ومتاحة للجميع يرأسها أشخاص يتمتعون بالاحترام العام علي ألا يسمح لهم بمزاولة الوظائف أو الادوار السياسية الحزبية أثناء شغل وظائفهم الدينية. وفي الحد الأدني يجب إقامة العلاقات الدينية علي اساس التسامح والاحترام المتبادل وتحصين المعتقدات الدينية من الهزؤ والسخرية أو الاهانة دون إجحاف بحق المناقشة العاقلة والمفيدة لكل الأفكار والنصوص أو الممارسات في سياقات تضمن حرية البحث والابداع.
ج‌) إننا نعتبر أيضا أن تحقيق الحد الأدني من النهوض الاقتصادى والمجتمعي شرط ضروري لمواصلة وتنمية تجربة ديموقراطية ذات معني وقابلة للحياة والازدهار. وفي هذا السياق، فإن أى نظام ديموقراطي في مصر يفقد جانبا كبيرا من ضرورته إن لم يمكن المجتمع من الانطلاق النهضوي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإحداث قطيعة نهائية مع الفقر والتخلف.
أولا : المبادئ الأساسية للحكم الديموقراطى:
1_ يجب أن يتم إقرار جميع الحقوق الأساسية للإنسان والمنصوص عليها في الشرعه الدولية لحقوق الانسان، وبصورة خاصة في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية باعتبارها مبادئ جوهريه في النظام الديموقراطي في مصر.
2_وبصورة خاصة يجب تقنين الاعتراف بحقوق التعبير _ وخاصة في الصحافة ومنابر الإعلام المختلفة – والحق في المعلومات وحقوق التجمع والتنظيم المدنى والسياسي بما يضمن ويعزز في نفس الوقت التعددية السياسية. يعني ذلك الحق في تأسيس وامتلاك الصحف والقنوات الإذاعية والتلفازية، والحق في تأسيس الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة والصالونات والتجمعات والمنابر الثقافيه والنقابات العماليه والمهنية، وغيرها من المنظمات والجمعيات السياسية والدينية بحرية وبدون حاجة للحصول علي ترخيص على أن تتم مزاولة هذه الحقوق بصوره سلمية وعلى وجه لا يجحف بحقوق الآخرين.
3_ يمثل مبدأ حكم القانون حجر الزاوية في النظام الديموقراطي، ويجب القيام بإصلاحات تشريعية شاملة لتطهير التقنينات المرعية في مصر من كل الخروق الجسيمة لحقوق الإنسان والحريات العامة ومبادئ العداله والمساواة، وتمكين النظام الوقائي من امتلاك آلياته الخاصة في تطبيق القانون، ومد حمايته للجميع بدون استثناء وعلي قدم المساواة، وانجاز عدالة ناجزة وسريعة . ويجب أن يسمح النظام السياسي بفتح الباب أمام الحق في رفع – أو تحريك – الدعوى العمومية لتحقيق أغراض وأهداف عامة تتفق مع القيم المرعية في المجتمعات الديموقراطية، ولا تصادر على أى نحو الحريات والحقوق الاساسية للإنسان، أو تتدخل في الحياة الخاصة إلا في أضيق الحدود، وبما يتفق مع أفضل المعايير في جميع النظم القانونية.
4_ تشمل الحقوق الأساسية في المجتمع الديموقراطي استقلال المؤسسات الدينية , وصدور قوانين تفتح الباب أمام الاختيار الحر سواء بالتصويت أو التراضي أو الوسائل الأخري المناسبة لمستوياتها القيادية.
5_ لا يمكن الفصل بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بل هما غير قابلين للفصل ومتكاملان. وفضلا عن الاعتراف بالملكية الخاصة والملكية التعاونية والعامة يجب أن يلتزم أى نظام ديموقراطي بأولوية اقتلاع الفقر، وضمان مد مظلة التأمين الصحي وشبكه الامن الاجتماعي للجميع بما يضمن الحاجات الأساسية .تتقدم الممارسة الديموقراطية بتأكيد وصيانة التوازن في المصالح بين القوى الاجتماعية المختلفة، وذلك من خلال تعدد أساليب الإنتاج وضمان أعلى مستوى ممكن من عدالة التوزيع.
ثانيا : الحكم الديموقراطي
1_ تعني الديموقراطية سيادة وسلطة الأمة والشعب، ويجب أن تحتفظ الممارسة السياسية الفعلية علي هذا المعني بكل الوسائل الممكنة. فإضافة إلى الوسائل النيابية يجب أن تشجع القوانين والممارسات الفعلية علي مشاركة المواطنين كأفراد وباعتبارهم هيئات أو جمعيات عمومية للمؤسسات العامة في اتخاذ القرارات وصنع السياسات . أن مستويات معنية من الديموقراطية المباشرة صارت ممكنة بل وضرورية لترجمة مبدأ سيادة الشعب، وسلطته، من خلال كل الوسائل الضرورية للتعرف على ارائه في السياسات المختلفة.
2_ تقوم التجربة الديموقراطية المصرية علي تقريب السلطه للشعب بشتى الوسائل، وعلى رأسها نظام فعال للحكم المحلي يتيح للمجتمع على مستوياته القاعدية فرصة السيطرة علي الشروط المباشرة للحياة الاجتماعية، وسلطة اتخاذ قرارات أساسية لحشد وتعبئة القدرات من أجل التنمية، وإطلاق قدرات النهضة . ويتم انتخاب جميع مستويات الإداره والحكم المحلي من عمد القري حتى المحافظين، كما يتم وضع خطط لتعزيز الترابط المجتمعي، واستعادة حس الجماعة، والانطلاق منها لتحقيق النهوض بما في ذلك الأشكال المختلفة للتضامن الاجتماعي وتوفير الأمن والحماية ، دون اجحاف بالفرد أو حقوقه وحرياته. تقريب السلطة من الناس هي أهم مجال للاجتهاد والإضافة إلى التجربة الديموقراطية المصرية، ويجب فتح باب الاجتهاد في هذا الحقل إلي أقصي حد ممكن.
3_ تقوم التجربه النيابية المصرية علي تأكيد سلطة الشعب، وذلك من خلال تأكيد الصلة المتواصلة والحميمة بين النواب وناخبيهم، وفتح الباب أمام الناخبين لمحاسبة نوابهم في أى وقت، والتزام النواب باستشارة ناخبيهم حول مختلف القضايا التشريعية والرقابية. وتتمتع المستوايات النيابية المختلفة بسلطات حقيقيه تشريعية ورقابية.
4_ ويتأسس النظام الدستورى المصرى علي مزج ملائم بين خصائص النظامين الرئاسي والبرلماني بما يعزز سلطات البرلمان، ويضمن في نفس الوقت أكبر قدر ممكن من توازن السلطات. وتشكل الحكومة من الحزب او الأحزاب التي تتمع بأغلبية في البرلمان، حتى لو كان رئيس الجمهورية منتخبا ويتمتع بصلاحيات حقيقيه في مجالات يسميها الدستور. ويجب وضع دستور جديد ينقل مصر إلى النظام الديموقراطي بصوره حاسمة، وذلك بواسطه جمعية دستورية تتشكل بنسبة الثلثين بالانتخاب العام , وبنسبة الثلث من شخصيات عامة وعلمية وفكرية وشخصيات أخري مشهود لها بالدور البارز في الحياة المجتمعية، أو بإنجازات خارقة أو تمثيل قطاعات استراتيجية من المجتمع.
5_ يجب في كل الأحوال ضمان الاستقلال التام للنظام القضائي، ويكون النائب العام محاميا للشعب وحافظا لحقوقه المدنية والسياسية، ويتم انتخابه إما في تصويت شعبي عام أو من جانب الجمعية العمومية لمحكمة النقض أو بوسائل أخرى تضمن أن يتمتع بالاستقلال عن السلطه التنفيذية، وأن يقوم بدوره العدالي بما يتفق مع نص وروح القانون والدستور والمواثيق الدولية لحقوق الانسان.
6_ يتأسس مجلس الوزراء من الحزب أو الأحزاب ذات الأغلبية في البرلمان، ويحصل علي ثقته ويمكن للبرلمان إقالة الحكومة أو أى وزير منها . ويجب أن يكون للمجلس اختصاصات ذاتية وخاصة به، ومستقلة عن الرئيس حتى في ظل نظام يحمل ملامح رئاسية. ويمكن للرئيس والمجلس أن يتشاورا حول الوزارت السيادية، ولكن مصر تتطلع لليوم الذي يكون فيه جميع الوزراء والتنفيذيون الآخرون مدنيون، وقت اختيارهم أو انتخابهم لتولي وظائفهم.
7_ لا يمكن الإجحاف بحقوق الإقلية في النظام الديموقراطي. ويمكن للاقلية البرلمانية أن تشكل حكومة ظل، وأن تشارك بفعالية الرقابة علي أداء الحكومه الفعلية وأن تقترح القوانين والتشريعات فضلا عن كل الوظائف النيابية الأخرى.
8_ يجب أن يضمن النظام الديموقراطي تتمتع الادارة العامة بقدرات حقيقية، وأن تمثل عنوانا سليما لاستمرار الدولة مع تغير الحكومات. وتتطلع الأمه المصرية إلي موقف مستقبلي يمكن الإدارة العامة من القيام بوظيفتها خير قيام، باعتبارها القيادة الطبيعية للتنمية والنهوض الوطني، وهو ما يجب ان يتم خلال إعادة بناء منظومة دولة ذكية، تجند لوظائفها أعلي مستويات المهارة الممكنة، ولا تعامل كمستودع للموظفين أو كآلية لامتصاص البطالة . ويتم اعادة تعرف دور الدولة دوريا بما يضمن أن تقوم بأدوارها التقليدية والتنمية بكفاءة عالية، وأن تشكل قاطرة للمجتمع، وخاصة فيما يتصل بالتنمية البشرية، وحفز وتشجيع الإبداع التكنولوجي والعلمي والثقافي، وتوفير العلومات والمكونات الأخري الضرورية لإطلاق قدرات النهضة في مصر.
ثالثا : الضمانات الأساسية للنظام الديموقراطي
1_ يجب إيجاد آلية دستورية تضمن عدم المساس أو الاجحاف بالنظام الديموقراطي حتى من جانب أغلبيه برلمانية منتخبة ولو كانت تسيطر علي أو تحتكر البرلمان. ودون الإجحاف بالحياد السياسي للقوات المسلحة وقوات الأمن يجب أن تقوم هذه القوات بحماية النظام الدستورى الديموقراطي، وأن تضمن عدم تحريف آلياته الدستورية لمصلحة حزب أو حركة أيا كانت. ويمكن لضمان هذا الغرض أن يتشكل مجلس دستورى يضم فعاليات متنوعة وتشمل رجال قضاء وعسكريين بحكم مناصبهم لحمايه الدستور أو للقيام بمباشرة مهام السيادة العليا.
2_ يؤكد النظام الديموقراطي علي مبدأ المسائلة، ويكون جميع من يتولون الوظائف العامة التنفيذية والنيابية وأمام القضاء عن جميع تصرفاتهم أثناء تولي وظائفهم، ويمتنع عليهم ممارسة أى نوع من الأعمال الخاصة أو إجراء عمليات أعمال أثناء تولي وظائفهم. ويمتنع على أولادهم وأقاربهم من الدرجه الأولي القيام بأعمال ترتبط أو تختلط مع وظائف آبائهم أو العكس .
3_ يتم وضع حدود قصوي علي مدد تولي الوظائف العامة، بمدتين فقط، أو عشر سنوات متصله أو متقطعة.
ورقة ألقيت بندوة "تعزيز مساعي الديمقراطية في مصر" بالتعاون مع مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مارس 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.