تباينت آراء المحللين السياسيين حول الأسباب وراء المصير المأساوي لغالبية رؤساء مصر في العهد الجمهوري، حيث رأى بعضهم أن الصراع على السلطة والتحالف مع التيار الديني، والرغبة في توريث الحكم، وانتشار الفساد وضعف الإيمان بالديمقراطية من أسباب هذا المصير، وعزا محللون آخرون هذا المصير إلى "فقدان شرعية الإنجاز"، والخلفية العسكرية لغالبية الرؤساء، مشيرين إلى أن "نهاية العسكريين إما القتل أو السجن". جاء ذلك في وكالة الأنباء "شينخوا"، حيث قال المحلل السياسي "نبيل زكي" إن الرئيس الراحل "محمد نجيب" تعرض لأزمات أثناء توليه الحكم بسبب تمسكه بتطبيق الديمقراطية، والصراع على السلطة مع مجلس قيادة الثورة بزعامة جمال عبد الناصر. وأضاف "زكي" أن الصراع السياسي بين "نجيب" ومجلس قيادة الثورة انتهى إلى اتخاذ الأخير "إجراءات غير لائقة" ضد "نجيب"، تضمنت إعفاءه من منصبه ووضعه تحت الإقامة الجبرية. وتابع "زكي" قائلاً "أما الرئيس الراحل أنور السادات فدفع ثمن تحالفه مع التيار الديني المتطرف، الذي اصطدم به لاحقًا بعد أن اتهم هذا التيار السادات بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية، واغتاله أثناء الاحتفال بذكرى الانتصار في حرب أكتوبر ضد إسرائيل". وقال "زكي" إن قتلة السادات لم يذكروا في كل التحقيقات التي أجريت معهم أنهم اغتالوه بسبب توقيعه على اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل. وعن الرئيس المخلوع "حسني مبارك"، قال "زكي" إن نظامه سقط لأن المصريين خرجوا في 25 يناير 2011 مطالبين بإسقاط النظام. وأوضح "زكي" أن الثورة قامت ضد "مبارك" بسبب ما تردد عن رغبته في توريث الحكم لابنه "جمال"، وانتشار الفساد الذي اتسعت دائرته بشكل غير مسبوق في عهده، واحتكار الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، الذي كان يترأسه مبارك للسلطة والقرار السياسي. وحول الرئيس المعزول "محمد مرسي" رأى "زكي" أن أسباب الإطاحة به تتمثل في أنه ركز منذ وضع قدمه في قصر الرئاسة على "قضية الأخونة" فقط، أي وضع كوادر جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها، على رأس مؤسسات الدولة للسيطرة عليها، وضمان بقاء الإخوان في الحكم، وقطع الطريق على أي تداول سلمي للسلطة، حيث سيطر الإخوان على الوزارات والمحافظين والمحليات. وأشار زكي إلى أن مرسي كان يتلقى القرارات من مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان، والذي لم ينتخبه الشعب، فضلاً عن "قيامه بزرع أتباعه في كل مكان حتى لو كانوا عديمي الكفاءة؛ مما خلق منظومة من الفساد"، ولفت زكي إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي والخدمات وعدم ضبط الأسعار، وترك الشعب فريسة سهلة لمجموعة من التكفيريين كانت أيضًا من أسباب سقوط مرسي. وتابع زكي قائلاً إن "مرسي كان حريصًا على أن يملك صلاحيات مطلقة، لا تقل عن سلطات مبارك". ورأى زكي أن القاسم المشترك بين رؤساء مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952 هو "عدم الإيمان بالديمقراطية، فحتى انحياز الرئيس الراحل محمد نجيب للديمقراطية جاء متأخرًا، وتفشي الفساد في عهدهم". واعتبر زكي أنه لا علاقة بين الخلفية العسكرية لغالبية الرؤساء ومصيرهم، مشيرًا إلى أنه بعد تولي جمال عبد الناصر الرئاسة، لم ينظر الناس له على أنه عسكري، بعد أن قام بتأميم قناة السويس وشيد السد العالي، وكذلك الأمر مع السادات لحد ما. في المقابل ربط الدكتور "صلاح زرنوقة"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بين الخلفية العسكرية لغالبية رؤساء مصر ومصيرهم، بقوله إنه من خلال الاطلاع على تاريخ رؤساء الدول يتضح أن "نهاية الرؤساء العسكريين إما القتل أو السجن"، و"ورؤساء مصر ما داموا من خلفية عسكرية ينطبق عليهم ذلك". وأضاف "زرنوقة" قائلاً إن "مرسي استثناء أي أنه ليس ذا خلفية عسكرية، لكنه لقي نفس المصير، رغم أنه مدني منتخب في انتخابات نزيهة جرت عقب ثورة؛ لأنه فقد شرعية الإنجاز"، وتابع "زرنوقة" قائلاً إن "أي رئيس قادم من خلفية عسكرية لن يستمر، وستكون خطيئة كبرى، وأي رئيس مدني لا بد أن يستفيد من تجارب سابقيه، فهناك رئيس منتخب عزل وآخر استمر 30 عامًا وتنحى". وأوضح "زرنوقة" أن شرعية أي رئيس لا تأتي عبر صندوق الانتخابات فقط، بل عبر "شرعية الإنجاز، وهذه قمة الديمقراطية".