* محللون: الأردنيون يريدون أن يروا فاسدون وراء القضبان ومطالبات بتطبيق “من أين لك هذا“ الأردن- أ ف ب: تحاول المعارضة الأردنية توحيد صفوفها لتقود الكفاح ضد الفساد في البلاد حيث تواجه الحكومة أزمة ثقة بعد استقالة وزيرين على خلفية السماح لرجل أعمال محكوم بالسجن ثلاثة أعوام في قضية فساد، بالسفر إلى الخارج للعلاج. وأعلنت المعارضة التي لديها أيديولوجيات مختلفة خصوصا حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، وأحزاب يسارية الأسبوع الماضي إنشاء “الجبهة الوطنية للإصلاح” بقيادة رئيس الوزراء الأردني الأسبق أحمد عبيدات. وتضم الجبهة أيضا ممثلين عن النقابات المهنية وحركات شبابية وشخصيات سياسية مستقلة إضافة إلى هيئات ومنظمات مجتمع مدني وفعاليات شعبية وشبابية. وأكدت الجبهة أن الأولوية تكمن في “اعتماد استراتيجية وطنية للإصلاح تضع البلاد على المسار الديمقراطي” و“وضع اسراتيجية متكاملة لمحاربة الفساد والحد من استشرائه في الحياة السياسية“. وأوضح عبيدات الذي يحظى باحترام العديد من الأردنيين أن “الاستبداد بالحكم والفساد هما على رأس مشاكل الأردن“، مشيرا إلى أن “مكافحة الفساد لا تتم إلا بتصليح النظام نفسه“. وقال محمد المصري الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية لوكالة فرانس برس إن “النقطة الأساسية التي عليها إجماع هي الفساد كموضوع يوحد الأردنيين الذين يشعرون بتأثيره عليهم في ظل ظروف اقتصاية سيئة“. وأشار إلى أنه “هكذا كان الحال في تونس ومصر وحتى سوريا فلم يكن الاحتجاج ضد الاستبداد والتوريث فقط فالفساد كان عنصرا أساسيا“. وقدم وزيرا الصحة والعدل الأردنيين الخميس استقالتهما على خلفية السماح لرجل الأعمال الاردني خالد شاهين المحكوم بالسجن ثلاثة أعوام في قضية فساد تبلغ قيمتها التقديرية 1.2 مليار دولار، بالسفر للخارج. وسمح لشاهين في فبراير الماضي بالسفر إلى الولاياتالمتحدة من أجل تلقي العلاج بناء على تقرير طبي، إلا أنه شوهد في أبريل الماضي في أحد مطاعم لندن. ورغم وعد الحكومة بتحقيق معمق في هذه القضية، إلا أن الدعوات المطالبة باستقالة رئيس الوزراء معروف البخيت تتواصل. وبحسب المصري، فان “خالد شاهين أصبح رمزا لكيفية التعامل مع الفساد في الأردن: عدم وجود المحاسبة، طرق تحمي الفاسدين وتؤمن لهم الخروج“. ويقول سامر الطويل وهو اقتصادي ووزير سابق لوكالة فرانس برس إن “الهدر والفساد هما وجهان لعملة واحدة ويؤديان إلى نفس النتيجة“. وأضاف “في الاردن يوجد هدر وفساد وهؤلاء الاثنان مع بعضهما البعض يؤديان إلى زيادة العجز المالي وبالتالي المديونية“. وأوضح أن “المديونية الخارجية للمملكة أصبحت 17 مليار دولار بينما كانت 9 مليارات العام 2003 وذلك على الرغم من سداد 4 مليارات دولار من عائدات التخصصية وزيادة في الضرائب مثل ضريبة المبيعات التي تمت زيادتها 3% لتصبح 16%”. وبحسب الطويل، فان “من المفروض أن تكون المديونية 5 مليارات دولار“، مشيرا إلى أن “هناك 12 مليار دولار اختفوا نتيجة الفساد والهدر“. وخلص إلى أن “مكافحة الفساد لا يمكن أن تؤدي إلى نتائج في الأردن لأن الفاسدين لم يتركوا آثارا“، مشيرا إلى أن “الحل يجب أن يكون عبر تطبيق نظام: من أين لك هذا؟ وليثبت هؤلاء المشتبه بهم كيف جنوا كل هذه الثروات“. من جانبه، يؤكد المصري أن “الأردنيين يريدون أن يروا فاسدين قابعين وراء القضبان، هناك العديد من الاشاعات والمطلوب أن تكون هناك هيئة مشكلة من قضاة محترمين وكبار ليتولوا التحقيق في مثل هذه الملفات“. وندد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الأربعاء ب“الارتكاز على شجب الفساد كمدخل لاغتيال الشخصيات، والنيل من سمعة الأفراد والمؤسسات“، محذرا من “خطورة التردد في توضيح الحقائق للناس والسماح لأحاديث الكراهية بالانتشار والتصعيد ضد الأبرياء حتى نالت وللأسف من أهل بيتي بكل ما يمثلونه من رمزية وطنية سامية“. واعتبر أن “الاستناد إلى الأقاويل والإشاعات رغبة باغتيال الشخصية وظلم الناس، فهذه فتنة لا يسكت عنها ولا بد من محاسبة مثيريها أمام القانون“. وأكد أن الحكومة “ملزمة بحماية الضحايا الذين يغتال المفسدون شخصياتهم جزافا“. وتتعرض عائلة الملكة رانيا فبراير الماضي لاتهامات بالفساد بما فيها تسجيل أراض تعود لخزينة الدولة، ما نفاه الديوان الملكي الأردني. ويشهد الأردن منذ يناير الماضي احتجاجات مستمرة تطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية ومكافحة الفساد شاركت فيها الحركة الإسلامية وأحزاب معارضة يسارية إضافة إلى النقابات المهنية وحركات طلابية وشبابية.