حسناً.. سوف أصدق ما جاء فى الرسالة رقم 56 للمجلس الأعلى للقوات المسلحة عن «عناصر مشبوهة تقوم بتوجيه أتبعاها من الخارجين عن القانون وتنظيم تحركاتهم في كل التظاهرات الحرة للثورة...»، إلى أخر ما جاء فى الرسالة، سوف أصدق وأتجاوز –مؤقتا- عن إعادة إنتاج خطاب «القلة المندسة» و«الأجندات الأجنبية»... وعن ذلك المفهوم المطاطي لمصطلح «المصلحة العليا للبلاد» الذي كان يرفعه آل مبارك (الأب والابن والأم) والعصابة الملتفة حولهم، وسوف أتجاوز –مؤقتا- عن عشرات من الأسئلة المعلقة فى رقبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مازالت حائرة تبحث عن إجابة، وسوف أتجاوز –مؤقتا- عن حقيقة أن مجلس الجنرالات يحذرنا من الإشاعات المغرضة ومروجيها الذين يندسون بين شباب الثورة، (دون أن ينسى الإشادة بالتظاهرات الحرة)، لكن دون أن يقول لنا بصراحة وبوضوح ما هو دوره فى مواجهة هذه «العناصر المندسة» وما هو المطلوب من شباب الثورة؟ هل يكفوا عن التظاهر؟ أو أن يستعدوا لمواجهات حامية مع العسكر إن هم تظاهروا؟ تماما مثلما نسى، أو تناسى، أن رصيده عند الشعب لم يعد يسمح، وأن الشعب الذي قدم أكثر من 800 شهيد وآلاف المصابين فى ساعات معدودة، لن ترهبه مواجهة القوة من جديد أيا كان مصدرها. سوف أتجاوز عن الكثير، لأقول للسادة الجنرالات إن اقتحام الجيش لجامعة القاهرة من أجل حماية سامى عبد العزيز، لم يكن إشاعة، والأحكام العسكرية بحق شباب الثورة ليست إشاعة، وبقاء رجال مبارك فى مواقعهم ليس إشاعة، وتعرض شباب الثورة للتعذيب على أيدى رجال الشرطة العسكرية ليس إشاعة، واستخدام القوة فى فض مظاهرات الشباب من التحرير وحتى مقر سفارة العدو ليس إشاعة، وغض النظر عن مظاهر (مظاهرات) البلطجية والسلفيين، ليس إشاعة. وغياب الأمن عن الشارع ليس إشاعة. هل يريد السادة الجنرالات المزيد؟ إليكم ما قاله الإعلامي المرموق حسين عبد الغنى فى حواره مع جريدة المصري اليوم بتاريخ 23 مايو 2011 «فوجئت بالزميل إبراهيم الصياد بعد استضافتي فى برنامج صباح الخير يا مصر، يوم عيد القيامة المجيد، يطلب منى أن يتحدث معي قليلاً ثم أخبرني بصوت منخفض وهامس، لوجود زملاء من قطاع الأخبار فى مكتبه وقال لي : إن مسئولا بالمجلس العسكري- قال إنه معنى أو مسئول عن ملف الإعلام – تحفظ على الاتفاق على تعييني رئيسا للقناة الإخبارية المصرية، وبرر ذلك بأنني من ثوار التحرير الموجودين باستمرار فى الميدان، وأنني مستقل يصعب التعامل معي وتوجيهي ». وإبراهيم الصياد أيها السادة الجنرالات هو رئيس قطاع الأخبار فى التلفزيون، خليفة عبد اللطيف المناوي. الآن.. لو كان رئيس قطاع الأخبار كاذبا فيما قاله لحسين عبد الغنى، فمن الذى جاء به إلى هذا المنصب فى التلفزيون ليروج الإشاعات؟ شباب الثورة؟ أم فلول النظام؟ أم «العناصر المشبوهة التي تقوم بتوجيه أتبعاها من الخارجين عن القانون وتنظيم تحركاتهم في كل التظاهرات الحرة للثورة...»؟؟ أم أنتم أيها الجنرالات؟ وهل دور ومسئولية شباب الثورة هو اقتحام التلفزيون للإطاحة بهذه العنصر المندس الذي يسعى لإثارة الفتن بين الشعب والقوات المسلحة؟ ولو كان إبراهيم الصياد صادقا فيما قال فعلى السادة الجنرالات أن يتكرموا بتوضيح كيف أصبحت صفة «ثوار التحرير الموجودين باستمرار فى الميدان» تهمة تلاحق صاحبها؟ ثم يقولوا لنا بوضوح أين يقفوا من الثورة، بدلا من إعادة إنتاج خطاب مبارك- العادلي – عمر سليمان، عن القلة المندسة والعناصر المشبوهة والإشاعات المغرضة، والقوى الخارجية والأجندات الأجنبية. قلنا فى مرات سابقة إن مجلس الجنرالات سيكون واهما لو تصور أنه قادر على التحكم منفردا فى قواعد اللعبة، فالاستعانة برجال مبارك، و«أصدقاء» أمن الدولة، وهؤلاء الذين حرموا الخروج على الحاكم، ثم محاولات تجديد صفقة إجهاض الثورة، بعدما فشل عمر سليمان فى تحقيقها مع الذين هبطوا على التحرير بالباراشوت..الخ... كلها محاولات بائسة يائسة، ولكم فى أنور السادات عبرة، وها هو ما حذرنا منه يتجسد أمام السادة الجنرالات، إبراهيم الصياد إما أنه كاذب يثير الفتن ضد المجلس العسكري ويحاول الوقيعة بينه وبين الشعب، أو أنه صادق يفضح توجهات العسكر ويكشف لعبتهم ونواياهم، وفى الحالتين يتحمل السادة الجنرالات وحدهم دون غيرهم، نتيجة ما فعلت يداهم، أو ما لم تفعل. كلام إبراهيم الصياد لحسين عبد الغنى، جرس إنذار يدق بقوة فى قاعة اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فإما أن يبادر العسكر بتنظيف البلاد من أركان نظام مبارك وما يثيروه من إشاعات وأكاذيب، فيما لو كان الصياد كاذبا، أو أن يستوعبوا الدرس، ويعملوا على تصحيح مسارهم، فيما لو كان الرجل صادقا. [email protected]