يقولون أن الأقدام تحن لشارع ٍ مشت فيه وأن الشوارع تحن لقدم صغيرة ٍ خطت عليها وأن الشوارع أيضا تُحَنِنُ قدما لأخرى مرت بنفس طريقها” الذكرى هي ما لا تمتلك ,أو هي ما فاض مما كنت تمتلك , أو هي ما فاض مما فقدت , وبصورة مختلفة تماما هي كل ما تمتلك الحكي للغائب أو لعزيز رحل عنك فعلٌ يمدنا بالراحة و بالأمان أمان من تلك الأعين التي لن تؤذيك , أمان يتركك تصنع نفسك في الحكاية كما تريد أمان من أن يصفك أحدهم بأنك “زبالة” أو ما شابه أمان أن تختار أكثرهم طيبة لترتمي في حضنه وتترك نفسك لتبتسم أو لتبكي في الذكرى لن يملي عليك أحد فعالك ولا حتى ضميرك لأن الذكرى بلا ضمير.....الذكرى لك وحدك تستطيع أن تتحكم في الأحداث والأشخاص وتزوِّد نفسك بكل نقائصها تستطيع أن تختار لنفسك الدور الأكثر براءة والأكثر جمالا ولن يستطيع أن يصف أحدٌ جمالك بأنه قد تهالك أو تجعد في عينيه فالذكرى جمال لا يمكن أن ينتهي الذكرى لا يملك أحد أن يقايضك عليها أو حتى على جزء منها الذكرى أحلى من الحلم ,في الحلم أنت لن تفعل إلا ما تمليه عليك الرؤية , في الحلم أنت مرهون بالأحداث ربما تظل طوال الحلم تركض خلف ملامح قديمة ضاعت منك ولا تمسكها بينما في الذكرى لو ضاعت منك ملامح أحدهم إلى الأبد فبإمكانك أن تخلقها وتعيد تشكيلها من جديد وحينها ستزداد عندك معزَّة الذكرى بمعزَّة أخرى .. هي معزّة الخلق أو التكوين .. فنحن دوما مجنونون بما نخلقه الغياب يجعل الأشياء أكثر قربا والقرب يجعلها أكثر وضوحا والوضوح يجعل استخراج القبح من الجمال شيئا سهلا ربما إذا تماديت في صناعة أيامك وصياغة أحداثها كما تريد وتماديت أيضا في إحساس الأمان هذا كلما تحدثت مع من غابوا عنك , كل هذا سيجعل حياتك أكثر اتزانا و هدوءا لكنه هذا الهدوء الذي سيجعلك تشعر طوال الوقت أنك في حاجة ماسة لطبيب نفسيّ ربما ليساعدك في استخراج أحداثك الحقيقية من كل هذا..الخيال الذي اصطنعته لنفسك إنه الأمان الأكثر صعوبة