من هو محمد العريفي ليدخل مصر، ويعتلي منابر أكبر مساجدها"عمرو بن العاص"، ويتم استحضار حشود له من الاخوان والسلفيين، ويتم نقل خطبته للعالم على الهواء من محطات التليفزيون الرسمي؟ ببساطة هو أحد دعاة الوهابية السعودية، وواحد من مشايخ البترودولارالذين يتحركون بأوامر وتعليمات استخباراتية، لبث روح الفتنة واشعال حرب طائفية لصالح المشروع الصهيوأمريكي، وهو أحد داعمي الاخوان"صهاينة مصر" الذين يشتركون في هذه اللعبة المدمرة، والمؤامرة الكبرى لإعادة تقسيم المنطقة عبر الفوضي والصراعات الدينية والأثنية. ولأن الجميع، الاعداء قبل الاصدقاء، يعرف قيمة وقدر مصر وحجم تأثيرها، تم إرساله ليسهم من القاهرة في تأجيج الصراع السني الشيعي الذي تورطت فيه السعودية، في العراق واليمن وسوريا، وليتم الزج بمصر "قلب العروبة النابض"، وشعبها في حرب قذرة تعمل على مزيد من التقسيم والتفتيت للخارطة العربية، وتدمير بلاد العرب، أو إضعافها لأقصى مدى، لصالح مزيد من القوة والهيمنة التى تصب لصالح الكيان الصهيوني إقليمياً، ولحساب الأمريكان عالميا. وقد أرسله آل سعود قبل شهور ليتملق المصريين في خطبته بالحديث عن تاريخ مصر العريق وخيراتها وأفضالها على العالم، وفي منتصف الكلام يقوم بتسريب الدعم الخليجي للإخوان بعد فشلهم في مواجهة التحديات الاقتصادية بشكل خاص، ويعزف على الوتر العاطفي لبسطاء المصريين ويلعب بحقارة على احتياجاتهم، ويستغل أزماتهم لتمرير رسائل سياسية، ويقدم للعامة نفسه كما لو كان قلبه على مصر أكثر من أهلها، ومخلص لهذا البلد العربي الكبير الذي يمر بمحنة قاسية، وهاهم يعاودون إرساله من جديد لقبض ثمن دعم الإخوان، ولاستثمار المساحة التى حصل عليها من قبل، بعد تسليط الأضواء عليه بصورة مبالغة، وإعادة إذاعة أجزاء من خطبته بشكل ممنهج، وتسويقه إعلاميا للجمهور المصري في عديد من المقابلات الصحفية والتليفزيونية. وخطورة العريفي في أنه جزء من المشروع الطائفي الصهيوأمريكي الذي لا يتحرك بمفرده، وإنما بخطوات محسوبة وممنهجة لأجهزة استخباراتية تتبع دولاً إقليمية ودولية، مستهدفا التأثير على قطاعات واسعة من المصريين والعرب، وليستكمل ما بدأه داعية الفتنة الإخواني يوسف القرضاوي، وكلاهما، وغيرهم من أئمة النفاق، يعملون لصرف أنظار الناس عن عدوهم الحقيقي الأمريكان والصهاينة المسئولين عن بؤسهم ومعاناتهم، وتعطيل مشاريع النهضة المستقلة ودعم الأنظمة الفاسدة المستبدة، واستغلال ونهب ثروات هذه الشعوب. والأسوأ هو دفع العربي ليقاتل العربي بشعارات دينية مزيفة تخفي وراءها أجندات استعمارية، ومصالح إقليمية ودولية، والمستفيد الأول هم أعداء الأمة في واشنطن وتل أبيب، والأنظمة الرجعية العربية التى لطالما كانت بطول تاريخها مطية للاستعمار بكافة أشكاله، وشريكة في مؤامراته لتبقي على مقاعدها وتتوارثه جيلا بعد جيل. هذه ببساطة هي حقيقة العريفي والهدف من ورائه، الذي بتحريضه على الجهاد ضد شعبنا العربي في سوريا، يزيف وعى الناس ويقودهم للتهلكة التى نهى الله عنها، ويتجاهل ما ورد في القرآن والسنة من أنه "إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار"، وينسى أن "حرمة دم المرء أكبر من حرمة الكعبة"، و"إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما". ثم إذا كان صادقاً في دعواه المضللة ومتسقا مع ذاته، فلماذا لم يشد الرحال، ويذهب ليجاهد بنفسه هو وأولاده ويقدم زوجته أيضا ل"نكاح الجهاد" الذي أقره، بفجرمقزز، شيوخ الوهابية؟ أم أن واجب الجهاد ليس من نصيبه هو وآل بيته، ومن نصيب فقط الفقراء والبسطاء المغيبين والمخدوعين بخطاب ديني مغرض؟ وهل الجهاد يكون ضد العرب والمسلمين الذي لا ترضى عنهم أمريكا وأعوانها؟.. أم ضد أعداء الأمة من الصهاينة الذين احتلوا الأرض العربية وارتكبوا أبشع الجرائم في تاريخ الإنسانية من قتل وتعذيب واعتقال وتشريد؟ والذين يدنسون المسجد الأقصى يوميا، ويسعون لتهويد القدس كاملة والسيطرة على الأمة العربية من النيل للفرات؟ وأليس من الجهاد الوقوف في وجه الحكام الفاسدين الذين يتقدمون قوائم انتهاكات حقوق الإنسان عالمياً.. فهل يجرؤ أن يرفع راية الجهاد في وجه آل سعود أو حكام قطر مثلا، أو يناصر ثوار البحرين الذين تم ذبحهم وانتهاكهم، لأنهم ليسوا في خدمة المشروع الصهيوأمريكي؟ وهل يجرؤ أن يتحدث ببنت شفه عن القواعد الأمريكية في الخليج؟ وعن صفقات السلاح المشبوهة التى تستنزف أموال الشعوب، ويتم تخزينها حتى تفقد صلاحيتها؟ بكل ثقة أقول أنه لم ولن يجرؤ، لأنه ليس داعية إصلاح بالموعظة الحسنة، ولا يفهم جوهر الدين الذي يدعو للحق والخير، وينتصر للحياة وليس للموت والخراب والدمار، وإنما للعريفي دور ووظيفة محددة، مثله مثل كل أبناء المذهب الوهابي الذي تُفتح أمامهم أبواب الشهرة والثراء الفاحش، ليقوموا بتغييب العقول، وتوظيف الدين لأجندات سياسية تخدم الامبريالية الغربية والصهيونية والرجعية العربية. فأبدا، ليست معركتنا كعرب من هو سني ومن هو شيعي ومن هو بهائي أو بوذي أو من مسيحي أو يهودي، أو حتى ملحد؟ فتلك قناعات خاصة بكل فرد، وتدخل في إطار حرية العبادة والاعتقاد، وعدونا الحقيقي واضح، ومعركتنا يجب أن تكون باتجاه التخلص من الفساد والاستبداد والتبعية الاستعمارية.. كل في موطنه وموقعه. أما حرف الأنظار والتضليل الممنهج، واقحام الدين في السياسة واستغلال الشعارات الدينية لاشعال حرب طائفية تستهدف حرق الأوطان وتدميرها فيجب أن نتصدى له جميعا بكل ما أوتينا من قوة. فالدين له مساحته وللسياسة مساحتها، والخلط بينهما خطيئة كبرى لا يجب أن نغفرها لأى ما كان، خاصة حين تم توظيف الدين كسلاح أسود تبعده عن القيم الروحية السامية. ومن يضع يده في يد أعداء العرب والعروبة من الصهاينة والأمريكان وحتى الأتراك، يجب أن نتعامل معه مثلهم، ليس فقط كطابور خامس، وإنما عدو يستوجب العقاب، جراء جرائمه بحق الشعوب الذي يقف في طريق حقها في الحرية والعدل الاجتماعي والعيش بكرامة وأمان. Email:[email protected]