أقامت الهيئة العامة للكتاب، مساء أمس ندوة لمناقشة كتاب "تأملات في التصوف والحوار الديني" للمستشرق الإيطالي أ. د. جوزيبي سكاتولين، شارك فيها د. محمود عزب مستشار فضيلة شيخ الأزهر لشئون الحوار وأستاذ بجامعات فرنسا، د. عمار على حسن، الباحث في علم الاجتماع السياسي، ود. أحمد حسن الباحث في التصوف الإسلامي، وأدار الندوة الشاعر شعبان يوسف. قال د. محمود عزب أن الكتاب يتناول موضوعين على درجة كبيرة من الأهمية في عصرنا، وهما: البعد الروحي في الأديان أو التصوف، وبعد الحوار بين الأديان أو الحوار الديني، وأكد عزب أن العالم المعولم الذي نعيش فيه في أمس الحاجة إلى إحياء أو تجديد البعد الروحي ضد المادية المسيطرة عليه من ناحية ومن ناحية أخرى ضد النزاعات والصدمات الأليمة التي تمزق المجتمع البشري في كل أنحاء العالم، مشيرا إلى أن الأديان كلها تدعو إلى الحوار الذي يتلاقي فيه البشر جميعا، إلا أن الواقع التاريخي كثيرا ما خالف تلك المبادئ وشهد الكثير من العنف والصدامات الوحشية بين أصحاب كل دين وملة. وذكر عزب أن سكاتولين راهب كاثوليكي متخصص في علم التصوف المقارن، تعمق في دراسة التصوف الإسلامي وكتب فيه العديد من الكتب والمقالات، وترجم أعمالا عظيمة يأتي على رأسها شعر سلطان العاشقين عمر بن الفارض. من جانبه قال د. عمار على حسن أننا في أمس الحاجة إلى التصوف بشتى صوره ودروبه بعد أن بلغ الظمأ الروحي أشده ووصل التردي الأخلاقي مداه، وبعد التوحش الرأسمالي وانتشار ثقافة السوق، وتحول التدين إلى مجرد طقوس وأفعال مادية بحتة تؤدى بطريقة آلية لا ورع فيها ولا خشوع. وتابع حسن قائلا: "أنجرت الأديان مرات كثيرة إلى حلبة الصراعات السياسية منذ زمن بعيد، لكن هذا الانجرار تعمق في العقود الأخيرة، حتى أصبح يستعمل أداة في تصفية خصومات دنيوية وصراعات رخيصة على كراسي الحكم والتحكم ، وعلى الجانب الآخر هناك من ظن أن بوسعه أن يحبس الدين بين جدران المساجد والكنائس والمعابد، وبين هذين النقيضين يأتي التصوف ليزيح غبار التكالب على مغانم الدنيا ولينقذ البشرية مما وصلت إليه". وقال "جوزيبي سكاتولين" إنه قام بكتابة "تأملات في التصوف" من أجل ثورة روحية متجددة يقوم بها الإنسان في هذا الزمن التي أصبحنا على وشك أن نفقد فيه إنسانيتنا، فأنا إنسان ويهمني كل ما يهم الإنسان بصرف النظر عن ديانته واعتبر كل ما حدث في التاريخ البشري جزءا مني.