قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن جماعة الإخوان وحلفاءها يعتمدون على شيوخ التليفزيون للتأثير على الجماهير في مصر، كما حدث في الانتخابات البرلمانية وبعدها عندما دعموا مرشح الإخوان المسلمين "محمد مرسي" في الانتخابات الرئاسية، ثم وقفوا خلف الدستور المثير للجدل لتمريره. وأشارت إلى أنه بينما استخدم الشباب الليبرالي شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر قبل عامين للإطاحة ب"مبارك"، فإن الإسلاميين يحاولون كسب نفوذ وسط المجتمع المصري من خلال شيوخ الفضائيات. ولفتت إلى أن الشيخ "خالد عبد الله" واحد من أبرز الدعاة في مصر، وهو ليس شيخًا حقيقيًا، ولكنه يلعب هذا الدور على قناة دينية مصرية شهيرة، ويهاجم المعارضة المصرية، ويتهم أعضاءها بالشذوذ الجنسي والإلحاد، بالإضافة إلى مهاجمته للتشريع الذي يسعى لتجريم الاغتصاب الزوجي. إن "عبد الله" واحد من أبرز الدعاة في مصر والبلدان العربية المجاورة، الذي يركز على كتلة سياسية محددة منذ الربيع العربي، وربما ينظر إليه البعض على أنه أحد الأسباب التي دعمت السلفيين للفوز بأكثر من 27% من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية الأولى بعد الثورة. وأضافت الصحيفة أن القنوات الموالية للإخوان وأنصارهم لعبت دورًا رئيسيًا في الفتنة الطائفية الأخيرة التي أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص، حيث استغلوا الموقف لإشعالها. وأوضحت أن المعركة بين الإخوان والمعارضة تخاض بشكل مباشر على الهواء من خلال قنوات التليفزيون، فشيوخ التليفزيون يجتذبون المشاهدين عبر العالم العربي، لكن لا أحد يعرف فعلاً كم عدد الذين يشاهدون شيوخ التليفزيون في مصر، لأن تقييمات التليفزيون المصري لا تتضمن المناطق الريفية، حيث تنتشر مثل تلك البرامج، ويؤثر هؤلاء على قطاع كبير من المصريين، مما يعتبر عامل مهم مع اقتراب الانتخابات البرلمانية. لكن بشكل عام فإن معدل مشاهدة هذه القنوات أقل كثيرًا من القنوات الرئيسية، مثل "الحياة، وأون تي في، وسي بي سي"، ومع ذلك فإن شيوخ الفضائيات لديهم تأثير كبير على شرائح معينة من المجتمع المصري، لاسيما في أوقات الانتخابات. ونقلت الصحيفة عن "خليل العناني" الخبير في شئون الحركات الإسلامية في جامعة دور هام في المملكة المتحدة قوله:"هذه القنوات هي القوة الناعمة للسلفيين، وأدواتهم الرئيسية في تشكيل هوية وعقل معظم المصريين، خاصة الطبقات الدنيا والمتوسطة". وذكرت أن دعاة التليفزيون السلفيين غالبًا ما يدافعون عن آراء قمعية للنساء ويهاجمون المحتجات، وأحيانًا حتى ينصحون المشاهدين بضرب زوجاتهم باعتبار أن ذلك مقبول إسلاميًا، وبالرغم من ذلك، معظم جمهور دعاة وشيوخ التليفزيون من النساء، فمعظم ربات البيوت المصريات المحافظات نادرًا ما يخرجن من بيوتهن، وبالتالي يقضين أوقاتهن أمام التليفزيون ويشكلن ثلثي نسبة مشاهدي تلك القنوات، طبقًا لإحصائية مركز "إيبسوس" العالمي ومقره باريس. وقد ظهر ذلك في نسبة التصويت لمرسي في انتخابات الرئاسة، إذ شكلت أصوات النساء 76% من نسبة أصوات الناخبين، مما جعله يصل للرئاسة بفوز 51.7%. وألمحت الصحيفة الأمريكية إلى أن الرئيس السابق "حسني مبارك" تسامح مع هذه القنوات الدينية المتشددة، طالما يبقون بعيدًا عن السياسة، كما أنه خلال الثورة دعا شيوخ هذه القنوات المسلمين للابتعاد عن الاحتجاجات باعتبارها خروج على الحاكم. وأضافت أنه رغم الشعبية التي حظيت بها بعض القنوات الدينية في أعقاب الثورة حيث لعبت دورًا كبيرًا في التصويت ب"نعم" على التعديلات الدستورية مارس 2011، ووفقًا لمؤشر "إيبسوس" فإن قناة الناس حظيت وقتها بالمرتبة 25 بين القنوات المصرية الأكثر مشاهدة، فإنها تراجعت للمرتبة 25 وفقًا لاستطلاع يوليو من العام الماضي. ولفتت إلى أن قناة "الناس" أنشأها مستثمرون سعوديون في 2006 كقناة ثقافية تقدم فيديوهات موسيقية ملائمة ومفسري أحلام متدينين وفقرات رقص، لكن بعد 6 أشهر من عدم النجاح، قرر "ناصر قصدة"، واحد من أصحاب القناة السعوديين، التواصل مع "عاطف عبد الرشيد"، أحد مديري القناة ومؤسسيها، وأخبره أن يجعل القناة ناجحة أو يغلقها، فاقترح "رشيد" مع "محمد عبد الجواد"، أحد مديري القناة، تحويل القناة إلى الشكل السلفي، وكان شكل جديد وقتها في ظل النظام العلماني السابق الذي تحكم بشكل كبير في الإعلام. وأوضحت إن القناة وجدت جمهور من العمال المصريين الذين عادوا من العمل في السعودية خلال الثمانينيات، وقد تبنى كثير منهم الوهابية السعودية القريبة من السلفية في مصر، وفرضت القناة على المعلنين عدم ظهور نساء، فانصرف أغلب معلني الشركات الكبيرة، بينما توجه إليها أصحاب الشركات الإسلاميين، فظهرت إعلاناتها بشكل فقير. دخل قناة الناس وصل إلى 1.3 مليون جنيه شهريًا وهو ما يعد زيادة كبيرة، بحسب قول المدير العام للقناة "حسن علوان"، وقد أصبح من الشائع رؤية الإعلانات عليها وعلى قناة مثل "التحرير" المناهضة للإخوان.