تقوم حركة "جبهة النصرة" السورية التي أعلنت ولاءها لرئيس تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري الشهر الماضي، بأدوار رئيسية في الهيئات المسيطرة حاليا في حلب. ويمتد نفوذها إلى محافظة أدلب المجاورة، متخطيا نفوذ الائتلاف الوطني السوري في المنفى الذي تدعمه الدول الغربية. وقال أحد السوريين في حلب الأسبوع الماضي: "إذا كنت تريد تنفيذ أي شيء في هذه المدينة فإن عليك أن تتوجه إلى جبهة النصرة لطلبه. وفي الحالة التي يتحدث عنها هذا الرجل الذي فضل أن يبقى اسمه مكتوما، فإن ذلك يعني الحصول على عقار، فمسكنه الذي حشر في المنطقة المحظورة، أصبح غير قابل للسكنى بسبب القتال، ولذا فإنه توجه إلى مكاتب "جبهة النصرة" التي تقع على مقربة من ما يسمى المحاكم الشرعية، وشرح حالته وطلب المعونة. ومن الأمور الأخرى إقامة "المحاكم الشرعية" في حلب، وقامت بتشكيلها كتائب إسلامية في "يناير"، وهي الهيئة التشريعة والقضائية الرئيسية في المنطقة التي يسيطر عليها القاعدة في الشمال. ومن المعتقد أن لدى "جبهة النصرة" التي صنفتها الولاياتالمتحدة العام الماضي بأنها منظمة إرهابية، ما بين 5 آلاف و7 آلاف مقاتل على أرض المعركة، يعتبرون أفضل تنظيما وتمويلا وتجهيزا من الجيش السوري الحر. وأصبحت الجبهة الاختيار الشائع في أوساط المجندين الأجانب الذين يتدفقون بالآلاف من العالم على سوريا، وتمثل حلقة وصل للأفكار الراديكالية والسلاح والرجال من حيث إنها تمثل أشد التهديدات الإرهابية المحتملة للغرب منذ إنشاء تنظيم "القاعدة" ذاته في أفغانستان في تسعينيات القرن الماضي. ويمثل المقاتلون الأجانب اليوم جزءا رئيسيا من الحياة اليومية في المناطق التي تخضع لسيطرة المتمردين، وهم في الغالب من عرب شمال إفريقيا والخليج، وإن كان هناك تدفق كبير من الأوروبيين، إضافة إلى المقاتلين من مناطق أبعد مثل تركمنستان واستراليا. وفي العراق، حيث يعمل زعيم "جبهة النصرة" أبو محمد الجولاني ورفاقه، أثار تنظيم "القاعدة" نفور القبائل السنية بتطبيقه المتطرف لأحكام الشريعة. ولا يجد قادة الغرب عزاء يذكر في هذه الصورة ذلك أن "جبهة النصرة" جادة في نيتها إنشاء إمارة اسلامية، وإذا هي نجحت ولو جزئيا، فإن تنظيم "القاعدة" سيكون في أراض متاخمة لحدود إسرائيل وتركيا والعراق – وهو كابوس استراتيجي بالنسبة إلى قادة الأمن الأقليميين والغربيين. وتعيد الولاياتالمتحدة النظر في معارضتها تسليح المتمردين السوريين، وهو ما أكده وزير دفاعها تشاك هاغل أمس، ومن جهته، قال وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند أن من المحتمل أن تسير الحكومة البريطانية على النهج ذاته عندما ينتهي مفعول الحظر الأوروبي على شحن الأسلحة إلى سوريا خلال أسابيع قليلة".