فجأة وبدون سابق ميعاد أعلنت مؤسسة الرئاسة عن إطلاق مبادرة دعم حقوق وحريات المرأة، بالتعاون مع المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وبمشاركة العديد من المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني؛ لمناقشة الأبعاد المختلفة لقضايا المرأة، خاصةً فيما يتعلق بتمكينها فى الحياة السياسية والدفاع عن حرياتها وحقوقها الاقتصادية والاجتماعية. ولكن توقيت إطلاق المبادرة والوجوه التى ابتعدت غالبيتها عن العمل النسوى أثارت العديد من التساؤلات، أهمها: هل هذه المبادرة جزء من الاستغلال السياسى للمرأة؟ وهل هى مبادرة للرد على وثيقة الأممالمتحدة؟ تقول د. رواية عبد الرحمن الناشطة الحقوقية وعضو تنسيقية العمل الجماهيرى لنساء مصر "إن هذه المبادرة هى جزء من اللعبة الكبيرة التى يلعبها الرئيس مرسى بعد أن أصبح لا حديث إلا عن الانتهاكات التى تتعرض لها المرأة المصرية، سواء داخل البرلمان الأوربى أو الأممالمتحدة، بل صدرت تهديدات الاتحاد الأوربى بقطع المساعدات التى تعطيها لمصر، فضلاً عن أن المنظمات النسائية فى أمريكا أصبحت ثائرة على هذه الممارسات العدائية الواضحة ضد المرأة تحت مظلة حكم الإخوان المسلمين". ومن ثم ترى راوية أن توقيت إطلاق المبادرة هو نتاج ضغط العوامل الدولية، وليس رغبة حقيقية من مؤسسة الرئاسة في تحسين أوضاع المرأة فى مصر، مضيفة أن "الدليل على كلامى أن هناك العديد من الانتهاكات التى وقعت فى الفترة الماضية، ولم نرَ أى إدانة من الرئاسة، بل كل ما نراه هو خروج مجلس الشورى وشيوخ القنوات الدينية بخطاب مُعادٍ للمرأة، ووصفها بأقذع الألفاظ، ولم يحدث أن تم التحقيق فى واقعة واحدة من حوادث العنف والإرهاب التى تعرضت لها المرأة". وأشارت عبد الرحمن إلى أن استمرار المبادرة لمدة تزيد على ثلاثة شهور جاء ليتزامن مع زيارة "كارتر" القادمة لمصر فى الفترة القادمة، وهناك تسريبات تقول إنه سوف يعقد مؤتمرًا كبيرًا عن حقوق وحريات المرأة فى مصر، ومن ثم تكون الفرصة سانحة لتجميل وجه النظام الحالى أمام المجتمع الدولى بأنه مهموم بحقوق وحريات المرأة. كما تساءلت راوية فى استنكار "من هم هؤلاء السيدات المدعوات للمبادرة؟ هل تمثل المخرجة إنعام محمد على أو الفنانة نادية رشاد سيدات مصر وهموم المرأة المصرية؟ أين الفلاحة والعاملة من المبادرة؟ أين المنظمات النسوية التى عاشت عمرها تدافع عن حقوق وحريات المرأة؟ أين السفيرة تلاوى كممثل عن الجهاز الرسمى المدافع عن حقوق المرأة، وهو المجلس القومى للمرأة؟ أيضًا لماذا غابت المبادرات والشخصيات النسائية المستقلة المعنية بشئون المرأة؟". فيما قالت داليا زيادة مدير منظمة المرأة بحزب العدل "لم يتم دعوتى مثل الكثير من النسويات اللاتى خضن سنوات فى العمل النسوى والدفاع عن حقوق المرأة، وتم دعوة نساء راضيات عن الريس مرسى، أو أغلبهن ينتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، أو هؤلاء اللاتى كانت لهن مواقف سلبية ضد وثيقة مناهضة العنف الصادرة عن الأممالمتحدة". وأكدت زيادة أن "كلمة الرئيس ليس بها أى شىء له علاقة بقضايا المرأة المصرية، بل استمعنا فقط إلى تهديد ووعيد لقوى المعارضة والمخالفين له في الرأى، وبعيدًا عن تلك الإحصائيات التى ذكرها مرسى فى كلمته، فهو لم يتحدث عن حلول واضحة لقضايا المرأة أو الحد من العنف والانتهاكات التى تمارس ضدها بشكل عام". وفسرت زيادة إطلاق هذه المبادرة باعتبارها نوعًا من الفرقعة الإعلامية، وأن الرئيس "مكسوف" من تلك الأزمة الدولية التى أوقعت فيها مصر د. باكينام الشرقاوى فى كلمتها أمام لجنة وضعية المرأة بالأممالمتحدة وكلامها المناقض تمامًا لواقع المرأة فى مصر، ومن ثم ترى أن المبادرة نوع من تصحيح وتلميع صورة النظام، وأن الرئيس الإخوانى ليس لديه أى نية لاتخاذ إجرءات تدافع عن حقوق وحريات الست المصرية. واستنكرت زيادة غياب الآليات الواضحة لعمل هذه المبادرة وورش عملها التى سيتم عقدها، فضلاً عن انتقادها لغياب أهل الخبرة والتخصص فى العمل النسائى بمصر، متسائلة: "ماذا بعد غياب كل من تلاوى ونهاد أبو القمصان بما تحملان من باع تاريخى فى مجال الدفاع عن قضايا المرأة فى مقابل الخبرة الضعيفة للدكتورة أميمة كامل فى مجال العمل النسوى؟". وأكدت أنه حتى ولو خرجت هذه الوثيقة بأية توصيات إخوانية كما أخرجوا دستورهم الإخوانى أيضًا، فلن تكون ملزمة للمرأة المصرية على أية حال؛ لأنها ستواجه بنضال الحركة النسائية فى مصر التى تتميز بأنها قوية وليست مفككة، بل متنوعة الأعمار والفئات والتوجهات السياسية، مؤكدة ان الكل يعمل من أجل قضية المرأة، وأى محاولات من هذا النوع وتلك المبادرات لسرقة حقوق المرأة لن تجدى نفعًا. واتفقت معها هبة عادل منسق مبادرة المحاميات المصريات قائلة إن هذه المبادرة تثير العديد من علامات الاستفهام أولها تجاهل مؤسسة الرئاسة لدور المجلس القومى للمرأة ،حيث تمت المبادرة تحت رعاية المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، وهو يعد تهميشًا واضحًا للمؤسسة الرسمية المعنية بشئون وقضايا المرأة المصرية فى مصر، وهذا يؤكد تلك الأزمة التى أثيرت مؤخرًا باختيار د. باكينام الشرقاوى مساعد الرئيس للشئون السياسية لرئاسة وفد مصر فى الأممالمتحدة فى دورتها 57 للجنة وضعية المرأة. وأضافت عادل أنه "من العيب أن يخرج مرسى بكلمته؛ ليصفى حساباته مع المعارضة على حساب المرأة المصرية، ويقوم بتهديدها، ويطالب بالتحقيق معها، مستنكرة عدم علاقة حديثه بموضوع المبادرة والحديث عن حقوق وحريات المرأة المصرية، فبدلاً من أن يقدم مرسى الاعتذار لمرفت موسى تلك الفتاة التى تم الاعتداء عليها أمام مكتب إرشاد جماعته، والتى يمثل ما تعرضت له صفعة على وجه مصر كلها، لم نشاهده يطالب بفتح تحقيق مع من ارتكب هذا الاعتداء، كما رأيناه يطالب بمعاقبة المعارضة وملاحقة الإعلاميين". وأشارت عادل إلى أن تلك المبادرة تجسيد لنظام مرسى الذى يتحدث مع نفسه مثل النظام السابق، وما حدث فى المبادرة هو مجرد اختلاف فى الوجوه وليس الرؤى والأفكار، فجميعهن وجوه أخرى لحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أنه كان بالاسم فقط مجرد مؤتمر لبحث حقوق وحريات المرأة. واستنكرت د. سهير لطفى أمين عام المجلس القومى للمرأة أن يبدو المجلس فى هذه المبادرة كمجرد ضيف شرف يتم توجيه الدعوة لهم، معللة ذلك بأن المجلس القومى للمرأة هو الآلية الوطنية الوحيدة منذ أن تأسس عام 2000 المعنية ببحث قضايا المرأة المصرية، وله استراتيجيته فى تحديد الأدوار التنفيذية التى تقوم بها الجهات المعنية بشأن دمج المرأة فى مختلف القطاعات ومعالجة مشكلاتها، كما أن المجلس هو المسئول عن إعداد التقارير التى تخص حال المرأة المصرية وتسليمها داخليًّا وخارجيًّا. واضافت لطفى أنه لا مانع من وجود أى مبادرات أخرى تناقش قضايا المرأة المصرية، ولكن فى نفس الوقت المجلس قطع شوطًا كبيرًا فى رصد مشكلات وقضايا المرأة المصرية منذ تأسيسه على مستويات مختلفة، ويجب ألا تهدر هذه المجهودات؛ حتى لا نضيع الوقت، ولتكن أساسًا يتم البناء عليه وليس البدء من المربع صفر. راوية عبد الرحمن: توقيت إطلاق المبادرة هو نتاج ضغط العوامل الدولية وليس رغبة من مرسى في تحسين ظروف المرأة داليا زيادة: كلمة الرئيس ليس لها علاقة بقضايا المرأة بل كانت تهديدًا للمعارضة فقط أمين عام القومى للمرأة: نرفض أن يعامل المجلس كضيف شرف فى المبادرة