تشهد مصر فى ظل المرحلة الراهنة حالة إحتقان سياسى ، أدت إلى فوضى فقد معها الشعب المصري الأهداف الحقيقية للثورة من "حرية وعدالة وكرامة إنسانية" ، خاصة بعد مشاهد الإشتباكات التى نراها ، تراه من الثوار المعارضين عند مكتب الإرشاد مؤخرا ، وتراه أخرى من السلفيين عند مدينة الإنتاج الإعلامى وغيرها من مشاهد العنف التى تكرر وتكررت كثيرا ، فليصبح المشهد السياسى الحالى ما هو "إلا عنف والرد عليه بعنف اخر " سواء كان من المتظاهرين ايا كان إنتماءهم او من الداخلية . الغريب فى الأمر إنك حينما تسأل الأطراف التى تستخدم العنف ، تبرره للرد على الطرف الاخر ، فالإسلاميون يبررون العنف للرد على المعارضين ، والمعارضين يبررون العنف للرد على السلطة الإسلامية التى بدأت بالعنف ، لنبعد عن هدفنا الأسمى وهو "مصر" . وفى هذا الشأن اوضح دكتور مصطفى حجازى الخبير فى مجال التطوير والتخطيط الإستراتيجى والسياسى إن المشهد الحالى به ثلاث قوى أساسية الأولى هى القوى السياسية وهى الجزء الأكثر شغبا والأكثر إضرابا ، والقوى الثانية وهى القوى المجتمعية الأصيلة التى قامت بالثورة ومازالت تبحث عن نتائجتها ، ولكن وسط حالة الزخم التى نعيشها سكتت وربما تكون ردت بالوضع ، أو اعتبرت أنه لا نهاية للأمر ، والقوى الثالثة هى المستخدمة للعنف وهؤلاء ربما يكون بعضهم من القوى المجمتعية والبعض الأخر منهم من القوى السياسية . وأضاف حجازى أن أسلوب إستخدام العنف الحالى جاء لمحاربة دولة القانون فالعنف بدء من حصار الدستورية ، ومن ثم اتخذه البعض نهج يسير عليه ، فأستخدموا القوى البدنية لتوصيل أفكارهم وهذا ما يسمى " الميلشيات الفكرية الشعبية"، فالذين يستخدمون العنف هم قوى مجمتعية موجودة فى كل المشاهد الثورية ، ولكنها رأت أن العنف هو الحل بعيدا عن دولة القانون وبعيدا عن التفكير فى نتائج هذا العنف ، وكأن من يستخدم العنف من القوى المؤيدة والمعارضة يستخدمة دون تفكير . وأوضح أن الثورة بريئة مما يحدث الان من كافة القوى الثورية سواء كانوا "إخوان أو سلفييين أو معارضين" ، لان هؤلاء جميعهم اتبعوا سنه العنف دون التفكير فى أن الذى بدأ بها هى السلطة إبتداء من 5 ديسمبر حينما قال مرسى فى خطابة على القوى الثورية ان تحمى الشرعية ، فلو كانت القوى السياسة لم تستخدم العنف ، لكنا ادنا السلطة واستطعنا عزلها تماما ، لكن القوى السياسية أستخدمت العنف مثلها مثل السلطة ،دون تفكير فى مصلحة مصر العليا . وأشار إلى أن الحل يكمن فى البعد عن إنتهاج العنف ، ومحاولة العودة إلى الوراء حينما كانت الثورة المصرية تضم كافة المصريين دون هذا سلفى وهذا ليبرالى وهذا إخوانى ، فلنترك المشهد يرجع إلى الخلف ومنها ستأتى خطوات حقيقية لإيجاد نخبة حقيقية تعبر عن الشعب ، مؤكدا أن هذا الأمر صعب ، ولكن إذا قرر الشعب فعل هذا فسيفعل . وحذر الشعب والقوى السياسية من ضرورة الحفاظ على مصر والرجوع إلى أهداف الثورة الحقيقية ، حتى لا يحدث إنهيار لمؤسسات مصر ، قائلا " يجب على الطرف الذى يستخدم العنف ايا كان ان يراجع نفسه وان يفكرر جيدا فيما يفعله ، حتى لا يصبح بعد ذلك مطرود من المجتمع ، ومنها من الممكن أن يتحول المجتمع ،لمجمتع حراقى متنازع " وأكد دكتور محمود سلمان أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة ، أن العنف الان أصبح أسلوب حياة وربما أسلوب ثورة بنهج بعض الشباب ، فهم يستخدمون العنف وكانه النهج الحقيقى للثورة لتحقيق أهداف ربما عجزوا عن تحقيقها من خلال سلمية تظاهراتهم . واوضح "سلمان" إن العنف لم يكن وليد جماعة الإخوان المسلمين او تيار بعينه ، وإنما هو حالة تولدت لدى المجتمع ، البعض حلله إن مفهوم الديمقراطية لم يكن واضحا عند الشعب ، حينما قام بثورة ، فبعد الثورة أصبح يفهم الديمقراطية بمفهومة . وأضاف أن حالة العنف الآن اصبح يستخدمها الجميع فمثلما اطلقت المعارضة البلاك بلوك تتطلق الجماعات الإسلامية ميشليتها ، ليدخل العنف فى إطار مجتمعى وليس إطار مجموعات معينة تستخدمه . ومن جانبه قال دكتور مختار غوباشى رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والإستراتيجية إن أخطر ما شوهد فى المرحلة الأخيرة هى حالة الإستقطاب السياسى الحاد الموجود فى الشارع ، وضعف الدولة ومؤسساتها الكبرى فى إيجاد حل لهذا العنف ، وكأننا نعيش فى دولة "رخوة " ، على حد تعبيره . وأوضح أن الدولة "الرخوة" هى التى أدت لوجود ما نراه من أحداث عنف ، أدى لتوفير الغطاء السياسى ، فعندما حدث العنف من التيارات المختلفه ولم تتخذ الدولة إى اجراءات ضدهم اصبح العنف يزيد تدريجى واصبحت التيارات تقلد بعضها البعض وترد على بعضها البعض بالعنف. وأكد أن العنف الذى يحدث فى مصر الأن يتحمل مسئوليته كافة القوى السياسية المعارضة والمؤيدة ، مشيرا إلى أن الحل يكمن فى أن يتنحى الجميع عن الغطاء السياسى أو الحزبى ، ولتتماسك الدولة وتتعافى من ما هى فية من مؤسسات مترهلة وحكومة عاجزة ، على حد تعبيره ، ومن هنا نبدأ أن نعيد الفكر الديمقراطي للمجمتع ومنه يتم نبذ العنف ويجلس الجميع على مائدة الحوار ليكون الحوار الوطنى هو الغطاء السياسى للجميع وليس العنف.