"إننا طلاب شهادة لسنا نحرص على هذه الحياة، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية" تلك كانت عبارته في آخر لقاء تليفزيوني له، فقد بصر عينه اليمني على أيدي الاستخبارات الصهيونية أثناء التحقيق معه؛ ظل مطاردا من قبل العدو الصهيوني لسنوات عديدة حتى تمكن منه في الثاني والعشرين من مارس لعام 2004. ولد أحمد إسماعيل ياسين ببلدة "جورة عسقلان" شمال قطاع غزة في 28 من شهر يونيو لعام 1936، فقد والده وهو لم يتجاوز الثلاث سنوات؛ هاجرت أسرته إلى غزة وهو في الثانية عشر من عمره على إثر النكبة الفلسطينية عام 1948؛ عندما وصل السادسة عشرة من عمره أُصيب بكسر في فقرات العنق نتيجة لمصارعة ودية بينه وأحد زملائه لينتهي به الأمر بالشلل الرباعي. وتزامنا مع تطور الشلل بجسد أحمد ياسين واصل طريق الدراسة والكفاح فبعد إنهاء دراسته من جامعة الأزهر في القاهرة عُين مدرسا للغة العربية والتربية الإسلامية بقطاع غزة؛ لقد كان شيخ المقاومة خطيبا بارعا أجج مشاعر المصلين من فوق منبره خاصة منذ نكسة عام 1967. ومع انخراط ياسين في صفوف المقاومة الفلسطينية؛ بذغ نجمه في الانتفاضة الفلسطينية الأولي عام 1987 ليصبح رئيسا لحركة حماس والتى شكلت نقلة نوعية في حياته، لقد حمل أحمد ياسين القضية الفلسطينية فوق عاتقه ليجوب بها شرقا وغربا حتى نال ثناء كثيرا من الزعماء والقادة السياسيين. ولما كان أحمد ياسين سببا في إزعاج العدو الصهيوني تعقبه كثيرا؛ ليأمر باعتقاله عام 1982 لمدة 13 عاما لكنه تراجع وأطلق سراحه في 1985 أثناء عملية تبادل أسري نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هاجم الاحتلال منزله في 1988 وهدده بالنفي للبنان، اُعتقل في 1989 ليحكم عليه في أكتوبر 1991 بالسجن مدي الحياة بالإضافة لخمسة عشر عاما أخري، ولكن أُطلق سراحه عام 1997 في عملية مبادلة بعميلين تورطا في محاولة اغتيال خالد مشعل بعمان. كشف ضابط استخباراتي صهيوني عن جانب كبير من شخصية ذلك المدافع عن القضية الفلسطينية عندما تحاور معه في السجن قائلا له "أوقفوا تفجيرالحافلات وقتل النساء والأطفال"؛ فأجابه ياسين "لدينا من نتعلم منه فقد أقمتم دولة بالقوة العسكرية ونحن نقتل أطفالكم ونساءكم من أجل بناء دولتنا أما أنتم فتفعلون ذلك من أجل الاحتلال وقد أنشأتم دولة وأنتم قذرون ومتلونون". لقد أثار ياسين دهشة العدو الصهيوني فها هو عميد بالشرطة يُدعى " تسفيكا سيلع" أحد المستشارين النفسيين قال متعجبا من صمود ذلك الشيخ "لقد احتجزنا أحمد ياسين في سجن ،هداريم، تحت ظروف قاسية وحرمناه من الزيارات وعزلناه طيلة خمس سنوات في قبو كانت درجة حراراته صيفا 45، لقد كان رجلا حكيما ويتمتع بشخصية قوية". ظل أحمد ياسين طيلة حياته مدافعا عن القضية الفلسطينية، حريصا على وحدة الصف ولم يلتفت لمحاولات العدو الصهيوني للتفرقة وتشتيت القضية وبصفة خاصة تعزيز الانقسام بين حركة فتح وحماس، وكثيرا ما أكد ياسين أن حمل السلاح لا يكون فقط سوي في وجه العدو المحتل المغتصب للأراضي العربية. انتهت مسيرة كفاح ياسين ضد العدو الصهيوني في فجر 22 مارس 2004 بعدة قذائف صاروخية صوبتها مروحيات الاحتلال نحوه أثناء عودته من صلاة الفجر بحي صبرا في غزة قتل وسبعة من مرافقية وإصابة ابنيه، وكانت العملية بإشراف رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها "أرئيل شارون". لم يكتف العدو الصهيوني بتناثر جسد أحمد ياسين؛ بل اعترض على بحث مجلس الأمن لقضية اغتياله؛ مدعيا أنه إرهابي تم القضاء عليه.