نشر موقع "قدامي المحاربين اليوم " الأمريكي مقالا للكاتب والبروفيسير الأمريكي في القانون الدولي، فرانكلين لامب، حول مساعي إسرائيل للضغط على الولاياتالمتحدة لفرض حصار دولي على سوريا وإيران. وقال الكاتب أنه مع لقاء إيران المتوقع إجراءه 26 مارس الجاري مع عدد من القوى العالمية الكبرى في كازاخستان لمناقشة برنامجها النووي، يأمل محتلو فلسطين (إسرائيل) بشكل قوي أن المناقشات لن تكون ناجحة. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، كان مطلبهم الرئيسي هذا الأسبوع للكونجرس الأمريكي والبيت الأبيض والاتحاد الأوروبي هو " إلقاء المسؤولية على الإيرانيين من خلال إلقاء اللوم عليهم لفشل المحادثات بأوضح العبارات الممكنة". وأشار الكاتب إلى تقرير نشر على موقع "المونيتور" الالكتروني يفيد أن إسرائيل تطلب أيضا من الدول التي ستجتمع في كازاخستان أن "توضح جيداً أن أوامرها للبيت الأبيض تتلخص في شعارات مثل "المفاوضات لا يمكن أن تبقى للأبد"، وأنها تريد من حاضري كازاخستان العمل بصرامة حتى يدرك النظام الإيرانى انه يواجه خطرا يتجاوز مجرد عمل عسكري إسرائيلي". بحيث يجب أن تكون الرسالة هذه المرة أن الغرب كله، خلف القيادة الإسرائيلية، يفكر في شن عمل عسكري واسع ضد إيران. وأوضح الكاتب أن هذا ما قيل لكن الذي لم يقال هو أن "الغرب كله من المتوقع أن يواجه إيران عسكريا في حين ان قوات تل ابيب تستعد للقضاء على حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي وكذلك سوريا إذا لزم الأمر". وقال لامب في مقالة بالموقع المهتم بالشؤون الخارجية والعسكرية: في انتظار الترتيبات المذكورة أعلاه، تلح إسرائيل هذا الأسبوع من أجل أن يصدر أوباما أمرا تنفيذيا لتصعيد العقوبات التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد إيران وسوريا في حين تستعد للدفع من اجل "حصار اقتصادي دولي تأمل أن يغير قواعد اللعبة، بما في ذلك فرض منطقة حظر طيران من قبل حلف شمال الأطلسي". وأضاف انه في محاولة إسرائيل لتحقيق جولة قانونية أخرى من العقوبات الصارمة، وبإيعاز من "الإيباك" ، وهي أقوى جماعات الضغط في الكونجرس هدفها تحقيق الدعم الأمريكي لإسرائيل، دعا النائب، اليوت انجل، العضو البارز بلجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس، إلى عقد "لقاء لتخطيط تشريعي" غير رسمي مع النائبة الجمهورية اليانا روس- ليتينن، التي ترأس لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس. وشمل اللقاء ممثلين عن الإيباك وإسرائيل والمملكة العربية السعودية والبحرين إلى جانب ستة من موظفي الكونجرس. ولمن لا يعرف النائبين بالكونجرس اللذان شاركا في تلك المناقشة غير الرسمية، يقول الكاتب أن عضو الكونجرس إنجل شارك تقريبا في كل حملات الهجوم المعادية للعرب والإسلام والفلسطينيينوإيران، وكذلك المناهضة لسوريا منذ دخوله الكونجرس ربع قرن من الزمان. وبالنسبة للنائبة الجمهورية اليانا روس- ليتينن، فإن كل المراسلات البريدية المتعلقة بحملتها الانتخابية تشير إلى أنها قادت كل الجهود دون كلل أو ملل في الكونجرس لتوليد أصوات لمنع ما تعتبره معاديا لإسرائيل. كما أن كان لها دور بارز في الدفع من أجل توسيع التدابير العقابية ضد الشعب الإيراني حتى يقوم النظام بتفكيك برنامجه النووي. ويعتبر فرانكلين لامب أن أسباب كل هذه المحاولات من جانب عضوي الكونجرس وكذلك إسرائيل تنبع من حقيقة أن العقوبات التي تقودها الولاياتالمتحدة فشلت حتى الآن في تحقيق الإنجازات المصممة من اجل تحقيقها، والمتمثلة في أن تتسبب العقوبات في حالة شلل للاقتصاد الإيراني وتثير احتجاجات شعبية بين الشعب الإيراني بسبب التضخم وندرة المواد الغذائية والأدوية وإضعاف إيران قدر الإمكان قبل اتخاذ تدابير عسكرية ضدها، والاهم، هو إحداث تغير في النظام لإعادة عقارب الساعة إلى تلك الأيام المريحة للشاه الإيراني الخاضع. وفيما يتعلق بسوريا، يقول البروفيسير الأمريكي أن الآفاق الصهيونية لسوريا ليست أفضل حالا في الوقت الراهن. فالخطة الأمريكية (أيه) حول كيفية تسليح المعارضة السورية فشلت فشلا ذريعا، حيث الخطة المقدمة العام الماضي من المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية والمدعومة من هيلاري كلينتون تم رفضها من قبل الإدارة الأمريكية. وتابع: أن الهدف من تلك الخطة الأمريكية لتسليح المعارضة السورية كان لخلق حلفاء في سوريا حتى تتمكن كل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل من السيطرة إذا تم إزالة الأسد من السلطة. وعلاوة على ذلك، فإن البيت الأبيض يعتقد أنه لا توجد خيارات جيدة لأوباما، فقد اعترض مؤخرا على 4 مقترحات إسرائيلية بما في ذلك مقترح آخر تسليح قوات المعارضة السورية. واستطرد لامب أن الذبول الأخير في الآفاق الإسرائيلية من أجل تدخل جذري من البنتاجون في سوريا يعكس سأم البيت الأبيض من الدخول في حرب. وأيضا ميل إسرائيل لقصف أهداف داخل سوريا نفسها، كما فعلت في يناير الماضي في اغتيال حسن شاطري، أحد قيادي الحرس الثوري الإيراني، خلافا للقصة الكاذبة التي أعلنتها إسرائيل بأن عملية القصف الاخيرة كانت تستهدف قافلة تحمل أسلحة متطورة مضادة للطائرات متجهة من سوريا إلى لبنان. ويؤكد أستاذ القانون الدولي أن ما يجعل الأمور أكثر سوءا بالنسبة لتل أبيب هي أن الجيش الإسرائيلي الآن أصبح غير مستقر بسبب حالة التدهور السياسي والعسكري في المنطقة، مشيرا إلى تقرير نشرته صحيفة جيروزاليم بوست بتاريخ 20 فبراير 2013 يفيد بأن القوات الإسرائيلية أكملت مؤخرا تدريبات عسكرية شملت محاكاة للتضاريس اللبنانية استعدادا لأي اشتباك محتمل مع حزب الله في جنوب لبنان. وكان قائد القوات الإسرائيلية، بيني جانتز، قد شكا مؤخرا إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي أن قوات حزب الله الخاصة تكتسب الكثير من الخبرة الفعالة في القتال في سوريا المدفوع بشكل كبير من قبل جهاديين جبهة النصرة وربما لا تكون قواته على استعداد لمواجهتها في ساحة المعركة إذا اندلع صراع. ومن جهة أخرى يقول الكاتب أن المواطنين العاديين في سوريا وإيران الذين التقى بهم مؤخرا لا يمكنهم تجاهل عبء العقوبات الأمريكية في مختلف أمور حياتهم، وكذلك لا تستطيع الحكومتان الإيرانية والسورية ولا مؤسساتهما الاقتصادية تجاهل ذلك أيضا. ففي بداية صيف عام 2010، وحتى منذ صيف عام 2012، شددت إدارة أوباما وحلفاؤها العقوبات التي تستهدف المدنيين بشكل كبير في سوريا وإيران، حيث أن الإدارة الأمريكية قد أدركت أن العقوبات المفروضة على إيران حتى ذلك الحين كانت غير فعالة وفهمت أن التقدم الإيراني المطرد نحو القدرة النووية من شأنه أن يترك سريعا الولاياتالمتحدة بدون بديل سوى القبول بإيران النووية. ومع ذلك، الإدارة الأمريكية نفسها، وفقا لمسئول سابق في وزارة الخارجية، تعتقد أنها لم تتخذ تدابير أكثر جذرية ضد إيران، فقد تقوم إسرائيل بضربة عسكرية ضد ايران وهي خطوة قد تدمر إسرائيل الصهيونية. وأفادت مصادر في الكونجرس أن البيت الأبيض يشعر الآن أن إيران امتلكت قوة الردع وأن هجوم أسرائيل على إيران سيكون مخاطرة متهورة لها. ويلفت أستاذ القانون الدولي إلى انه في حين أن إسرائيل تدعو لفرض حصار اقتصادي على إيران وسوريا، إلا انه بموجب القوانين الدولية والأمريكية الملزمة يعد الحصار الاقتصادي هو عمل من أعمال الحرب التي يتم تعريفها بأشكال مختلفة على أنها إحاطة بلد ما بقوات معادية وحصار اقتصادي، ومنع دخول أو خروج الحاجات أو المساعدات المدنية من هذا البلد ومنع دخول جميع السفن والطائرات. ويجب أن يتم ذلك بموافقة مجلس الأمن في الأممالمتحدة. فجميع المعاهدات التي وقعت عليها أمريكا، بما في ذلك ميثاق الأممالمتحدة، هي قوانين ملزمة للقانون الأمريكي. والفصل السابع يجيز فقط لمجلس الأمن مهمة "تحديد وجود أي تهديد للسلام أو أي اعتداء"، (وإذا لزم الأمر، اتخاذ الإجراءات العسكرية أو غيرها من التدابير بما في ذلك الحصارات المختلفة) من أجل استعادة السلم والاستقرار الدوليين". وقد عرّف الرئيسين الأميركيين "دوايت آيزنهاور وجاك كندي" الحصارات الاقتصادية بأنها أعمال حربية وكذلك فعلت المحكمة الأميركية العليا. ويرى الكاتب أن إيران وسوريا لا يشكلان أي تهديد للولايات المتحدة أو لأي دولة تلتزم بالقانون الدولي الذي يحمي السلام، لذلك فإن فرض الحصار عليهما ينتهك ميثاق الأممالمتحدة وقوانين حقوق الإنسان وكذلك القانون الأمريكي. وبموجب ميثاق "نورمبرج"، فإن فرض هذا الإجراء سيشكل اعتداء غير قانوني ويتم تصنيفه بموجب الميثاق باعتباره "جريمة دولية كبرى" وبذلك يجعل إدارة أوباما وحكومات كل الدول المشاركة تحت طائلة الإدانة. وأختتم فرانكلين لامب مقاله قائلا: انه "على عكس ما قد يتخيله محتلي فلسطين، فإذا كان البيت الأبيض يريد فرض حصار اقتصادي على إيران او سوريا، فيجب عليه أن يعلن الحرب، ويخبر الشعب الأميركي بذلك، ويقنع مجلس الأمن في الأممالمتحدة بتمرير قرار بذلك. كما أن البيت الأبيض لا يمكنه - قانونيا أو أخلاقيا أو اتساقا مع القيم الإنسانية التي يزعمها – الاستمرار في استهداف السكان المدنيين بفرض العقوبات الاقتصادية.