خرج الدخان الأبيض ومعه ظهر البابا الجديد، الذي جاء انتخابه خلافًا لما سبقه من توقعات، لم يأتِ من الكاردينالات الأربعة الذين ملأوا صفحات الجرائد وشاشات التلفزة على مدى الأسابيع الماضية باعتبارهم الأوفر حظاً بالفوز، وقع الخيار من خارج هذه الدائرة. جورجيو بيرجوليو، كاردينال الأرجنتين، بات منذ مساء أمس يتربّع على رأس الكنيسة الكاثوليكية التي يتبعها نحو مليار ومائتي مليون إنسان حول العالم ، اختيار لاشكّ في أنّه يعتبر إنجازًا لمؤسسة محافظة لم تجرؤ منذ نحو 1300عام على ترقية أحد، من خارج أوروبا، إلى هذا المنصب. لم يأتِ خليفة بطرس من خارج القارة القديمة فقط، بل جاء من الجنوب، من قارة الفقراء، من أمريكا اللاتينية، وفي هذا تطوّر يسجّل لمجمع الكرادلة الذي انبثق من ثناياه البابا الجديد. فبعد يوم من عزلة انتخابية لمجمع الكرادلة، فاجأ العالم اختيار البابا فرانسيس الذي لقب بهذا الاسم نسبة إلى القديس " فرانسيس الأسيزي "، فلم يكن الأسقف الأرجنتيني من بين المرشحين الأكثر حظًا للفوزبالمنصب، ويعتبر جورجيو بيرجوليو أول يسوعي يصبح بابا. ذكرت " هافنتجون بوست " أن جورجيو بيرجلو ولد في بيونس أيرس في عام 1936 لأحد المهاجرين الإيطاليين، أصبح بعد ذلك مهندسا كيميائيا ومفكرا لامعا، كما وهب نفسه لتعلم الفلسفة والأدب وعلم النفس . ذاع صيت بيرجوليو في الأرجنتين وخارجها بلقب " مطران الفقراء "، وكان برغوليو خلال إدارته لكنيسة العاصمة الأرجنتينية، يعيش حياة بسيطة فرفض مثلا العيش في المنزل الفخم الذي خصص له وكان يستعمل وسائل النقل العامة، وفقد بيرجوليو إحدى رئتيه إثر عملية جراحية خضع لها وهو في العشرين من عمره، وفي 2009 قال بيرجوليو مقولته الشهيرة إن الفقر "انتهاك لحقوق الإنسان". وكان بيرجوليو أحد المرشحين المنافسين لبندكتوس السادس عشر لتولي منصب البابا في 2005، وعرف بمواقفه المناهضة للعولمة العشوائية. وفي عام 2010 عارض بيرجوليو بشدة وفي 2010 ع برغوليو بشدة قانون إيجاز المثلية الجنسية في الأرجنتين والذى شبهه بال "الشيطان الذي يتسلل داخل النفوس" مما أثار غضب الرئيسة الأرجنتينية كريستينا كيرشنر التي أكدت أن أقواله تذكر ب "القرون الوسطى وبمحاكم التفتيش". ووقف بيرجوليو ضد تمكين المتحولين جنسيا من تغيير سجلات حالتهم المدنية، ومن جهة أخرى انتقد في سبتمبر 2012 رفض بعض الكهنة عمادة الأطفال المولودين خارج إطار الزواج ووصفهم بال"المنافقين". وعلى كل حال فإن الأعمال التي تنتظر البابا الجديد عديدة، ولكن بالرغم من أنه من اليسوعيين المعروفين بتاريخهم الإصلاحي، إلا أنه من الواضح أنه سيقود الكنيسة على نفس الخط الذي اعتمده بنديكتوس السادس عشر من حيث الصرامة العقائدية ،وقد يصيب هذا الوجه المحافظ بالخيبة بعض أعضاء الكنيسة الذين ينتظرون إصلاحات، خاصة في البلدان الغربية، حول الباباوية وزواج الكهنة ورسامة النساء.