تحتفل إنجلترا خلال العام الحالى بمرور 150 عامًا على مولد كرة القدم الحديثة وذلك فى فريماسون تافرن فى القرن التاسع عشر بلندن. وتقديرًا لدور إنجلترا(مهد الكرة الحديثة) فى وضع أسس كرة القدم ونشر اللعبة لتتحول إلى اللعبة الشعبية الأولى فى العالم ، قرر الاتحاد الأوروبى لكرة القدم إقامة المباراة النهائية لبطولة كأس دورى أبطال أوروبا فى إستاد ويمبلى العريق في مايو المقبل . ويبقى السؤال.. كيف تحولت كرة القدم إلى معشوقة مئات الملايين من البشر. كانت البداية عندما التقى ابينيزير مورلى وهو محامى ورياضى محلى مع عدد من أندية لندن وضواحيها فى 26 أكتوبر 1863، واقترح وضع معايير موحدة للعبة التى كانت قد بدات تمارس قبل فترة وخلال هذا الاجتماع تم الإعلان عن تشكيل اتحاد الكرة الإنجليزى ليكون أول اتحاد من نوعه فى العالم. وأشار الموقع الرسمى للاتحاد الدولى لكرة القدم في تقرير له إلى أن أول مباراة كرة قدم إقميت فى ظل القواعد الجديدة نظمت يوم الأحد 19 ديسمبر 1853 بين نادى بارنز وريتشموند وانتهت بالتعادل السلبي ، لم تكن الأيام الأولى للاتحاد بدون صعوبات حيث كانت هناك كثير من الخلافات بين الأندية وكان عدد الأعضاء محدودًا وكان الاتحاد الإنجليزى قد بدأ يكبر تدريجيًا. وكانت أول بطولة رسمية قدمها فى التاريخ هى بطولة كأس اتحاد كرة القدم للتحدى أو ما سمى بكأس إنجلترا ، حيث أعلن عنها فى صحيفة "سورتسمان" فى 20 يوليو 1871 بدعوة كافة الأندية الأعضاء فى الاتحاد للمشاركة فيها ، وأعلن بالفعل 15 ناديًا المشاركة وفاز نادى واندررز باللقب الأول. وبعد عام واحد في 30 نوفمبر 1872 ، أقيمت أول مباراة دولية رسمية بين إنجلترا و أسكتلندا أمام 4 الآف متفرج وانتهت بالتعادل السلبى . وعلى مدى الخمسة عشر عامًا التالية تم تقنين اتحاد المحترفين وبدأت الاتحادات المحلية فى تشكيل إطار منظمات لمئات من الأندية الجديدة ، ونظم 12 ناديًا من بينها استون فيلا وأفيرتون أول بطولة دورى عام 1888 ، وظل الاتحاد الإنجليزى هو الهيئة العليا ولكن أصبح الدورى كيانًا متمتعًا بالاستقلال الذاتى داخله. والغريب أنه رغم تشكيل الاتحاد الدولى لكرة القدم فى عام 1904 فى باريس فإن إنجلترا لم تكن عضوًا مؤسسًا ولكن بعد عامين وافق اتحاد الكرة الإنجليزى رسميًا على وجود الكيان الجديد وأرسل وفدًا لمؤتمر الفيفا فى برن بسويسرا وانتخب دانيل وولفال من لانشاير رئيسًا للفيفا . ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى يمنح الاتحاد الإنجليزى باستمرار تنظيم كأس إنجلترا فى مواعيدها موسم 1914-1915 ، ووافقت الحكومة على استمرار نشاط كرة القدم لرفع الروح المعنوية . أما عن إستاد ويمبلى العريق فقد تم الانتهاء من بنائه قبل أربعة أيام فقط من المباراة النهائية لكأس إنجلترا موسم 1923 بين بولتون واندرارز وويستهام يونايتد، وكانت السعة الرسمية للإستاد 127 ألف متفرج ولكن كان عدد الحاضرين للمباراة يفوق هذا العدد بكثير، بدأت المباراة متأخرة عن موعدها 45 دقيقة وتقرر بعدها عدم السماح بدخول المباريات النهائية للكأس بدون تذاكر . وكما غابت إنجلترا عن إنشاء الاتحاد الدولى ، حيث نشب بينها وبين الاتحاد الدولى خلافًا دفعها لعدم المشاركة فى أول بطولات لكأس العالم ، وكان مصدر الخلاف رغبة الاتحاد الدولى فى مشاركة بريطانيا بفريق واحد فى البطولة بينما أصرت الأخيرة على مشاركة كل من الجزر الأربع إنجلترا وأسكوتلندا وويلز وأيرلندا بفريق منفصل لكن تم الإبقاء على شعرة معاوية مع الاتحاد الدولى عبر مجلس الاتحاد الدولى . وفى عام 1938 وافق مجلس الاتحاد الدولى على التعديلات التى قدمها ستانلى راوس للسبعة عشر قانونًا لكرة القدم لتكون أبرز تعديل وأشمله لقواعد اللعبة منذ عام 1863. وخلال السنوات السابقة للحرب العالمية الثانية فازت إنجلترا على إيطاليا بطلة العالم فى ويمبلي 3/ 2 وعلى ألمانيا 6/ 3 وحين بدأت الحرب ساهم اتحاد الكرة فى الحفاظ على المستوى البدنى لشباب إنجلترا استعدادًا لخوض القتال من خلال 200 ملعب لكرة القدم استخدمت كمراكز إعداد 40 الف شاب للحرب . وبعد عودته لعضوية الاتحاد الدولى عرض الاتحاد الإنجليزى مساهمات مالية للأندية والاتحادات المحلية لتحسين مستوى اللعبة فى إنحاء إنجلترا كما تمت تعيين والتر وينتربوتوم "كمجير للتدريب" ومديرًا فنيًا لفريق إنجلترا حيث قام بوضع برامج تدريب وطنة أصبحت محط حسد عالم كرة القدم . وفى أول مشاركة لأنجلترا فى كأس العالم بالبرازيل عام 1950 ورغم كونها أبرز المرشحين للفوز باللقب خرجت من البطولة من الدور الأول بعد هزيمتين مهينتين أمام الولاياتالمتحدةوإسبانيا ، كما منيت إنجلترا بهزيمة كاسحة من المجر على إستاد ويمبلى ، لتكون أول هزيمة يلحقها فريق أوروبى بإنجلترا فى ويمبلى تلا ذلك خروج مخيب للأمال من كأس العالم 1958 . ومرت مائة عام على إنشاء الاتحاد الإنجليزى وسط استعدادات إنجلترا لاستضافة كاس العالم 1966، لتكون أول بطولة تحظى بتغطية تليفزيونية كبيرة وقدر عدد المتابعين لمباريات الدورة نحو مليارى نسمة ، وفازت إنجلترا باللقب ليكون الوحيد حتى الآن على المستويين العالمى والقارى بعد التغلب على ألمانيا فى مباراة شهيرة 4/ 2 . وتوجه فريق المدير الفنى ألف رامزى إلى المكسيك عام 1970 وهو يملك فرصة كبيرة للاحتفاظ باللقب غير أنه خرج من دور الثمانية بعد الهزيمة من ألمانيا 2 /3 . وبعد فشل التأهل لنهائيات ألمانيا 1974 تمت إقالة ألف رامز وبعد فترة قصيرة تولى فيها دون ريفى المسئولية فشل الفريق الوطني فى التأهل لنهائيات الأرجنتين 1978 . ويمكن التأكيد على أن التطور الجذري لكرة القدم الإنجليزية الحديثة وتخليها عن أسلوبها العتيق المعتمد على الكرات الأمامية واللياقة البدنية بدأ مع تولى بريان كلوف مسئولية المدير الفنى ونجاحه فى الصعود لنهائيات كأس العالم فى إسبانيا عام 1982 دون هزيمة وقيادة الفريق إلى الدور الثانى فى البطولة . وتولى بوبى روبسون المسئولية بعد ذلك ، ويعود لهذا الرجل الفضل الأول في تحقيق طفرة فى مستوى أداء المنتخب الإنجليزى وتحويل أدائه إلى اللعب الأرضى والتخلى تمامًا عن الأسلوب الإنجليزى التقليدى لحد بعيد . وكان لبوبى روبسون مقولة شهيرة تقول "مشكلتى مع اللاعب الإنجليزى هى السرعة فاللاعب الإنجليزى يبدو وكأنه يعدو أسرع من الكرة" وكانت همه الأول هو تقنين اللياقة البدنية لخدمة المهارات الفنية . وفى كأس العالم بالمكسيك عام 1986 خرج منتخب إنجلترا أمام الأرجنتين فى مباراة شهدت هدف مارادونا الشهير "بيد الرب" ، وهدف ثان رائع من أجمل الأهداف فى تاريخ البطولة ، مضى المنتخب ليحقق أفضل نتائجه فى كاس العالم خارج أرضه بالوصول للدور قبل النهائى لبطولة إيطاليا 1990 ليخرج بركلات الجزاء الترجيحية أمام الخصم القديم ألمانياالغربية. وشهدت كرة القدم الإنجليزية تطويرًا جديدًا بعد فظائع إستادات برادفورد وخيسل وهيلزبورو فى أواخر الثمانينيات ووضع تقرير القاضى بيتر تايلول خطة لتنفيذ تحديث جذرى للإستادات وتزويد كافة المدرجات بمقاعد . وفي عام 1991 وافق مجلس الاتحاد الدورى الممتاز بشكله الجديد بداية من موسم 1992-1993 بهدف تقليل عدد المباريات لكبار اللاعبين من أجل مساعدة المنتخب الإنجليزي . ورغم إخفاق إنجلترا فى الصعود لنهائيات كاس العالم 1994 عادت كرة القدم إلى بلد المنشأ مع استضافة إنجلترا نهائيات كاس الأمم الأوروبية عام 1996 ، ووصل الفريق بقيادة المدير الفنى تيرى فينابلز إلى الدور قبل النهائى . وبعد ثلاث سنوات تم هدم أستاد ويمبلى وتم الانتهاء من إعادة بنائه فى عام 2007 ، وأقيمت المباراة النهائية لكأس إنجلترا رقم 126 بين تشيلسى ومانشيستر يونايتد ليكون أول نهائى يقام على أستاد ويمبلى الجديد . وكانت أول مباراة دولية تقام على الأستاد بين إنجلترا والبرازيل بعد هذا التاريخ بأسبوعين . واليوم وبعد 150 عامًا من مولد كرة القدم يسعى اتحاد الأسود الثلاثة استعادة مجد قديم وبعد استقالة المدير الفنى الإيطالى فابيو كابيلو يسعى المدير الفنى روى هودجسون لقيادة المنتخب الإنجليزى لنهائيات كأس العالم فى البرازيل عام 2014 على أمل أن تكون بداية جديدة لأحفاد بوبى مور وبوبى تشارلتون وبانكس ورفاقهم الذين حققوا كاس العالم 1966 . اخبارمصر-رياضة-البديل Comment *