بعد هذه الأحداث الدامية التي شهدتها شوارع وميادين محافظات المحروسة وعاصمتها، خرج علينا الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بخطاب مليء بقرارات الحظر، داعياً في خطابه لمحاورة النخبة السياسية ليجدوا له الحلول لما أوقع هو بلاده فيه، وبالتالي تلقفت النخبة الخبر بمطالبته ببعض الشروط لإمكانية حدوث مثل هذا التحاور. السؤال الذي طرحته "البديل" مع عدد من الأدباء والفنانين .. هل يعتبر الوقت مناسباً لفتح حوارات من جديد خاصة مع تصاعد الأحداث في الشارع، أم أن الأمور خرجت على السيطرة حتى على التحاور؟. الدكتور حسام عيسى الفقية الدستوري وصف خطاب الرئيس مرسى، أنه خطاب غير سياسي ، لا يوازي القضية ، ويعيد إلى الأذهان أسوأ أيام مبارك .. فبدلاً من المواجهة السياسية للقضايا المطروحة، والتي هي سبب الأزمة، اكتفى الرئيس بالتهديد والوعيد ويبدو أنها اللغة الوحيدة التى يعرفها مكتب الإرشاد، الذى هو فى الغالب صاحب هذا البيان. كما استنكر دعوة الرئيس القوى السياسية للحواروقال :" أى حوار هذا بلا جدول أعمال، وبلا أى تنازلات سياسية، كم حوارا بدأ مع الرئيس من فندق "فيرمونت" إلى الاستفتاء، وكانت كلها أحاديث "طرشان" ولا تساوي فى السياسة حبة خردل ؟ هذا حوار بلا مضمون، وسخرية وضحك على الدقون ". وأضاف عيسى عضو جبهة الإنقاذ، أن مواجهة القضايا السياسية بإجراءات القمع لن تحل المشكلة وعبر عن ثقته فى الجيش المصرى، وقال: "جيش مصر لن يكون أبدا جيش الجماعة ". كما علق على موقف الداخلية، قائلاً: " الوزير دا ملاكي، وينبغي أن يحاسب على هذه الجرائم، وجهاز الشرطة هو من يدفع ثمن هذه السياسات". أما الكاتب والروائي طارق إمام فقال إن: ما قاله مرسي في خطابه الأخير ليس له أي معنى وتلك القرارات تعد عقاب جماعي وليس عملياً على أي مستوى وهي أيضاً ليست على مستوى الأحداث فهو يتمسك بالفروع ويترك البلد تدمر. وأضاف أن ما طلبه د. مرسي من الحوار عبر خطاب تمثل " ابقوا تعالو بكرة نتكلم " ليست طريقة ساسة في التعامل هذا غير أن الموضوع خرج عن إطار الحوار من الأساس. وتساءل إمام : من قال إن جبهة الإنقاذ هي التي يمكنها أن تقول متى يستطيع الناس الخروج ؟ الشارع هو من يسوق الآن وهو وحده القادر على التحرك أو وقفة، وبهذا الخطاب للدكتور مرسي وبهذه الرؤية لا يستطيع أن يوقف التحرك في الشوارع لأن الأمر خرج من يديه. وعن أشكال المقاومة التي أخذت في التنوع ، قال إمام عندما تتفاقم المشاكل بهذه الطرق والسرعة تجد الناس تبدع في طرق المقاومة كشكل من أشكال الحلول. وبسؤال وزير الثقافة الأسبق د. عماد أبو غازي أمين عام جبهة الإنقاذ قال: لا أستطيع إلا القول بجملة واحدة " العنف لا يولد إلا العنف". وفى سياق متصل، أثنت الكاتبة والشاعرة الدكتورة فاطمة ناعوت على موقف جبهة الإنقاذ من لقاء مرسى، وقالت:" مرسى فى تقديرى أسقط شرعيته أكثر من مرة، والجميع يعلم هذا إلا هو". وأضافت ناعوت : " مرسي أظهر وجهه الديكتاتوري الصريح الذي كان يخفيه خلف مسوخ الطيبة والخنوع، والآيات القرآنية التى كان يغزلها فى خطبه ليوحى للعامة أنه الخليفة المختار، على أن خطبته بالأمس جاءت مقتضبة على عكس كل خطبه المترهلة السابقة، ورفع إصبعه فى عين الشعب، ثم طبق الطوارئ ثلاثين يوما ظنا منه أن ذلك سيخمد الثوار فى مدن القناة، ليتمكن المرشد وخيرت الشاطر من التحكم في مصر" . وأبدت ناعوت دهشتها من إعلانه حالة الطوارىء، وقالت:" قانون الطوارئ الذى عارضه قبل أن يجلس على كرسى الرئاسة بكل شراسة قائلاً أنه غير قانونى، يطبقه الآن ! فالغير قانونى فى زمن مبارك أصبح قانونيا فى عهد الإخوان الذين لا يعرفون سوى لغة المصالح" . من جابنها ، قالت الروائية والناقدة هويدا صالح : " هذا خطاب مخجل وكارثى ولا يرقى لمستوى رئيس، فهو يحيى قتلة المصريين، ونشكره على اعترافه بشكل واضح أنه من أعطى الأوامر بذلك . وهذا الخطاب دليل على أنه مغيب ورئيس للإخوان المسلمين فقط ". وأضافت أن ما يحدث فى مدن القناة إنتقام حقيقى منها ، وليس بورسعيد والسويس فقط، بل الإسماعيلية أيضا، التى لم يحدث بها أي اشتباكات ورغم ذلك أعلن بها حالة الطوارئ وحظر التجوال لأنها مزقت لافتات الترحيب بقدومه ورفضت زيارته لها" . وطالبت صالح، مرسى بإقالة حكومة قنديل التى وصفتها بالفاشلة وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى، من كفاءات حقيقية بعيدا عن الإنتماءات السياسية، وأن يعود للعمل بدستور 71 مؤقتا لحين إعداد دستور يعبر عن الإرادة الجمعية للمصريين، وأن عليه العمل على إقامة محاكمات حقيقية لقتلة الثوار. أما الفنان محمد عبلة فرأى أنه لا سبيل أمامنا الآن إلا الحوار ولكن يجب أن يكون هناك ضمان لنجاح هذا التحاور والشروط التي وضعتها جبهة الإنقاذ ليست شروط بالمعنى الحرفي ولكن لكي يكون التحاور على أساس ولكي نخرج منه أيضاً بنتيجة. وتابع أن ما فعله الرئيس مرسي من إعلان حالة الطوارئ في منطقة محددة جغرافياً هذا يمثل عزلاً لهذه المنطقة وبالتالي يعني عزل سيناء أيضاً وهذه القرارات مثيرة جداً للشكوك .. إضافة إلى تلك الأحكام العرفية وقانون الطواريء التي أعلنها د. مرسي والذي انتقدها من قبل وقال عنها إنها معيبة ما يجعل مرسي واقع في أخطاء إسترتيجية ضخمة جدا وسيأتي هذا بنتائج عكسية وخاصة عندما بدأت مدن القناة بالخروج وبدء الحياة بعد قرار حظر التجوال المفروض عليها مباشرتا. ويضيف عبلة المشكلة أن الخبرة مع الرئيس مرسي أنه لا يلتزم بشيء، ولكنني لازلت مع الحل عن طريق الحوار وضد العنف وتكوين أي ميليشيات عسكرية لأننا دولة سلمية وثورتنا سلمية. Comment *