يناقش خلال أيام قليلة قانون الانتخابات البرلمانية، وبعدها تبدأ حملات الدعاية المكثفة لضمان أعلى أصوات لصالح الأحزاب أو المستقلين، وسواء وافقت الأحزاب المدنية على هذا القانون أو رفضته، فنحن أمام واقع فعلى يؤكد على إجراء الانتخابات بعد أقل من شهرين. فى البداية يقول عماد حجاب - منسق شبكة "مراقبون بلا حدود" -راصد- إذا كان إجراء الانتخابات فى النظام السابق يعتمد على التزوير والحشد مقابل الرشاوى الانتخابية فى المناطق العشوائية، رصدت الشبكة بعد الثورة أن الحشد أصبح من قبل تيارات الإسلام السياسى يعتمد على شعارات الحفاظ على الدين والهوية الإسلامية والإسلام هو الحل، فضلا عن تقديم رشاوى عينية لأهالى المناطق العشوائية كالبطاطين وتوفير كوبونات أنبوبة البوتاجاز، وأكياس السكر والزيت ونقل الناخبين بسيارات الى مقار اللجان الانتخابية هو ما حدث فى استفتاء مارس وديسمبر وانتخابات برلمان 2011. أما ما يتوقعه عماد حجاب فى انتخابات البرلمان القادمة هو استمرار أحزاب الإسلام السياسى فى استخدام الدعاية التمييزية مثل اللعب على أوتار مرشح علمانى، ليبرالى أو إسلامى، فضلا عن الدعاية الطائفية خلال الفترة الانتخابية ما بين مرشح قبطى ومسلم وهو ما يلقى صداه فى مناطق الجهل والفقر والعشوائيات. وبعدما تعرفنا على هذه الخروقات التى تمارسها تيارات الإسلام السياسى، واستغلالها المؤقت لأصوات ناخبى العشوائيات، فماهى خطط الأحزاب المدنية لتقديم رؤية بديلة لعلاج مشاكل العشوائيات، وهل هناك تواصل بينها والجهات الرسمية للتعاون من أجل تحسين أوضاع المناطق العشوائية أم لا؟! من جانبه أكد محمد سعيد - أمين العمل الجماهيرى بحزب التجمع - أن العشوائيات أزمة كبيرة مرت عليها سنوات، والحزب قدم آراءه وأفكاره بشأنها سواء من خلال جريدته او أعضائه فى مجلسي الشعب والشورى ومع ذلك لم تتحرك الحكومات منذ أيام السادات حتى مرسى، ويقتصر تحركها فقط لامتصاص غضب الناس عند وقوع كارثة كالدويقة ثم تتوقف المسألة. وأضاف أن الحزب لايستطيع تقديم شىء ملموس لأهل العشوائيات سوى الدراسات التى نقدمها للمجالس المحلية ومؤسسات الدولة، والعمل على توعيتهم بمشكلاتهم وحقوقهم ونناضل معهم سواء كان النضال نضالا قانونيا أو سياسيا مثلما خضنا معركة أهل الدويقة ضد محافظة القاهرة لإعطائهم مساكن بديلة ولكننا لانستطيع أن نقدم لهم زيت وسكر مثلما يفعل الإسلاميون. أما عصام شيحة - عضو الهيئة العليا لحزب الوفد – فقد أوضح ان برنامج الوفد يضم فصلا كاملا يستهدف تنمية المناطق العشوائية، لأنها تعتبر المناطق الأكثر حرمانا من خدمات الدولة وعانت من إهمال شديد منذ ثلاثين عاما وندرة فى الخدمات وارتفاع نسبة الفقر وفراغ أمنى شديد والذى يترتب عليه عديد من المشكلات الاجتماعية، مما دفع الوفد وغيره من أحزاب المعارضة لإصدار حزمة من التشريعات تلزم بها الدولة لتمليك أهالى هذه المناطق من خلال توصيل المرافق العامة من مياه وكهرباء وصرف صحى، إنشاء المستشفيات والمدراس داخل هذه المناطق،إعادة التخطيط العمرانى لهذه المناطق لضمان حياة آدمية لسكانها، وفى حالة انتقالهم الى مناطق أخرى يجب على الدولة إقامة مشروعات جديدة تستوعب الأيدى العاملة لضمان فتح آفاق جديدة للعمل وأخيرا يجب ان تلتزم الدولة بتقديم إعانات لغير القادرين على العمل أو المتعطلين مع مساهمة القطاع الخاص. وألقى شيحة اللوم على الدولة مؤكدا أن برامج الأحزاب معلنة وتتبنى حزمة من التشريعات تضمن تحقيق الاستقرار لسكان المناطق العشوائية، وبالفعل قدمنا كحزب الوفد رؤيتنا للحكومات المتعاقبة بعد الثورة، ولكن للأسف نعيش مرحلة من الارتباك والتربص لم تمكن اى حكومة سوى ان تدير الأعمال اليومية، مؤكدا أنه لاتوجد اى حكومة جاءت بعد الثورة قدمت خطة أو برنامجا محددا. بينما كانت حملتا"أحياء بالاسم فقط"و"مش دافعين"هما آليتا التفاعل على أرض الواقع مع سكان المناطق العشوائية التى استخدمها حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، كما أوضح عماد فرج عضو الأمانة العامة بالحزب، إننا كحزب اشتراكى ليس لدينا أموال لتقديم مساعدات لسكان هؤلاء المناطق ولكن هدفنا توعية الناس وتنظيمهم للحصول على حقوقهم من خلال مساعدتهم بخبرائنا وكفاءتهم من لجان قانونية وهندسية واقتصادية. وأضاف أن "حملة أحياء بالاسم فقط" انتشرت بعد الثورة فى مناطق كرملة بولاق وعزيزعزت بامبابة والإمام الغزالى، أما منطقة الامام الغزالى بالجيزة، فقد شكل الحزب لجنة هندسية قامت بمعاينة المنطقة وعن الأضرار التى يسببها الصرف الصحى على المنشآت السكنية، ورفعنا التقريرالهندسى للمحافظ عبرأهالى المنطقة ويتضمن الاقتراحات والحلول. أما حملة "مش دافعين"بدأت نشاطها مع الانقطاع المتكرر للكهرباء وستظل تتعاون مع سكان المناطق المحرومة، طالما لاتقدم الخدمة بشكل محترم للعشوائيات عكس ماتقدم للمناطق الراقية، متسائلا الى متى سيظل الفقراء يتحملون فاتورة دفع المعاناة فى هذا الوطن،والى متى ستتعامل الدولة مع الفقراء باعتبارهم موارد تمص دمائهم؟، مستنكرا هذه الأرقام الخرافية لفواتيرالكهرباء التى تأتى لأهالى منطقة الوراق بسبب التقديرات الجزافية بالرغم من حرمان هذه المنطقة من الخدمات الأساسية. بينما قال أحمد خيرى - المتحدث الرسمى لحزب المصريين الأحرار- ليس من المفروض علينا كحزب معارض الحلول والتنفيذ، فذلك مهمة الحزب الحاكم، ودورنا تقديم رؤيتنا واقتراحاتنا والتى تأخذ عدة أبعاد تبدأ باستغلال أراضى الدولة الواسعة لبناء مدن سكنية جديدة بأسعار منخفضة، أما البعد الثانى إعادة تأهيل سكان هذه المناطق المحرومة نظرا لمعاناتهم الطويلة للاندماج مع المجتمع واخيرا توفير فرص عمل وخدمات جيدة من تعليم وصحة ومواصلات وكهرباء ومياه فى المناطق السكنية الجديدة الذى يتم فيها نقل ساكنى العشوائيات حتى لاندفعهم للرجوع مرة أخرى لمناطقهم القديمة، مع ضرورة استقطاب الدولة للقطاع الخاص للقيام بمسئوليتهم الاجتماعية. بينما رفض أحمد بهاء الدين شعبان - مؤسس الحزب الاشتراكى المصرى - تصنيف صندوق تطوير العشوائيات للمناطق على أساس أنها آمنة أو غير آمنة، وقال ليس هذا المقياس، بل هناك عشرات المؤشرات الأخرى التى تعبر عن معاناة هذه العشوائيات من فقر وبطالة ووضع اقتصادى متردٍ وأمية وغياب الصحة والتعليم، فهى مناطق خارج السياق الاجتماعى. وأضاف ان الجماعات الدينية والاخوان المسلمين استطاعت ان تدخل العشوائيات وتستحوذ على أصوات ناخبيها اعتماداعلى أموال النفط، بينما الأحزاب المدنية ليس لديها هذه الأموال فهى أحزاب فقيرة، وخاصة الحزب الاشتراكى يعتمد على توعية المواطنين بحقوقهم. ومع ذلك ألقى بهاء الدين شعبان اللوم على الأحزاب المدنية واتهمها بالتقصير الشديد فى محدودية سعيها لدخول هذه المناطق العشوائية والاقتراب من أهلها، انطلاقا من الواجب الوطنى وليس المصلحة الانتخابية حيث أكد انه لايمكن تصور مستقبل البلد وبه مواطنون يعيشون فى مثل هذه الأوضاع المتردية. وتتفق الكاتبة سكينة فؤاد النائب الأول لرئيس حزب الجبهة الديمقراطية مع رؤية أحمد بهاء الدين فى إلقاء اللوم على الأحزاب المدنية، مضيفة أن من أهم أسباب فشل المرحلة السابقة سواء فى نتائج انتخابات اواستفتاءات يرجع لأن الأمر كان يعتمد اكثر على الكلام وغياب البرامج العملية، ومن ثم فموقع العمل الحقيقى هو قلب الناس. وأوضحت سكينة أن حزب الجبهة مر بظروف قللت من فاعليته، لذا فنحن بصدد خطة جديدة لاستعادة نشاطه ونطلب من القواعد الجماهيرية حصر لأكثر الأماكن احتياجا من المناطق العشوائية، والتعاون مع جهات الدولة إذا كانت هناك فاعلية حقيقية. وأعربت سكينة عن أسفها لاستمرار هذه الأوضاع السيئة للعشوائيات بعد الثورة، وأرجعت ذلك الى خروج المسار السياسى عن الخط الصحيح، وماأصابه من مشكلات انعكست بالطبع على جميع مجالات الحياة وتوقف خطط التنمية، وكان يجب أن يوجد خطان متوازيان يمثلان قضبان الثورة هما الإصلاح السياسى والاجتماعى لإنقاذ هؤلاء الذين شربوا بؤس وتعاسة ثلاثين عاما. أخبار مصر - البديل Comment *