رُغم تعدد الأحزاب الإسلامية التي أُسست بعد اندلاع ثورة شعبية قام بها الشباب في مصر في الخامس والعشرين من يناير 2011، واجتماعها على "تطبيق شرع الله"، فإنهم اختلفوا بعد ذلك في طريقة التطبيق، الأمر الذي أدى إلى حدوث انشقاقات داخل الحزب الواحد، وتأسيس المنشق لحزب سياسي. أول الانشقاقات بدأت بأشخاص سرعان ما أسسوا أحزاباً سياسية، كان أولهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، الذي فصلته الجماعة بعد قراره بخوض الانتخابات الرئاسية، قبل أن تعتزم الجماعة ترشيح أحد أعضائها للمنافسة على المنصب الرفيع، فما كان منه بعد خروجه من سباق التنافس في الانتخابات الرئاسة، إلا أنه أسس حزباً سياسياً جديداً يحمل اسم "مصر القوية" الذي قال إنه سيقدم من خلاله نموذجاً للدولة المدنية بمرجعية إسلامية وسطية. الانشقاق في حد ذاته، كشف عن كم التناقضات التي تحملها الجماعة، بعد هجوم أبو الفتوح عليها، فهي جماعة غير قانونية، ترفض الخضوع للقانون، لضمان عدم سؤالها عن مصادر تمويلها. بينما الانشقاق الثاني تمثل في انشقاق معنوي من حازم صلاح أبو إسماعيل عن التيار الإسلامي كافة، بعد أن أعلن النور دعم أبو الفتوح في الانتخابات الرئاسية، والإخوان ترشيح الشاطر ثم مرسي الرئيس الحالي، مما استشعر أبو إسماعيل بوحدته، فقرر هو وجماعته تأسيس حزب سياسي الذي لم ير النور حتى الآن. الغريب في الأمر والمثير للدهشة، عندما قرر جمال صابر المقرب من أبو إسماعيل والمنسق العام لحركة "حازمون" عدم الدخول في حزب خليله، والشروع في تأسيس حركة إسلامية دولية ذات توجه سياسي، دعوى، اجتماعي، تعمل على نشر الفكر السلفي الوسطي في إطار دولي وعربي. وأوضح صابر أن الحركة تضم مجموعة من الرموز السياسية، والاجتماعية، ورؤساء بعض الصحف القومية، بالإضافة إلى رؤساء أحزاب صحف مستقلة، وبعض الشخصيات المستقلة، وأنها "الحركة" ستكون على غرار جماعة الأخوان المسلمين دولية، تعمل على إنشاء علاقات في الخارج سياسية، واقتصادية، ودينية، وتعمل أيضاً على تصحيح الفكر الإسلامي السلفي الذي أصابه شوائب في الفترة الماضية، مشيراً إلى أن الحركة سوف تكون لها بداية في بعض الدول العربية والأوربية أمثال مصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر واليمن وليبيا وأمريكا والنمسا وكندا، إلا أن حركة جمال صابر لم تشهد الولادة إلى آلآن. الجماعة الإسلامية أيضاً أصابها داء الانشقاق لما خرج المفكر والقيادي بالجماعة ناجح إبراهيم عن نطاق الجماعة، معلناً استقالته في ظروف غامضة، لم يعلن عنها حتى آلآن، الأمر ذاته تقرر مع المتحدث الرسمي للجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد، عندما قرر تأسيس جماعة "الأنصار"، التي أكد أنها جماعة تهدف إلى نصرة المجاهدين في كل مكان، وتقديم العون اللازم لهم، الأمر الذي لم يلق قبولا من أعضاء الجماعة، وقررت على أثرها إخلاء مسئوليتها عن تلك الجماعة. الجماعة الإسلامية شهدت أيضاً انشقاقا بعض قياداتها وعدم دخولهم في حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وتأسيس حزب "الضياء" بعد الاندماج مع حزب "الأمة الجديد"، وكان من أهم قياداته كرم زهدى رئيس مجلس شورى الجماعة السابق، وعلى الشريف القيادى السابق بالجماعة وحمدى عبد الرحمن وفؤاد الدواليبى أعضاء مجلس شورى الجماعة الإسلامية، وكذلك انشق القيادي الجهادي كمال حبيب عن حزب "السلامة والتنمية" لاختلافه معهم في وجهات النظر وطريقة التنفيذ. بينما تمثلت آخر الانشقاقات وأخطرها في أكبر حزب سياسي بعد حزب الحرية والعدالة، حزب النور السلفي في انقسامه إلى جبهتي تعارض كل جبهة سياسات الأخرى، وانقسم الحزب لجبهتين، جبهة عماد عبدالغفور، وجبهة أشرف ثابت، الأمر ازداد في خطورته، لما وصل الانشقاق لصفوف أعضاء الدعوة السلفية على خلفية الأحداث وانقسامهم إلى فريقين، فريق ينتمي لجبهة عبدالغفور والآخرى لجبهة أشرف ثابت، وتصاعد الأمر إلى أن وصل للقضاء، ما توقع الكثير إصدار حكماً قضائياً بتجميد الحزب، لولا تدخل الأباء من قيادات الدعوة السلفية في الأمر لرأب الصدع بين الجبهات المختلفة، وهذا ما نجحت فيه الدعوة لعقد جلسة صلح بين الجبهتين. الأمر برُمته كشف كواليسه قيادي داخل الحزب، مشيراً إلى أن سبب الأزمة نفوذ الأباء داخل الدعوة السلفية، وهو ما يرفضه عبدالففور كليتاً، والذي يحاول أن يحدث فصلاً حقيقياً بين الحزب ونشاطه السياسي، والدعوة ونشاطها الدعوي، إلا أن جهود التهدئة التي وضعهتا قيادات الدعوة السلفية، لم تصمد كثيراً أمام صراع إثبات النفوذ، فنقضت الهدنة بين الطرفين، وعاد الصراع مرة أخرى للحزب آلآن. مراقبون أكدوا أن كثرة وجود الحركات السياسية الإسلامية والائتلافات، دليل على تمرد شباب تلك الحركات، وخروجهم فكريا عن الشيوخ التي تعتبر مرجعيات لتك الأحزاب، مثل "سلفيو كويتا" التي اتخذت من "كافي شوب" كوستا مقراً لها، وهو تيار يرى الانفتاح على المجتمع، دون التقيد بالضوابط التي يضعها قيادات التيار، وكذلك الجبهة السلفية التي تسعى لتشكيل حزب الشعب السلفي الآن، ورفضت الدخول تحت أي حزب سلفي موجود. أخبار مصر - حصاد البديل Comment *