بلاد مات فتيتها لتحيا .. وزالوا دون قومهم ليبقوا...بيت شعر، اتخذت منه الثورة المصرية عقيدة وشعارًا، فمنذ اليوم الأول للثورة المصرية، وأرض هذا الوطن تكاد تنبت أناسا من كم الدماء التي تجرعته، دماء زكية طاهرة أريقت بعد أن قررت لأول مرة أن تقول "لا" في وجه ظلم واستبداد النظام الحاكم، وعلى غرار العام الأول للثورة، فقد أبى عام 2012 أن يمضي تاركا مكانه في كتب التاريخ دون دماء. التالتة شمال. بدأ عام 2012 بأولى مجازره، ب "أولتراس أهلاوي" فيما يعرف ب "مذبحة بورسعيد". مجموعة "أولتراس أهلاوي" هي إحدى أهم أعمدة الثورة المصرية، والتى عانت منذ نشأتها، من اضطهاد وقمع وزارة الداخلية، وكانت البداية في "مجزرة بورسعيد" مع أحداث مجلس الوزراء، عندما استشهد محمد مصطفى "كاريكا"، أحد أفراد مجموعة "أولتراس أهلاوي" برصاصة غدر، في يوم 21 ديسمبر 2011، بعدما قرر النزول اعتراضَا على سحل الفتاة التي تدعى "ست البنات"، وتعريتها من قبل جنود القوات المسلحة، وقتها قررت "أولتراس أهلاوي" أن تزلزل أرجاء مصر بهتاف "يسقط حكم العسكر"، الذي اعتبرته الأولتراس، القاتل الحقيقي ل "كاريكا". توقعت الأولتراس بعد إعلان رفضها لحكم العسكر، المزيد من التضييق والملاحقات الأمنية لأفراد المجموعة، ولكن لم تكن تتوقع أبدًا أن يتم الغدر بها داخل ستاد بورسعيد، أثناء تشجيع ناديها التي غنت له "أديله عمري وبرضو قليل"، في مباراة الأهلي والمصري، والتي شاء القدر أن تكون في الذكرى الأولى لموقعة الجمل، في 1 فبراير 2012. اقتحم مجهولون مدرجات النادي الأهلي، وقاموا بقتل الأبطال، الذين استشهدوا وهم مرفوعي الهامة، لتستمر مسيرة المجموعة في وجه الأنظمة البائدة، تطالب بالقصاص لرفاق الرحلة الصعبة، ولا شىء غير ذلك، وكان عددهم 74 شهيدًا هم: عبد الرحمن فتحي، عبد الرحمن شتا، أحمد عبد الحميد، أحمد عزت، أحمد فوزي، أحمد إسماعيل، أحمد محمد السيد، أحمد محمد يوسف، أحمد أسامة، أحمد طه حسين، أحمد وجيه، أحمد يوسف، أحمد زكريا، علاء المرسي، أمجد السيد، عمر أحمد محمد، أنس محى الدين، أيمن محمد، باسم الدسوقي، العربي كامل، السيدة جودة، حامد فتحي، حسن فهمي، حسام الدين سيد، حسين محمد، إسلام علوان، إسلام أحمد، إسلام حسن، كريم خزام، كريم أحمد، كريم المليجي، خيري فتحي، خالد عمر، محمود محمد عبد الخالق، محمود صابر، محمود سلامة، محمود سليمان، ممدوح محمد، مهاب صالح، محمد عبد الله، محمد أحمد عبد الحميد، محمد أحمد خاطر، محمد علي محمد، محمد أشرف محمد، محمد فرغلي، محمد جمال، محمد حسين، محمد خالد، محمد محمود أحمد، محمد محروس، محمد مصطفى محمد، محمد ناصر عبد السميع، محمد رشدي، محمد سمير جمعة، محمد سمير محمد، محمد سيد الشربجي، مصطفى أحمد السيد، مصطفى عصام، مصطفى جمال، مصطفى متولي، مصطفى محمد مصطفى، مصطفى محمد يوسف، مصطفى نصر إبراهيم، عمر على سعد، عمر عمرو آدم، أسامة مصطفى أحمد، سعد جمال، سعيد محمد، سليمان أحمد، يوسف حمادة، عمر جمال عبد القادر، بالإضافة لشهيد لم يتم التعرف عليه. يا نجيب حقهم .. يا نموت زيهم. فور السماع بمجزرة بورسعيد، خرجت مظاهرات حاشدة، اعتراضًا على النظام الحاكم، والمطالبة بالقصاص من قتلة الثوار، حيث خرجت مسيرة حاشدة من ميدان التحرير، اتجهت إلى وزارة الداخلية، لأنها تواطأت مع المجرمين على الأولتراس، مثلما تم وصفها، في نفس الوقت الذي خرجت فيه مسيرات في محافظات أخرى منها الإسكندرية والسويس، واستمرت الأحداث من يوم 2 إلى يوم 7 فبراير، وراح على أثرها حوالي 15 شهيدًا. أحداث العباسية في يوم 2 مايو، هاجم مجهولون، أنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، الذين اعتصموا بمحيط وزارة الدفاع، اعتراضَا على استبعاد الشيخ حازم، من الانتخابات الرئاسية، بدعوى أن والدته تحمل الجنسية الأمريكية، وهذا ما يخالف ما جاء بالإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011. وانضم لذلك الاعتصام، مجموعة من شباب القوى المدنية المختلفة، تأكيدًا على حق الاعتصام السلمي لأى مواطن مصري، أيًا كانت عقيدته الفكرية، ووقع في تلك الأحداث حوالي 11 شهيدًا وهم: مصطفي إسماعيل حسين، أحمد إبراهيم بدير، طارق عبد النبي، أحمد رفاعي مدبولي، عمرو إبراهيم الدسوقي، رأفت رضا نبيه بدران، أسامة أحمد عبدالسلام، أحمد فتح الله، فتحي إبراهيم. الشهيد أبو الحسن إبراهيم. بكتب بدمي حياة تانية لأوطاني. وهذه كانت آخر عبارة كتبها أبوالحسن، الطالب بالفرقة الرابعة، بكلية الطب البشري، جامعة عين شمس، على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، قبل أن يلقى ربه شهيدًا، إثر إصابته فى رأسه بطلق نارى، حيث كان أبو الحسن عضوا بحركة شباب 6 إبريل، بمنطقة مدينة نصر، وكان منسق الحركة بجامعة عين شمس. الشهيد عاطف الجوهري. ثار عاطف كمثله من شباب المصري الحر، الذى طالما اعترض على الحكم العسكري الديكتاتوري، ليستشهد عاطف بثلاث طلقات نارية فى الصدر، فكان عاطف ابن ال 40 عامًا، عضوا بائتلاف شباب الثورة، بمحافظة البحر الأحمر، وكان يعمل طباخًا بأحد فنادق شرم الشيخ. شارع عيون الحرية. كانت أحداث محمد محمود، التي بدأت 19 نوفمبر 2011، مرحلة من أهم مراحل الثورة المصرية، حيث أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد تلك المجزرة، عن تسليم البلاد في شهر يونيو 2012، بعدما كان من المقرر أن يتم تسليم البلاد في منتصف عام 2013. وبالرغم من مرور أكثر من عام على تلك الأحداث، وبالرغم من تسليم السلطة لأول رئيس مدني منتخب، وعد بإعادة حق الشهداء، إلا أن تلك الوعود لم تتحقق، ولم يتم القصاص من قتلة الثوار، ولذلك وفي الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود في 19 نوفمبر 2012، زحف الثوار من كل ركن، إلى شارع عيون الحرية "محمد محود سابقًا"؛ للمطالبة بالقصاص لإخوانهم وذويهم، ولكن في دولة تتبدل بها أسماء الحكام، ويظل الظلم واحدًا، اندلعت اشتباكات بين قوات الشرطة وبين متظاهري محمد محمود، ليتكرر نفس مشهد المجلس العسكري. الشهيد جابر صلاح "جيكا". "هنتخب مرسي عشان شفيق ميقتلنيش لما أنزل مظاهرات"، كان ذلك هو موقف جابر صلاح، ابن ال 16 عامًا، وعضو حركة شباب إبريل، والذي استشهد بعد أن أصيب بطلقة خرطوش في الرأس، على يد قوات شرطة الرئيس، الذي كان يدعو "جيكا" لانتخابه، حتى لا يقتله عندما ينزل مظاهرات. نزل "جيكا" في ذكرى أحداث محمد محمود، حتى يطالب بحق الشهداء، وحق ابن عمته، الذي أصيب في الأحداث الأولى، قائلاً لابن عمته عندما طلب منه الرجوع للبيت "هتشوف العيل الصغير ده هيعمل إيه"، ولم يكن يعلم أنه بالفعل سيكون أحد أبطال مصر على مر التاريخ. الإعلان الدستوري. لم يمضِ وقت طويل على وقوع شهداء في أحداث محمد محمود الثانية، حتى يُصدر الرئيس محمد مرسي، إعلانًا دستوريًا جديدًا، حوّل مصر إلى حرب شوارع، بين مؤيدي هذا الإعلان ورافضيه، وأراق دماء حوالي 3 شهداء. الشهيد إسلام مسعود. استشهد إسلام فى 25 نوفمبر 2012، ليكون أول شهيد لقرار سياسى من الرئيس محمد مرسى، حيث تسبب هذا القرار احتقان فى الشارع المصرى، فتثور القوى المعارضة، ويبدأ مجهولون بحرق مقرات حزب الحرية والعدالة، وإذ هم يتجهون نحو مقر الحرية والعدالة، بميدان الساعة، مركز دمنهور، محافظة البحيرة، فيكون إسلام أمام الحزب يدافع عنه، حيث ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وتحدث اشتباكات؛ فيسقط إسلام ابن ال 15 عامًا، وتكون آخر كلماته "خلى أمى تسامحني". الشهيد فتحي غريب. خرج ليطالب بإسقاط الإعلان الدستورى الذى أعلنه الرئيس محمد مرسى، ليستشهد؛ بسبب قنابل الغاز التى تلقيها قوات الشرطة؛ لتفريق المتظاهرين، وكان الشهيد ابن ال 50 عامًا، من القياديين بحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، وهو من أبناء المطرية، واستشهد في يوم 27 نوفمبر بميدان التحرير. الشهيد أحمد نجيب. خرج أحمد ابن محافظة المنوفية، الذي يعمل نقاشًا، ويبلغ من العمر 18 عامًا؛ اعتراضًا على الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، حيث كان أحمد لا ينتمي لأى تيار سياسي، ولكنه خرج فقط لأنه اعتبر أن هذا الإعلان الدستوري، ظلم جديد وطغيان بين، وقد استشهد بعد نزوله ميدان التحرير بيوم واحد. القصر الذي تحول محيطه لبحيرة دم مصرية. اندلعت اشتباكات بمحيط قصر الاتحادية، عندما قرر رافضو الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، التوجه بمسيرات لهناك، في نفس الوقت الذي قرر فيه مؤيدو قرارات الرئيس، النزول للتظاهر بنفس المكان، بحجة الدفاع عن القصر والشرعية، ونتيجة لهذا وقعت الاشتباكات العنيفة التي راح ضحيتها حوالي 11 شهيدًا، وهم: كرم جرجيوس،محمود محمد إبراهيم عوض، محمد خلف عيسى، محمد ممدوح أحمد الحسيني، محمد محمد السنوسي، خالد طه أبو زيد، هاني محمد الإمام، علاء محمد توفيق، ياسر محمد إبراهيم، محمد فريد أحمد. الشهيد الصحفي الحسيني أبو ضيف. الحسيني طالب كلية الحقوق، بجامعة أسيوط، الذي عُرف بنشاطه الطلابي، واتجاهه الناصري، ووقوفه مع جماعة الإخوان المسلمين بقوة، في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، حيث وقفته عام 2006 على سلم نقابة الصحفيين يهتف ضد محاكمة خيرت الشاطر، نائب المرشد العام، و40 آخرين من قيادات الجماعة، أمام محاكم عسكرية، هذا بالإضافة لدعمه الشديد للرئيس محمد مرسي، في الجولة الثانية من انتخابات رئاسة الجمهورية، حتى لا يفوز الفريق أحمد شفيق في تلك الانتخابات. نزل الحسيني أحداث الاتحادية بدافعين، الأول هو الاعتراض عل سياسات الرئيس مرسي هاتفًا "يسقط حكم المرشد"، والثاني هو توثيق الأحداث والمجزرة التي تحدث، بالكاميرا التي دفع كل ما يدخر، حتى يشتريها. وكأنه كان يشعر أن وقت الموت قد حان، فقد كتب الحسيني قبل نزوله إلى محيط الاتحادية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "هذه آخر تويتة قبل نزولى للدفاع عن الثورة بالتحرير وإذا استشهدت لا أطلب منكم سوى إكمال الثورة"، وبالفعل استشهد الحسيني يوم 12 ديسمبر، بعد أن أصيب بطلقة غادرة في الرأس. وبهذا الكم الهائل من الشهداء، انتهى العام ولا نعلم، هل ستتوقف سيول الدماء المصرية أم لا .. وكل ما يسعنا قوله هو .... "المجد للشهداء". أخبار مصر - حصاد - البديل Comment *