تذكرت مشهداً من مسرحية شاهد ما شافش حاجة، حينما قرأت تصريحات المستشار محمود مكى، نائب رئيس الجمهورية، التى قال فيها إن الرئيس تعهد له بعدم إساءة استخدامه للصلاحيات التى منحها نفسه فى الإعلان الدستورى الأخير، وتخيلت الشعب المصرى كله -عدا الإخوان المسلمين- فى موقف سرحان عبد البصير، يقول للرئيس بعد أن يتحول إلى ديكتاتور "دا أنا غلبان يا بيه". أسأل المستشار مكى، هل كنت تناضل منذ عام 2005 مع تيار استقلال القضاء وتقف فى وجه نظام مبارك، من أجل أن يأتى حاكماً يُفصل دستوراً كيفما يشاء ليٌرضينا فى النهاية ب"كلمتين"، ويعدنا بعدم إساءة استخدامه؟، أم كنت تهدف إلى مساندة جماعة للوصول إلى سُدة الحكم لتكريس حكماً فاشياً يتخذ من الدين ستاراً لتحقيق مآربه، وتكون أنت أحد المستفيدين من الكعكة التى تقتسموها فيما بينكم؟ أم أنك حقاً كنت تسعى لإقرار دولة العدل من خلال نصوص دستورية وقوانين واضحة تحقق ذلك الامر؟. إذا كنت تريدنا أن نقبل بالوعود، فكان أولى بنا –وأنت معنا- أن نقبل تعديلات مبارك الدستورية وعلى رأسها المادة 76، لأنه تعهد بعدم توريث الحكم لنجله جمال، أما إذا كنت تهدف بنضالك من خلال تيار الاستقلال لوصول الإخوان إلى الحكم وتقسيم "كعكة مصر" فيما بينكم، وإقرار حكماً فاشياً، فإنى وكثيرين معى، وهذه الجريدة التى كانت أكثر المدافعين عنكم بشراسة، نعتذر لشعب مصر على مساندتك أنت وتيار استقلال القضاء يوماً ما، ونعترف بالخطأ غير المقصود، لأننا كنا نهدف إلى بناء دولة قوية بقضاءها المستقل ومؤسساتها التى يحميها دستور يعبر عن كل أطياف الشعب. أما إن كنت تسعى حقاً لدولة العدل، فهل تُصدق رئيساً أخلف وعده مرتين حينما قال إنه سيدعم الجمعية التأسيسية للدستور بأعضاء يحققون التوازن، وعدم طرح الدستور للاستفتاء قبل التوافق عليه مع كافة القوى السياسية، وكذبت جماعته عندما قالت إنها لن تُرشح أحداً لمنصب الرئيس بعد الثورة؟!، إذا كنت أنت لا تنتمى لتلك الجماعة وتُصدق، فلا تتوقع أن يُلدغ الشعب من جُحر مرتين!. المستشار محمود مكى، قال أيضاً إن هدف الرئيس من إصدار الإعلان هو إبعاد القضاة عن السياسة، فهل ما كنت تمارسه يا سيادة المستشار الجليل منذ 2005 مع تيار استقلال القضاء لم يكن سياسة؟!، وإذا لم يكن سياسة، هل الدفاع عن استقلال القضاء الآن حرام بعدما وصلتم إلى الحكم؟ هل التصدى لدستور أو إعلان يصنع ديكتاتوراً لم يعد حلالاً بعدما أصبحت جماعة الإخوان المسلمين هى الحاكمة فى مصر؟ وهل معارضة حركة قضاة من أجل مصر لقرارات جموع القضاة فى موقفهم من الإعلان الدستورى والاستفتاء يخرج عن إطار السياسية؟ وماذا تقول فى التقاط أحد المصورين الصحفيين صورة للمتحدث باسم الحركة المستشار وليد شرابى، وهو خارجاً من مكتب الإرشاد؟. أقول للمستشار الجليل محمود مكى، أعرف أن من صفات القاضى، أنه من أهل التأمّل والتحقيق ولا يمرّ بسهولة على القضايا، ولا يقضي دون دليل وعلم، ولا يكتفي بسماع الأقوال في إصداره لأحكامه، والاحتياط لعدم الانخداع بأساليب المكر والحيلة ولا يستهويه التملّق والإطراء، لكنك اكتفيت بسماع الأقوال وصدقتها وأصدرت حكمك للشعب وقبلت الإعلان الدستورى. أقول للمستشار الجليل، إن اتهامات كثيرة بالفساد والفلولية، وجهت للمستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، من قبل أنصار جماعة الإخوان المسلمين، وإذا افترضنا صدقهم، فربما أراد الله بالمستشار الزند، أن يسجل التاريخ له موقفاً مشرفاً بالتصدى لسرقة بلد وصناعة ديكتاتور، أقول للمستشار محمود مكى، العبرة بالخواتيم!. Comment *