استجابت أمس "الثلاثاء" 11 صحيفة يومية وأسبوعية من الصحف الحزبية والمستقلة؛ لتوصية مؤتمر نقابة الصحفيين، الذى عُقِد يوم 25 نوفمبر الماضى، ودعا إلى احتجاب الصحف اعتراضًا على الإعلان الدستوري، كذلك عدم الاستجابة لمطالب الصحفيين في الدستور الجديد المقرر طرحه للاستفتاء يوم 15 ديسمبر القادم. والصحف التى حجبت عن الصدور اليوم احتجاجًا على تقييد الحريات هى الشروق، والتحرير، والوطن، والمصري اليوم، واليوم السابع، والوفد، والأسبوع، والأحرار، والفجر، والأهالى، والدستور. ويأتي احتجاب الصحف الحزبية والمستقلة اليوم الأول في تاريخ ثورة يناير 2011، ولكنه ليس الأول في تاريخ الصحافة المصرية، فقد احتجبت الصحف المصرية دون القومية في عهد الرئيس السابق مبارك ثلاث مرات، جاءت الأولى في عام 1995؛ اعتراضًا على القانون رقم 93 الذى يغلظ عقوبات الحبس في جرائم النشر حتى تم تعديله بالقانون 96 لسنة 1996، والثانية في عام 2006 احتجاجًا على مشروع القانون الذى يسمح باستمرار العمل بعقوبة الحبس في قضايا النشر على الرغم من إجراء تعديلات على قانون العقوبات تلغي هذه العقوبة، ولكن هذه التعديلات استحدثت نصًّا يوجب حبس الصحفي إذا تم الطعن في الذمة المالية للموظفيين العموميين وأعضاء المجالس النيابية المنتخبة والمكلفين بخدمة عامة، فيما كانت المرة الثالثة في عام 2007، حيث حجبت 15 صحيفة حزبية ومستقلة احتجاجًا على اعتداء الحكومة على حرية الصحافة بإصدارها أحكام على مجموعة من الصحفيين ورؤساء التحرير أبرزها إهانة قيادات في الحزب الوطني السابق وتحريف تصريحات أحد رموز النظام. كما ترجع ظاهرة الإنذار والضغط باحتجاب الصحف إلى عام 1914، حين احتجبت الصحف اعتراضًا على قسوة الرقابة العسكرية عليها، واحتجبت مرة أخري في عام 1951؛ احتجاجًا على قوانين كانت الحكومة تعتزم فرضها على الصحافة لتقييد حريتها. وتاريخ الصحافة في مصر بدأ عندما أصدر محمد على والى مصر أمرًا في عام 1827 بإصدار "جرنال الخديوى"؛ بهدف إعداد نشرة خاصة يطلع من خلالها على شئون البلاد، ولكنه لم يلبث أن شعر بحاجة الشعب للاطلاع على أحوال الحكومة، فحوَّلها إلى "صحيفة الوقائع المصرية"؛ اعتبارًا من عام 1828 باللغتين العربية والتركية، وتلا ذلك ظهور "الجريدة العسكرية" عام 1833. وقبل أن تختفي السلطنة في مصر كانت جرائد الرأي قد ظهرت، فكانت الصحف المصرية هى الأقدم في الشرق الأوسط ويزيد عمرها على 179 عامًا. والصحف الوطنية في مصر كانت سابقة على ظهور الأحزاب السياسية والكثير من تلك الأحزاب التى تأسست قبل ثورة 23 يوليو 1952 خرجت من دور الصحف عندما بلغت الوطنية المصرية ذروتها خلال الثورة العربية والتيارات الأوربية بسعي جميع التيارات إلى إصدار صحف تعبر عن آرائها وتدافع عن مصالحها تجاه القضايا والأحداث، حتى أصبحت الصحف هى أول نشاط جماهيري منظم لهذه العناصر. ومع قيام ثورة يوليو شهدت الخريطة الصحفية تغيرات كبيرة من أهمها اختفاء الصحف الحزبية بعد صدور قرار إلغاء الأحزاب السياسية، واستمرت حالة الاختفاء قرابة ربع قرن، بعدها عادت من جديد الصحف الحزبية في الصدور مع ظهور قانون الأحزاب السياسية في عام 1977 الذى أجاز لكل حزب إصدار صحيفة أو أكثر للتعبير عن آرائه دون الحاجة لإذن أو ترخيص. وكانت أول صحيفة حزبية تصدر في مصر هى جريدة "مصر الأسبوعية" التى صدرت عن حزب الأغلبية "الحزب العربي الاشتراكى" في عام 1977، وفى عام 1978 تم الإعلان عن صدور أول جريدة معارضة في ظل قانون الأحزاب، وكانت صحيفة "الأحرار" هى باكورة الصحافة المعارضة، والتى صدرت في عام 1977. وفى أواخر التسعينيات شهدت مصر انطلاقة جديدة في الصحافة بظهور الصحف المستقلة التى حاولت أن تستقل بأفكارها وتمويلها عن الصحف القومية الممولة من الدولة؛ لتقدم للقارئ المصري وجبة صحفية مختلفة تمامًا عما تعود عليه، وبمرور الوقت أصبحت تلك الصحف منافسًا قويًّا للصحف القومية المعتادة في معدلات توزيعها واستقطاب قرائها. أ ش أ Comment *