في هذه الايام تمر ذكرى رحيل فنان الشعب أو "والد الشعراء" كما أطلق هو على نفسه الشاعر الكبير فؤاد حداد ، والذي ظل تأثير شعره في طبيعيته وبلاغته والمفعمة ايضا بالتراث الشعري القديم والحديث ، تسري في مخيلة الشعراء جميعا ، وداخل كل الدوائر التي تواجد فيها حداد ، نحاول تلمس هذا الآثر مع أبناءه وأحفاده وبعض معاصريه . الشاعر أمين حداد الابن الأوسط لفؤاد حداد يقول : تعرفت على شعر فؤاد حداد منذ كنت في الخامسة من عمري والتحديد في وقت خروج أبي من المعتقل ووقتها أخذ يلقي علينا أشعاره التي كتبها في هذا التوقيت . "الشعر جزء من حياتي فهو مثل عبارات صباح الخير ، صباح النور ، عندما بدأت أكتب الشعر قلدت تلامذة فؤاد حداد ولكن بعد فترة تجرأت وكتبت قصيدة وأعطيتها له وشجعني على الاستمرار، ووقتها أعتبرت انه أعطاني تصريح للكتابة وواعطاني ايضا ثقة كبيرة حيث كنت أعرف عنه أنه لن يجاملني . وايضا كانت لديه طريقة جميلة في النقد فهو لا يقول أن هذا الشعر سيىء وأنما يرى بطبيعته الشعرية مواطن الجمال في الشعر الذي يعرض عليه ". ولم تقتصر موهبة الشعر في أبناء فؤاد حداد علي أمين فقط ولكن أخي الكبير سليم حداد كان يكتب الشعر طوال حياته على إستحياء ومع إندلاع الثورة أظهر شعره ونشره . ويضيف أمين ، ان الاعجاز في شعر والده كان يكمن في التدفق الذي يشبه الشلال مع الطبيعية والبساطة فتشعر معه انك أمام قوى الطبيعة بعنفوانها وبساطتها في أن واحد. اما أحمد حداد الحفيد فيقول :ان الاشياء التي جمعته بجده كانت في ذاكرته المنسية ،حيث توفي الجد وهو ابن عام واحد ، ولكن ذاكرته كانت تختزن صورة أسطورية عن جده. ويؤكد أحمد " أن جميع الاجيال التي تلت فؤاد حداد وهو منهم خرجوا من عباءته وحتى من عاصروه ، حتى صلاح جاهين وهو جد أحمد لأمه عندما يذكر أحد أمامه انه هو فؤاد حداد من أثر في شعر العامية كان جاهين يقول لا أن الفضل يرجع الى فؤاد حداد. ويذكر أحمد انه عندما بدأ كتابة الشعر كان في الثامنة من عمره ، لا فتا الى انه كتب مشاعر لم يجربها ولكن عندما احس بمشاعر الحب والوطن أصبح عايش في البلد واضاف : وأحسست بالهم الوطني وهو ما وجدته متواصل مع ما كتبه شعراء الستينيات فلوا أتينا بقصيده لفؤاد حداد كتبت في الستينيات تشعر أنها مكتوبه لتعبر عن الحال الأن مثل " خليك فاكر مصر جميلة " إزرع كل الأرض مقاومة " ، وهذا ما نقوم به مع جمهور فرقة إسكندريلا والشارع بصفة عامة . عن جيل الشعراء من الابناء والاحفاد لفؤاد حداد يقول أحمد حداد ان صلاح جاهين قال أن شعر فؤاد حداد معدي ويحلق حوله فيخلق الشعراء, فعندما كان حداد في المعتقل كان زملائة يكتبون الشعر وعندما يجلس مع جيرانه يحاولون كتابة الشعر ايضاً . ولكن تكمن الفكرة ايضا في الموهبة حيث انها لا تذهب الى الأبناء جميعا وأحياناً تتأخر في الظهور ، واجد ذلك مع أعمامي الثلاثة كلهم حاولوا كتابة الشعر ولكن في اوقات مختلفة مثل عمي الاكبر سليم والذي بدأ الشعر بعد وفاة جدتي وحتى إبنه حسن وهو ما كنا نطلق عليه "دماغة علمية " لنجده يترك عمله ويتجه الى العمل بالإعلام ويصدر مجموعته القصصية الأولى . في سياق متصل قال الشاعر حسن طلب : نشأنا وكل جيلنا يعلم أن هناك شاعران كبيران هم صلاح جاهين وفؤاد حداد ، وكان حداد رأس مدرسة شعر العامية التي انصهرت معها الفصحى بالعامية ، وكان حداد قارىء جيد لتراث الشعر القديم والشعر الجاهلي ايضاً زاد من عمق وتدفق شعر حداد، وبالتوازي نرى شعر صلاح جاهين يدخل في نطاق الافكار العميقة والتحليل كما هي متجلية في رباعياته الشهيرة . ويطلق طلب على فؤاد حداد "لاعب اللغة الذي تأثر به كل من أتوا بعده، ومنهم صلاح جاهين, لأنه فتح الطرق والابواب أما شعر العامية ليتطور ، ويضيف طلب ان هذين الشاعرين بقامة صلاح عبد الصبور واحمد عبد المعطي حجازي بشعر الفصحى الحديث . ويذكر طلب المرة الأولى التى قابل فيها حداد وكان المشرف على باب قال الشاعر ، وذهب طلب إليه بثاني قصيده يكتبها بعد حرب أكتوبر ، فوجد حداد يرحب به جدا وينشرها له في الاسبوع الذى أعقب المقابلة . وعن أصول فؤاد حداد الشامية والتي إنصرت في مصريته وعروبته يقول طلب " استوعبها حداد بنفس الطريقة التي استطاع بها أحمد شوقي أن يكون أمير الشعراء رغم أصوله التركية " Comment *