*ينفي ديوان الرئاسة نفياً قاطعاً، أن يكون الرئيس محمد مرسي قد بعث بتلك الرسالة "المندسة" إلى نظيره الإسرائيلي. *لكن الإعلام الإسرائيلي نشرها، بما فيها من عبارات ود وهيام، توحي بأن الرئاسة والصهاينة على اتفاق ووئام، فما قولكم لا فضت أفواهكم؟ *إذن.. فلنقل إن الرسالة صحيحة، لكن الأمر لا يؤخذ على هذا النحو، فالديباجة التي قرأها الشعب المصري، إنما هي ديباجة قياسية، أعدتها مؤسسة الرئاسة، في عهد المخلوع، كي تبعث بها، إلى كل زعماء دول العالم، ومن ثم هي ليست رسالة خاصة بين مرسي وبيريز، بقدر كونها جزءً من الشئون البروتوكولية الصرفة. هكذا جاء رد فعل الرئاسة، على "الرسالة-الفضيحة" التي أرسلها محمد مرسي، إلى رئيس دولة الاحتلال.. وفي الرسالة مفردات على شاكلة الرئيس العظيم ومحبتي والعلاقات بيننا وبينكم، وصولاً إلى عبارة تتمنى التعاون بين مصر وبين دولتكم! نفي سريع أعقبه اعتراف خجول.. وخلاصته أن مؤسسة الرئاسة كذبت، أنها اقترفت هذا العمل الذي تحرمه كل الديانات السماوية، وكل المبادئ الأخلاقية، والسؤال: هل كانت حين تكذب.. تكذب بما يخالف شرع الله، أم بما لا يخالفه؟ مؤسسة الرئاسة تعرت بكذبتها وفضحت الرئيس برفضها مكاشفة الرأي العام المصري، بمحتوى الرسالة، التي رد عليها بيريز بأحسن منها، فقال لمرسي: إن كلماتك الرقيقة حركت مشاعري، فلم يغمض لي جفن، من فرط شوقي، ويا لك من حبيب تحسن الكلام، وتؤجج مشاعر الحب، و"يا سارق من عيني النوم إن نمت دقيقة تصحيني".. مع الاعتذار للجميلة الملائكية شادية! الأمم المتقدمة تتقبل كل شيء من زعمائها، إلا الكذب، ففي التاريخ القريب، كاد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، يخرج من البيت الأبيض مطروداً، إثر كذبته بشأن علاقته الجنسية مع المتدربة اليهودية مونيكا لوينسكي. غفر المجتمع الأمريكي خطيئة الرئيس، لأنها أولاً وأخيراً شأنه الخاص، ولم يهتم بما اقترف من آثام، ربما لأن له رباً سيحاسبه، على جرم ارتكبه في غرفة مغلقة، أما أن يكذب على الشعب، فهذه طامة كبرى، ونقيصة لا يمكن القبول بها، ولا ابتلاعها، ولولا أن بيل كلينتون تدارك الموقف، ووجه خطاباً تلفزيونيا إلى الشعب، لم يتمكن من قراءته، كما ينبغي لأنه بكى بكاءً مريراً، واختلطت كلماته بصوت نشيجه، لربما أسقطه شعبه وحاكمه. على أن اعتذار الرئيس الأمريكي، لا يجب أن يدفع بنا إلى أن نطالب محمد مرسي بأن يحذو حذوه، فالرئيس في مصر لا يعتذر، وليقرع الغاضبون من الشعب رؤوسهم في ألف جدار وجدار.. طالما أنهم أصيبوا بلوثة عقلية، وتخيلوا أن الرئيس الخاشع البكّاء "بتشديد الكاف" سيعتذر لهم، فهيهات ثم هيهات، و"العين لا تعلو عن الحاجب". على أن مطالبة الرئيس بالاعتذار، عن النفي الذي تم توكيده، لا يجب أن يشغل بالنا طويلاً، فالأولى بالاعتذار عن هذه الكذبة، أن يعتذر عن ما هو أهم، والأهم في تقدير كاتب هذه السطور، ذاك المشروع المسمى ربما على سبيل الدلع والتدليل بمشروع النهضة.. المشروع الذي لم يترك الرئيس لما كان يلهث خلف كرسي الرئاسة، مناسبة إلا وأكد فيها أنه طائر له جناحان وعنق ومؤخرة "حسب منطوق كلامه في مؤتمر انتخابي" ثم اكتشف الرأي العهام عقب فوزه، أنه مجرد مجموعة من النظريات الفكرية، التي لم توحد بينها وحدة عضوية، وأيضاً أن يعتذر عن المائة يوم التي تخيلنا من حلاوة كلامه عنها، أن مصر مع نهايته، ستقارع سويسرا والسويد من حيث رفاهية المواطن، فإذ بالأمور لا تتحرك من مواضعها، وإذ بالمائة يوم تنتهي بخطاب وصفه معارضو الرئيس بخطبة جمعة في يوم سبت، حفلت بأرقام ومؤشرات مئوية لا يعلم أحد من العبقري، الذي استخلصها، فيما الواقع يكذبها جملة وتفصيلاً. تصريحات الرئاسة بنفي الخطاب، وبالمائة يوم، وبمشروع النهضة، ليس كمثلها شيء، إلا تصريح محافظ كفر الشيخ سعد الحسيني، بأن الشارع المصري استعاد الأمن بنسبة 88% (لا أعلم لماذا ليست 90 أو 85%) فإذا باللصوص يسرقون حقيبة يد زوجه بعد التصريح بساعات، فمن أعمالكم سيسلط الله عليكم! [email protected] Comment *