ذكرت جريدة "فاينينشال تايمز" الأمريكية أن الثورات الشعبية التي تجتاح العالم العربي، تبادر بوضع أزمة مالية ضخمة أمام الحكومات التي تود رفع الدعم على الطاقة المكلفة، ولكن الخوف من إثارة أعمال الشغب والعنف يمنعهم القيام بذلك. ويقول التقرير أن الأنظمة الحاكمة تقع تحت ضغط كبير بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة، وارتفاع اسعار النفط تراجع مرة أخرى عن خطط قطع الدعم خوفاً من إغضاب السكان الذين أصبحوا أكثر جرأة وشراسة. يؤكد المحللون أن هذا الاتجاه قد يؤدي إلى تدمير الاقتصاد في المنطقة، و سحب النفط بعيداً عن سوق العالمي بسبب ارتفاع الطلب في الدول العربية حيث لازالت أسعار الوقود منخفضة من أجل التدفئة والطهي. وينقل التقرير على لسان فاتح بيرول اقتصادي كبير في المنظمة الدولية للطاقة بباريس أن" بعد أن بدأ الربيع العربي وكل المحاولات التي تقوم بها بعض البلدان لإصلاح بعض أشكال الدعم، وجعل أسعار الطاقة قريبة من أسعار السوق العالمية قد باءت بالفشل". وأضاف بيرول أن" سوق النفط العالمي سوف يحصل على كميات نفط أقل لأنه سيتم استخدام هذا النفط في السوق الداخلي للبلاد". ووفقاً لصندوق النقد الدولي فإن البلدان في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا أنفقوا 21 مليار دولار العام المضي على دعم الطعام والطاقة، وهو ما يعادل أكثر من 7% من إجمالي الناتج المحلي. ويقول التقرير أن دعم الوقود يشكل أربع أخماس التكلفة الإجمالية. والارتفاع السريع في الاستهلاك المحلي تفاقم بسبب أن توافر الوقد الأرخص في العالم قد حول سوق الطاقة في المنطقة مع كبار مصدري النفط الخام مثل المملكة العربية السعودية والتي تستهلك الكثير من هذا النفط داخل البلاد. ونقلاً عن بنك سيتي جروب أن السعودية وهي المورّد الأكبر للنفط الخام في العالم، سوف تصبح مستورداً للنفط خلال العشرين سنة القادمة. حيث يستخدم ربع إنتاج الدولة من النفط محلياً بسبب الدعم. ولكن اللبدان الأقل ثراء والمستوردة للنفط مثل مصر والأردن، تواجه أكبر مشاكل الدعم. حيث تواجه مصر عجزاً بنسبة 11% في إجمالي الناتج المحلي، والأردن تواجه عجزاً بنسبة 10% مما يخلق ضقطاً كبيراً في ضخ الحكومة للأموال في سوق الوقود. ويقول التقرير أن كلتا الدولتين مصر والأردن قد أعلنتا ارتفاع أسعار الوقود وخفض كبير في الدعم. ويضيف التقرير أن على الأردن إستيراد معظم حاجتها من الوقود، وقد عانت الأردن هذا العام بعد أن تم إغلاق خط الغاز القادم إليها من مصر لأسباب أمنية. وقد اضطرت عمّان إلى تعويض ذلك العجز عن طريق شراء زيت الديزل السائل والذي يعتبر أكثر تكلفة. وتتوقع الأردن أن استبدال الوقود المصري وحده سوف يكلف الحكومة الأردنية 2مليار دولار هذا العام، وهو ما يعتبر ضعف إنفاق العام الماضي. وعلى لسان وزير الطاقة الأردني علاء بطانيه أن" نقص الوقود المصري سوف يؤثر بشدة على الميزانية الأردنية" وأضاف أن " هذا النقص اضطرنا إلى شراء زيت الديزل الأكثر تكلفه". ويقول التقرير أن الجهود الأردنية في تحقيق التوازن حول هذه الضغوط في الميزانية بخفض الدعم أثر عليهم. وتقول الجريدة أن الملك عبدالله كان قد منع ارتفاعاً بنسبة 10% في الوقود المستخدم من قبل الفقراء بعد مظاهرة احتجاجية نددت بهذه الخطوة. ونقلت الصحيفة على لسان وزير الطاقة قبل تدخل الملك بمنع ارتفاع الأسعار أن " ليس هذا الوقت المناسب لرفع الأسعار وأنه لاتوجد حكومة تريد أن ترفع الأسعار على شعبها ولكنه واجب محتم علينا". ونقل التقرير أن المسئولين في مصر حيث تستهلك 20 % من ميزانية الدولة بالحفاظ على أسعار الوقود المنخفضة،قد وعدوا بأن إلغاء كافة أشكال الدعم على الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة وتطبيق نظام الكوبونات هو لمساعدة الفقراء. ودعم الطاقة لايؤثر فقط على الاقتصاد ولكن أيضاً يستفيد منه الأغنياء الذين يستهلكون الطاقة بشكل كبير. ويقول التقرير أنه بعد سنوات من حكم النخب للبلدان العربية فإن الشعوب مستاءة من إمكانية انهيار المكاسب القليلة التي أعطيت لهم عن طريق تلك الحكومات التي تم الإطاحة بها. بنك سيتي جروب: السعودية سوف تكون من أكبر المستوردين الأساسيين للنفط خلال ال20 سنة القادمة