الانتفاضة التونسية كما اصطلح على تسميتها، انطلقت لتكون “إنذارا” لكل الدول القمعية، وفي الشارع السوداني أصداء لها، وتشابهات، فالغلاء والبطالة والأوضاع الاقتصادية المتردية الذين كانوا سببا أساسياكي يشعل الشاب البوعزيزي البالغ من العمر 26 عاما النيران في نفسه، موجودين هنا في السودان. وإذا ما أضفنا التنويه لتحذيرات المعارضة السابقة بإسقاط النظام، والتي أكدت عليها الرموز المختلفة مرة تلو الأخرى، فيمكننا القول بأن الخطر على السودان قائم، بل مرجح، وليس على النظام السوداني فقط، فالتغيير المقبل على الطريقة التونسية- إذا حدث- يعنى انتهاء النظام الحالي وثمن كبير سيدفعه الشعب. حاولنا استطلاع آراء المواطنين السودانيين في شوارع الخرطوم، لم تكن الأحداث غائبة عنهم، بعضهم استبعد تكرارها، وبعضهم أكد احتمالها، والبعض الآخر قدم “روشتة” للحل، بدلا من رفع الأسعار، تخفيض النفقات على المؤسسات المترهلة للدولة، ودعم المواطنين. وربط كثير من أفراد الشعب السوداني العاديين بين الأحداث التي تجري حاليا في الجمهورية التونسية وبين ما يعاني منه الناس هنا في السودان من ارتفاع أسعار ضروريات الحياة -والتي كانت سببا لما حدث في تونس. وكانت وزارة المالية أعلنت منذ أيام قليلة زيادات في الأسعار طالت السكر والوقود وتبعتها موجة من غلاء كل السلع الضرورية والاستهلاكية في السودان، وأوضح وزير المالية بأن تلك الزيادات هي “الحزمة الأولى”، ستتبعها عدة إجراءات، وهو ما يعني زيادات أخرى على الأرجح. ورفضت قطاعات واسعة من المجتمع السوداني تلك الزيادات التي اعتبرها ضغوطا شديدة على قدرته على الحياة التي تراجعت بالأساس لتراجع فرص العمل والأجور. وبعدما هددت قوى الإجماع الوطني بإسقاط الحكومة حال لم تتمكن من ضبط حالة الغلاء وفك الضائقة المعيشية للمواطنين. وفيما قال كل من على عبد الرحمن وآدم محمد، أنهم يعانون بالفعل من ارتفاع الأسعار والغلاء وعدم توافر الأعمال – حيث يعملان حدادين بناء، إلا أنهما استبعدا حدوث مشكلات مشابهة لما حدث في تونس. أما عوض يوسف المواطن السوداني الذي كان يجلس بالقرب منهما، فكان له رأي مختلف وهو أن نفس الضغوط التي يعاني منها السودانيين وسبقهم إليها التونسيين، من شأنها التسبب في خروج المواطنين هنا إلى الشارع اعتراضا على الأوضاع، لكنه لا يمكنه تحديد متى قد يحدث ذلك. وكان من بين الآراء المختلفة، أحد المواطنين الذي رفض ذكر اسمه، حيث برر الصمت على ارتفاع الأسعار قائلا بأنه على المواطنين “مراعاة” الحكومة وسط حالة التوتر الراهنة في الدولة، حيث أزمة دارفور وانفصال الجنوب والديون الخارجية، وبالتالي علينا جميعا الصمت والصبر حتى تمر تلك الأزمات بسلام. وعلى الفور، عارضه المواطن عثمان جابر الذي قال إنه كما يراعي المواطن الحكومة والأوضاع الحرجة التي تمر بها الدولة، ينبغي أيضا علي الحكومة أن “تراعي” المواطنين، وبدلا من زيادة الضغوط عليهم برفع الأسعار، عليها تقليص الأجهزة التنفيذية، وقال إنه من غير المعقول أن يكون في دولة أكثر من مائة وزير هذا بخلاف حراساتهم والسيارات والمخصصات وغيرها. وطالب الحكومة بأن تقلص أعداد الوزراء والجهاز التنفيذي وأن توفر تلك النفقات لدعم الاحتياجات الأساسية للمواطنين. وفيما كانت (أجراس الحرية) تتحدث مع المواطنين، وبالقرب منا زميلة غير سودانية، اقترب سائق (ركشا) ليستنكر وقوفها ومحاولتها التصوير، ولكنه تقبل الأمر فقط حين اكتشف أنها لا تصور لدولة أخرى ولكن للصحيفة، وقال إنه يرفض تعامل الأجانب مع البلد الذين يأتون ليستخدموا الصور التي يلتقطونها هنا لغير صالح السودان، وللإضرار به، أما بالنسبة للصحافة المحلية والإعلام السوداني، فرحب المواطن بالحديث والتعبير عن رأيه بوضوح لكن دون ذكر اسمه، وقال إنه يقر بوجود معاناة شديدة في معيشة السودانيين، يعاني منها الجميع، واستبعد حدوث تغيير عبر الشارع قائلا “نحنا جبانين”، وعلل الخوف في نفوس السودانيين بغلظة السلطة في تعاملها مع الخروج إلى الشارع، وانتقد النظام الحاكم وكذلك المعارضة بقوة ولم ير أن أي من الطرفين يعبر بالفعل عن مشاعر ومعاناة وهموم المواطنين. ينشر بالتزامن مع صحيفة أجراس الحرية السودانية مواضيع ذات صلة 1. “مراقبون بلا حدود” : النظام السوداني اعتمد على الشعارات في حملته ضد انفصال الجنوب ففشل 2. جنازات قتلى الشرطة في انتفاضة البطالة تشعل الغضب في تونس .. وبن علي يصف المشاركين في الاحتجاجات بالعصابات الإرهابية 3. جنازات قتلى انتفاضة البطالة في تونس تشعل الاحتجاجات ضد النظام 4. مساعد للرئيس السوداني : انفصال الجنوب صار مرجحا 5. الحركة الشعبية تدعو المعارضة إلى عدم العمل على إسقاط النظام السوداني