تقدم الائتلاف الليبرالي الذي يقوده محمود جبريل لايزال يثير الكثير من علامات الاستفهام، فعلى الرغم من الوجود الديني في حياة الناس، فالتكبيرات لم تهدأ أثناء الكفاح المسلح ضد القذافي، وفي الانتخابات الأخيرة سمعنا أصوات التكبير والتهليل تخرج من مآذن المساجد متزامنة مع خروج الناس للإدلاء بأصواتهم، إضافة إلى وجود تنظيم قوي لحزب العدالة والبناء الليبي يليه حزب الوطن الإسلامي، فلماذا تقدم الليبراليون بعد كل هذا ؟ مجلة "ذا تايم" الأمريكية ترصد سببا تراه أكثر منطقية وهو أن العديد من الليبيين صوتوا على أسس قبلية وعائلية، وليس وفقا لتحالفات أيديولوجية وأن الائتلاف الليبرالي استفاد من الشخصيات المعروفة والأحزاب التي تتوغل بين القبائل في المدن والقرى. السبب الثاني لنجاح الليبراليين كما تراه "ذا تايم"افتقاد الإسلاميين للشعبية التي يحظى بها نظراؤهم في مصر وتونس، ودللت الصحيفة على جماعة الإخوان في مصر، التي سمح لها الرئيس المخلوع مبارك بالانتشار في المجتمع وزرع شبكات خيرية بينهم والترشح للبرلمان، وذلك في إطار مخطط استمر لعقود طويلة يقنع فيه النظام القديم المصريين وحلفاؤهم بأن الحكم في مصر محصور بين طرفي نقيض، والنتيجة أن الإخوان باتوا الأكثر استعدادا لتولي السلطة، على النقيض من القذافي الذي لم يتسامح مع الإسلاميين ولم يسمح حتى بوجود أحزاب إسلامية ضعيفة، مما جعل تعاطف الليبيين معهم يقتصر على أقلية، ويعتقدون أنه من الجريمة أن تكون متدينا أو لك أفكارهم. ورأت المجلة أيضا في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني أن شائعات تلقي الإخوان تمويلا من قطر كان لها تأثيرا سلبيا، فالليبيون قبلوا دعم قطر وحلف الناتو في تحريرهم من القذافي ولكنهم رفضوا وجود يد أجنبية في سياساتهم بعد الثورة. ورصدت المجلة الأمريكية سببا آخر في انتصار الليبراليين في أول انتخابات في ليبيا منذ عقود وبعد سقوط القذافي، ماحدث في مصر وتونس من انتصار الإسلاميين الذي جاء على عكس توقعات كثير من المراقبين أن انتصارهم في دول الجوار يعطي لليبيين موجة من الشعبية والثقة، يقول أحد الناشطين العاملين في منظمة حقوقية أجنبية بليبيا أن انتصار مرسي كان نوع من التحذير لليبيين، الذين أرادوا إظهار علامة على استقلالهم، وتأكيدهم على الحكم الذاتي في ليبيا بعيدا عن الوحدة الإقليمية، فالليبي يقول "هذا نحن لسنا جزءا من إمبراطوريتكم" Comment *