نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا عن انتصار جماعة الاخوان وما له من تداعيات عميقة على المنطقة بأسرها لاسيما الانتفاضة السورية . فقالت الصحيفة انه على مدى 18 شهرا من الامل والانتصارات واليأس والهزائم بسبب الانتفاضات والاضطرابات التى اجتاحت الشرق الاوسط , ربما لا يوجد واحدة من نقاط التحول أكثر عمقا مثل حدث تنصيب محمد مرسى في القاهرة كرئيسا منتخبا لمصر بعد أن كان سجينا سياسيا سابقا . وتشير الصحيفة أن صعود محمد مرسي هو ذروة رحلة أطول بكثير من السعي على مدى 84 عاما من أجل السلطة من قبل جماعة الإخوان المسلمين التى كانت ذات يوم محظورة . ومهما كانت القيود المفروضة على سلطته أو التحديات التي تنتظره ، فلا يمكن تجاهل أهمية هذه اللحظة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط التى لا تزال تكافح لتجد طريقها وسط هذه الأضطرابات التي أطلقها الربيع العربي . قال هلال خشان , استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت , " هذه هي نقطة فاصلة ، ليس فقط في السياسة المصرية ولكن ايضا بالنسبة للسياسات في المنطقة بأسرها " ، وأضاف " مصر هي السباقة ، وقاعدة للعالم العربي ، والتطورات في مصر من المرجح أن تؤثر على العالم العربي بأسره ". وقالت الصحيفة ان انتصار الاسلامى مرسى كان بالنسبة للبعض مدعاة للاحتفال ، ولكن بالنسبة لاخرين كان ذلك مدعاه لعدم الارتياح العميق . وأضافت الصحيفة أن الكثير من العلمانيين والأقليات الدينية , من دول الخليج العربى إلى الأردن والعراق ولبنان , يراقبون بأستياء موجة التدين التى تجتاح شمال أفريقيا . فكما حدث فى مصر , الإسلاميون ايضا على وشك القيام بأداء جيد في الانتخابات الديمقراطية الاولى في ليبيا هذا الشهر ، وبالفعل هم يديرون الحكومة في تونس . قال لبيب قمحاوي ، المحلل السياسي في العاصمة الأردنية، عمان , أن " هناك مستوى عالى من النشوة والشك والقلق " ، وأضاف " كل هذا يتوقف على المكان الذي تقف فيه من ألأنتماءات السياسية ." وأشارت الواشنطن بوست انه ليس هناك مكان سيكون فيه التأثير الاعمق أكثر من سوريا ، التى فيها الفرع السوري لجماعة الإخوان يظهر باعتباره لاعبا رئيسيا في المعارضة السياسية ضد الأسد ومصدرا للخلاف ، مما يدل على الفجوة المعقدة في المنطقة بين الإسلاميين والعلمانيين ، الحكام والمحكومين . وتنقل الصحيفة الامريكية رد فعل الانتفاضة السورية على انتصار مرسى حيث اشارت الى انه في مدرسة خارج مدينة حماة السورية التى يتم إستخدامها الان من قبل نشطاء كمركز للإعلام ، شاهد ستة من مقاتلى الجيش السوري الحر خطاب تنصيب مرسي بث مباشر على شاشات التلفزيون من جامعة القاهرة . وقال مصعب الحمادى ، الناشط الذي كان حاضرا ونقل ردود فعل المقاتلين على الخطاب عبر سكايب , انه عندما تعهد مرسى بأنه " لن يدخر جهدا " لدعم الثوار السوريين في نضالهم ضد الأسد ، انطلقوا فى التصفيق وصيحات " الله معك" وقال الحمادى أن " هذا يقنعنا بأن كل الثورات سوف تنجح " ، واضاف " نحن أكثر تفاؤلا الآن ." واعتبرت الصحيفة ان تصريحات مرسى كانت علامة مباشرة بشكل غير معتاد على السياسة الخارجية لمرسي ، مما أشار إلى أن صعود الإخوان في مصر قد يساعد في تمكين الحركات التابعة لها في أماكن أخرى في المنطقة. قال ملهم الدروبى ، الشخصية البارزة في حركة المعارضة السورية , أن أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين السورية يخططون للاجتماع مع مرسي في القاهرة قريبا لبحث كيف أن مصر يمكن أن تساعد الجهود السورية للأطاحة بالأسد . والطلب الاساسى سيكون ان تقوم مصر بمنع المرور عبر قناة السويس للسفن االإيرانية التى تورد الأسلحة إلى الحكومة السورية ، وهي الخطوة التي تترتب عليها آثار جيوسياسية كبيرة محتملة . وقال دروبى عن انتصار مرسى " هذا الامر يجعلني أشعر بالفخر ، وأنا أشعر أيضا بالتحدي الذي يواجه الإخوان المسلمين فى أن يثبتوا للعالم أن جماعة الإخوان المسلمين قادرة على ادارة البلدان " ، وأضاف " هذا سوف يثبت ليس فقط للعرب ، ولكن للعالم كله ، أن جماعة الإخوان المسلمين لا تشكل تهديدا لأحد ". لكن حتى الان أعرب بعض الناشطين السوريين عن بعض المخاوف . قال شكيب الجابري ، الذي يوجد في بيروت , أن " القوى العلمانية في الثورة ترى أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى إلى دفع أجندتها الخاصة على أكتاف الثوار ، لذلك يوجد هناك هذا رد الفعل السلبي " . وقال ايميل حكيم , من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي يوجد مقره في البحرين , أن أفراد من الأقليات السورية ، بما في ذلك مسيحيين وعلويين وأكراد ، يتشاركون مخاوف مماثلة . وهكذا ، أيضا ، الانظمة الملكية في المنطقة، التى سحقت بنجاح مطالب العلمانيين للإصلاح مع نداءات القيم التقليدية . وأضاف حكيم " الان لدينا ظهور لحركة اسلامية تعرف كيفية دمج المثل الإسلامية مع النظام الجمهوري ، وهذا يمكن أن يكون نموذجا منافسا " . Comment *