اعتبرت عدة صحف عالمية صادرة اليوم أن زيارة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران, وتعاون إيران مع الوكالة سيؤدي إلى استبعاد الخيار العسكري قبيل أيام من جولة المفاوضات التي ستجرى في بغداد يوم الأربعاء القادم. ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية اليوم عن وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا قوله إنه في حال موافقة إيران تفتيش موقع بارشين العسكري من جانب مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن الخيار العسكري سيصبح غير مطروح عند هذه النقطة. وقالت الصحيفة إن توجه رئيس الوكالة الدولية لطهران قبيل أيام من جولة المفاوضات التي ستجرى في بغداد، يدل على مؤشر إيجابي بالنسبة لإيران التي تبدي أجواء شفافة مع الوكالة الدولية، وخاصة حول تفتيش موقع بارشين الذي يشتبه في أنه يستخدم لتطوير أسلحة نووية. من جهتها, أشارت "الجارديان" الفرنسية اليوم أن زيارة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يويكيا أمانو والتي تستغرق يوما واحدا، تأتي لتوقيع تفاهم بين الوكالة وإيران ممثلاً عنها سعيد جليلي كبير المفوضين النوويين الإيرانيين، وذلك لتحديد آليات زيارة مفتشي الوكالة للمواقع والمعلومات التي يريدون التأكد منها، خاصة مسألة تطوير سري لأسلحة نووية. واعتبر مسئولون دبلوماسيون أن زيارة أمانو لطهران تعتبر اختبار حقيقي لإيران وسوف تنهي أربعة سنوات من تجميد العلاقة، كذلك ذكرت الصحيفة على لسان مسئولين إيرانيين أن زيارة أمانو تأتي لطمأنة المجتمع الدولي قبيل بدء المفاوضات حول مسألة عدم وجود أي نية لإيران لتطوير سلاح نووي. وذكرت صحيفة "نيورك تايمز" الأميركية أن جولة المفاوضات المزمع عقدها الأربعاء المقبل تدخلها الولاياتالمتحدة بغرض"شرعنة" واحتواء البرنامج النووي الإيراني وليس إنهائه، وأن يظل في إطار الأبحاث العلمية والطبية، وأن تعدى ذلك إلى مرحلة توليد الطاقة بشكل محدود، من الممكن أن تقبل الولاياتالمتحدة والغرب هذا الأمر على مضض، طالما أن تخصيب اليورانيوم في إيران ظل دون المستوى اللازم لصنع سلاح نووي، أو استخدامه في توليد الطاقة بشكل موسع. ووصف دبلوماسيون أجواء ما قبل المفوضات بالإيجابية، مشيرين إلى تصريحات مسئولين عسكريين أمريكيين على رأسهم بانيتا قالوا فيها إن التركيز الأمريكي والدولي سيكون على تدابير وإجراءات دبلوماسية واقتصادية وهو ما أشارت هآرتس إليه بأن أوباما تشاور مع عدة زعماء دوليين مثل فرنسا وألمانيا وروسيا وذلك خلال قمة مجموعة الثمانية، واتفقوا على ضرورة تنسيق الجهود فيما بينهم بخصوص الملف النووي الإيراني والعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية المزمع تفعيلها، في حال رفض إيران الحوافز التي ستقدمها هذه الدول نظير تخلي إيران عن طموحها بتخصيب اليورانيوم، وذلك خلال جولة المحادثات القادمة، ولتي من ضمنها رفع الحظر عن صادرات إيران النفطية. إيران من جانبها أكدت أنها تريد بالفعل رفع العقوبات، وذلك على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمانبرست الذي نبه أن رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران لن يكون في مقابل تخليها عن حقوقها، مضيفاً أن هذه العقوبات بالأصل غير مؤثره. إسرائيل والذي صرح رئيس وزرائها أمس أنه "متشائم" حيال سيناريو المفاوضات والعقوبات الذي تنتهجه القوى الدولية تجاه البرنامج النووي الإيراني، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" أن تل أبيب تعتمد على واشنطن في تحديد سقف البرنامج النووي الإيراني، وجعله دائماً دون امتلاك قدرات عسكرية نووية، مؤكداً أن المرحلة القادمة هي مرحلة مفاوضات ومشاورات وليست اتخاذ قرارات حاسمة، لكنه يخشى من ان تنجح إيران في جولة المفاوضات والذي يعني البقاء على البرنامج النووي الإيراني. وكان المتحدث باسم البنتاجون قد أكد في تصريحات عقب اجتماع باراك مع نظيره الأمريكي في واشنطن أن بانيتا وغيره من المسئولين الأمريكيين يشاركون باراك وزملاءه في الحكومة الإسرائيلية الذين يرون أن توجيه ضربة عسكرية لإيران قد يأتي بنتائج عكسية. وبحسب الصحف, فإن جولة المفاوضات الجديدة حول البرنامج النووي الإيراني أصبح من المؤكد أن كافة الأطراف المشاركة فيها استبعدت مسألة إنهاء البرنامج النووي الإيراني، وأنها ستدور حول القبول بالبرنامج النووي الإيراني تحت رقابة دولية وأممية، كذلك ستكون مسألة تخصيب اليورانيوم بدرجات كبيرة ومسألة اليورانيوم المخصب سابقاً محل تفاوض، حيث طرحت مسألة إخراج كافة اليورانيوم المخصب سابقاً من إيران، ومدها بكميات محدودة تحت رقابة وتفتيش دائمين. تفاصيل المفاوضات القادمة بين إيران ودول 5+1 سيتكشف عنها في الأيام القليلة القادمة، والأهم من ذلك هو الاستبعاد النهائي للحل العسكري الذي كان يدفع به معسكر نتنياهو وحاول توريط الإدارة الأمريكية فيه، وفتح علاقات أكثر انسيابية بين الجمهورية الإسلامية والولاياتالمتحدةالأمريكية ستتأرجح ما بين تشديد العقوبات وتعميمها على طهران للتخلي عن طموحها النووي إذا فشلت جولة المفاوضات القادمة وهو ما أقترحه رئيس الموساد السابق مائير داجان في مقال مشترك في وول ستريت جورنال، أو ممارسة لعبة العصا والجزرة من جانب الولاياتالمتحدة وعلى طريقتها، لضمان إبقاء البرنامج النووي الايراني ضمن المستويات الآمنة حسب معايير الولاياتالمتحدة والغرب، ولكن دون طرح ان تتخلي إيران عن برنامجها النووي "نيورك تايمز": مفاوضات بغداد تهدف ل"شرعنة" واحتواء البرنامج النووي الإيراني وليس إنهاءه