عاجل - أول رد من ن إنستا باي على تعطل خدماتها    ترامب يطالب إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية    6 شهداء وعدد من الجرحى في قصف مخيم النصيرات ودير البلح    حزب الله يعلن استهداف 23 موقعا لجيش الاحتلال    قصف إسرائيلي جديد يستهدف بيروت.. وتحذير عاجل من الاحتلال    سيرا على الأقدام.. استمرار دخول الوافدين من لبنان إلى سوريا بعد القصف الإسرائيلي    سيراميكا كليوباترا يكشف أسباب فشل انتقال هذه الصفقة إلى الزمالك    أول ظهور ل مؤمن زكريا مع زوجته بعد تصدره «الترند».. والجمهور يدعو لهما    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 31    عاجل - حقيقة تحديث « فيسبوك» الجديد.. هل يمكن فعلًا معرفة من زار بروفايلك؟    سلمى الجيادي تودع «كاستنج».. وعمرو سلامة: أنتِ شاطرة    مهرجان «الموسيقى العربية» يفقد بريقه!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    ميدو يكشف كواليس مثيرة بشأن رفض نجم بيراميدز الانتقال إلى الزمالك    سعر الريال السعودي اليوم في البنك الأهلي عقب ارتفاعه الأخير مقابل الجنيه المصري    حرب أكتوبر.. أحد أبطال القوات الجوية: هاجمنا إسرائيل ب 225 طائرة    غارة إسرائيلية جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت    خرجت عن السيطرة، وسائل إعلام أمريكية تكشف المستور بين الولايات المتحدة وإسرائيل    بالأدلة، وكيل القندوسي يدافع عن تصريحات اللاعب ضد الأهلي    وفاة جورج قرداحي في القصف الإسرائيلي على لبنان.. ما حقيقة الأمر؟    مصادر بالمركزي: انتظام خدمة إنستاباي بعد إصلاح عطل بسيط في السيستم    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    اندلاع حريق داخل مصنع بالمرج    حبس تشكيل عصابي متخصص في سرقة أسلاك الكهرباء واللوحات المعدنيه بالأأقصر    إجراء تحليل مخدرات لسائق أتوبيس تسبب في إصابة 8 أشخاص بالسلام    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    جثة على رصيف 10 بمحطة مصر.. والشرطة تحدد هويته    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    الحوار الوطني| يقتحم الملف الشائك بحيادية.. و«النقدي» ينهي أوجاع منظومة «الدعم»    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    تراجع أسعار الذهب في محلات الصاغة بنهاية تعاملات الجمعة.. هل يواصل الانخفاض؟    دعاء قبل صلاة الفجر لقضاء الحوائج.. ردده الآن    ميدو: تصريحات القندوسي غير منضبطة وتحرك الأهلي «هايل»    ميدو: عدم الاستعانة ب سام مرسي في المنتخب أمر غير منطقي    لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن عدد من المناطق بالقاهرة اليوم    الجيش الأمريكي: نفذنا 15 غارة جوية على أهداف مرتبطة بجماعة الحوثي اليمنية    المصرية للاتصالات: جاهزون لإطلاق خدمات شرائح المحمول eSim    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    هيغضب ويغير الموضوع.. 5 علامات تدل أن زوجك يكذب عليكي (تعرفي عليها)    معتز البطاوي: الأهلي لم يحول قندوسي للتحقيق.. ولا نمانع في حضوره جلسة الاستماع    عبداللطيف: طه إسماعيل قام بالصلح بيني وبين محمد يوسف بعد إصابتي في سوبر 94    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    لمدة 5 أيام.. موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2024 وحقيقة تبكيرها (تفاصيل)    عز يرتفع من جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 5 أكتوبر 2024    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    تفاصيل الحلقة الأولى من "أسوياء" مع مصطفى حسني على ON    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    تناولت مادة غير معلومة.. طلب التحريات حول إصابة سيدة باشتباه تسمم بالصف    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعبة عض الأصابع بين الخرطوم وجوبا
نشر في البديل يوم 29 - 03 - 2012

منذ إعلان دولة جنوب السودان والعلاقات بين الخرطوم وجوبا تزداد توترا يوما بعد يوم. منذ أسبوع تقريبا توقع البعض حدوث انفراجه في الأزمة بين الخرطوم وجوبا، وبدأت جولة محادثات بين وفود من الجانبين في أديس أبابا برعاية الاتحاد الأفريقي، في محاولة حل الملفات العالقة بين الدولتين، والتي أجلت لما بعد مرحلة الانفصال، وتوصل الوفدين- كالعادة- إلى تشكيل لجنة للعمل على حل مشاكل الحريات الأربع للجنوبين في الشمال والشماليين في الجنوب، بما يسمح بحرية الانتقال والإقامة لسكان البلدين وكذلك إرساء جدول زمني للانتهاء من ترسيم الحدود بين الدولتين.
المشكلة التي تتكرر باستمرار بين الدولتين هي الاقتراب من اتفاق ثم، اشتعال أزمة وفشل الاتفاق وهو ما يبدو كمحاولات مستمرة لعض الأصابع بين جوبا والخرطوم للحصول على كل الامتازات بدلا من الوصول إلى حلول وسط بين الدولتين. ومؤخرا اتفق الطرفان على قمة في جوبا مابين الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سيلفا كير، كان من المقرر أن تكون مطلع الشهر القادم، وتوقع لها البعض على رأسهم باقان أموم كبير مفاوضي جنوب السودان، أن تثمر عن اتفاق حول النقاط محل الخلاف بين البلدين. ودارت تكهنات وتحذيرات من قياديين في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم في الخرطوم من أن تكون دعوة جوبا للبشير ليست سوى محاولة لتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ورغم إعلان الخرطوم أن البشير سيذهب إلى جوبا وسيلتقي الرئيس سيلفا كير، شهد يوم الاثنين الماضي اشتباكات دارت في محيط منطقة بحيرة الأبيض ومنطقة هليلج النفطية، وتبادل الطرفان الاتهامات بالمسئولية عن إشعال القتال.
وعلى أثر هذه الاشتباكات التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والطيران، صرح على عثمان طه نائب الرئيس السوداني أن البشير ألغى رحلته إلى جوبا بسبب ما أسماه باعتداء دولة جنوب السودان على الأراضي السودانية.
فيما أعلن سيلفا كير أن القوات المسلحة لدولة جنوب السودان أنها ردت على الاعتداء السوداني وأن قواتها نجحت في السيطرة على منطقة هليلج، فيما أعلن الجانب السوداني أن قوات الجيش السوداني نجحت في تحرير المنطقة وذلك على لسان العقيد الصوارمي خالد الناطق بأسم وزارة الدفاع السودانية.
واستمر التوتر بتصريح من وزير الدفاع السوداني الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين قال فيه إن الولايات المتحدة وأوغندا يقومون بدعم دولة الجنوب في حربها”المفتعلة” مع السودان، مضيفاً أن الجيش السوداني تصدى بالدفاع عن أرضه وأن ما يقوله الجنوب عن سيطرته على هجليج عار من الصحة، وأن تصرفات الجنوب العدائية عادت بالعلاقات بين البلدين إلى نقطة الصفر، وأن الحديث عن النفط والتجارة بدون الترتيبات الأمنية وترسيم الحدود سابق لأوانه مضيفاً أن الجنوب يطمع بنفط الشمال والدليل على ذلك هجومه على منطقة هجليج وطرحها من جانب جوبا كنقطة حدودية مختلف عليها، وهو التي لم تكن ضمن النقاط الحدودية الخمس التي أتفق على ترسميها في محادثات آديس آبابا وأن الخرطوم ستتقدم بشكوى ضد جوبا أمام الهيئات الدولية، معتبرة الهجوم على منشآت مدنية كمصافي النفط في هجليج يعتبر جريمة حرب.
ومن جانبها، اتهمت جوبا الخرطوم أنها من بدأت الاعتداء وذلك عن طريق القصف الجوي بالطائرات المروحية والمقاتلة، وأن الجيش الجنوبي تقدم نحو 10كم داخل الأراضي السودانية لتأمين حدوده والرد على عدوان الخرطوم، والذي شمل قصف منطقة بانتيو الجنوبية وتقدم القوات السودان نحو أراضي الجنوب.
كما تبادل الطرفان الاتهامات بالاستعانة بفصائل مسلحة على الطرفين في هذه الهجوم، وقال الصوارمي أن هناك هجوم متزامن مع هجوم الجنوب من جانب عناصر مسلحة من حركة العدل والمساواة، فيما تتهم جوبا الخرطوم بدعم حركات مسلحة لاستهداف دولة الجنوب منها حركة جيش الرب في أوغندا.
الاشتباكات الحدودية المسلحة بين الدولتين، من الممكن إرجاعها إلى أنها محاولة فرض أمر واقع لتحسين شروط التفاوض في أي جولة مفاوضات مقبلة، فقد سبق جولة المحادثات في آديس آبابا حادث مماثل. لكن تبقى النقاط الرئيسة التي تدور حولها المفاوضات هي النفط، والتجارة، وموقف مواطني الجنوب في الشمال ومواطني الشمال في الجنوب.
يصرح كل من الطرفين عقب مثل هذه الأحداث، أن الجانب الأخر يراوغ ويخادع، وأنه ليس جدي في الدفع باتفاق حقيقي من خلال المفاوضات، ولكن حصر الأمر في مسألة تحسين شروط التفاوض ينطوي على قصور، فلا يجب استبعاد الإطراف الخارجية، فالخرطوم مثلاً يحاول من خلال استخدام ورقة النزاع مع جوبا حول النفط والحدود في خلخلة وتحريك مسألة إسقاط التهم الجنائية الدولية بحق البشير ومسئولين كبار في نظامه، فيعمل على إثارة الأوضاع في الجنوب لمحاولة لجلب مكاسب شخصية، وهو ما لا يتورع عن القيام به، فكوارث نظام البشير دائماً ما يكون الدافع ورائها شخصي يتعلق بفردية المسئول سواء الرئيس أو غيره، فضياع فرصة الفيدرالية بدلاً من الانفصال، او أن يكون جون قرانق نائب الرئيس لدولة موحدة، أطاح بها نظام البشير بعد 12 يوم باغتيال قرانق في حادثة طائرة مدبرة.
ينتج جنوب السودان نحو 75 % من إجمالي النفط السوداني ،لكن شمال السودان يمتلك معظم مصافي التكرير وخطوط الأنابيب والموانئ التي يصدر عبرها النفط ، وأشارت دراسات قامت بها شركات النفط العاملة في السودان والتي أغلبها صينية، إلى صعوبة استغناء الجنوب عن البنية التحتية النفطية في الشمال في الوقت الراهن.
وتهدد الخرطوم بأن استخراج النفط من أراضي الجنوب دون استخدام خطوط النفط في الشمال محض أحلام، ويرد الجنوب بأنه قادر على نقل النفط عن طريق إنشاء خط أنابيب جديد بمعاونة جهات دولية، وحينها لن يكون هناك نصيب من أرباح النفط للشمال.
كما تهدد الخرطوم بورقة جنوبي الشمال، والتصريحات ومشاريع القوانين التي تقضي بمعاملة الجنوبيين في الشمال معاملة الأجانب، وتسريحهم من وظائفهم في القطاع الحكومي، بخلاف القطاع الخاص، وكان التصريح الأكثر وضوحا و”فجاجة” في هذا الشأن، الذي قاله القيادي السابق في حزب المؤتمر الحاكم الطيب مصطفى وأيضاً خال الرئيس عمر البشير الذي قال فيه” بأن مادام الجنوب قد أنفصل فليذهب معه كل الجنوبيين “إلى الجحيم”.! وهي سياسة تحمل عقابية فاشية، تحاول الخرطوم أن تثقل الدولة الناشئة التي لازالت في طور التكوين من حيث البنية التحتية والوظائف وغيرها.
الأحداث التي جرت الأمس وأول أمس بين الخرطوم وجوبا ليست إلا تجليات تعكس عمق الأزمة بين الطرفين، ومن غير العملي إرجاع السبب فيها لطرف واحد من الطرفين، كما أن المفاوضات الجارية لحل الأزمة لا تسهم في إنهائها على أرض الواقع، طالما ظل الوضع هناك حصري على الفعل ورد الفعل والتنصل وإلقاء اللوم على الأخر، ما بين الطرفين المتنازعان هناك. وأن إطالة أمد الأزمة لن يكون المتضرر منه جوبا والخرطوم كأنظمة حاكمة وشعوب فقط، ولكن ستطال أطرافا إقليمية، ومصالح لدول عربية، على رأسها مصر، مالم تتخذ هذه الأطراف فعل مناسب لحل الأزمة هناك، وظلت تقف موقف المتفرج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.