* الإيكونوميست: مشاركة الجماعات المتطرفة في أعمال العنف سيتزايد في الفترة المقبلة * شابة سورية ل”الايكونوميست”: الأمر لم يعد ثورة هناك شيء أكبر منا يحدث وخارج عن سيطرتنا * بي بي سي: الخوف من الحرب الأهلية يدفع السوريين إلى الاقتناع ببشار الأسد كتب- أحمد شهاب الدين: نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا عن العنف الدائر في منطقة “المزة” وفي حلب ودمشق، وانفجار سيارتين ملغومتين في دمشق قرب مبان أمنية، وتساءلت المجلة “من يقف خلف إطلاق النار في مزة؟” حيث يتواجد عدد كبير من الشخصيات الأمنية، وكما هو الحال دائما يلقي كل من السلطة والمعارضة اللوم على بعضهم البعض، فوسائل الإعلام الرسمية تتهم “إرهابيين” عن الهجمات التي خلفت 27 قتيلا وإصابة العشرات، بينما المعارضون يقولون أن السلطات هي المسؤولة عن وضع التفجيرات لتصوير المحتجين كإرهابيين. وتقول المجلة أنه كان هناك بعض الحقيقة في اتهام المعارضة، ولكن أصبحت التفسيرات من كلا الجانبين- الحكومة السورية والمعارضة- غير مرضية، تشير الإيكونوميست أن قبضة الدولة على البلاد بدأت تضعف وإراقة الدماء في زيادة، وأصبح هناك مساحة أكبر للتطرف، وتضيف إلى أنه هناك كتيبة صغيرة من المتطرفين في الانتفاضة السورية، وفي الشهر الماضي أطلقت مجموعة جهادية على نفسها اسم” نصرة الجهاد” وأذاعت فيديو ، وأعلنوا فيه عن مسؤوليتهم عن التفجيرات السابقة، وسلسلة من انفجارات صغيرة أخرى، وحزب التحرير الذي وصفته المجلة بأنه جماعة إسلامية شمولية، يظهر في المظاهرات، وترجح المجلة أن مشاركة الجماعات المتطرفة في أعمال العنف سيتزايد في الفترة المقبلة. وتقول “إيكونوميست” معلقة على أحداث أعمال العنف الأخيرة أن الاستقرار الذي طالما اشتهرت به سوريا بدأ يتلاشى، فالعبوات الناسفة والتفجيرات أصبحت أمور عادية، وتورد “إيكونوميست” كلمة لإحدى الشابات في دمشق ” لدينا شعور أن ما يحدث الآن أكبر منا، الأمر لم يعد ثورة فقط، ثمة شيء آخر يبدو أنه خارج سيطرتنا” ونقرأ في صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا بعنوان “المعارضة السورية متهمة بانتهاكات حقوق الإنسان” ووصفت الصحيفة ما حدث في دمشق ب”أعنف المعارك” منذ الاحتجاجات ضد الرئيس السوري بشار الأسد في العام الماضي، وتصف الصحيفة الحي الذي شهد هذه الاشتباكات في منطقة مزة بأنه للأثرياء ويخضع لحراسة مشددة، وتضيف الصحيفة أن مثل هذه الانفجارات على أهداف حكومية في دمشق وحلب تزيد من مخاوف اتساع نطاق الانتفاضة المسلحة في أماكن نجت إلى حد كبير من العنف. ويقول التقرير أن اتهام المعارضة بارتكاب تجاوزات هي رسالة مفتوحة من نيويورك – مقر هيومان رايتس ووتش- إلى المتمردين عن الجيش السوري، مفادها أن بعض الهجمات المسلحة التي تشنها الجماعات المعارضة تحركها بواعث طائفية ودينية ناتجة عن اقتران بعض الفرق بسياسات الحكومة. وتستطرد الصحيفة في وصف المعزة التي شهدت الانفجارات الحديثة، فهي منطقة مترامية الأطراف على الطرف الغربي من دمشق،وهي مدينة لها زوار كثيرون يمروا عليها من طريق دمشقبيروت السريع الطريق اسمه حافظ الأسد، أبو بشار، الذي حكم لثلاثين عاما، ووقعت الاشتباكات في حي الفيلات الغربي بمزة، وتقول الصحيفة أنه حي قائم بذاته من الفلل المتراصة على الطريق السريع الذي يبدأ من المطار العسكري ويسكن فيها مواطنون سوريون أثرياء لهم خلفيات عرقية وانتماءات سياسية مختلفة وكثير منهم لديهم جنسيات مختلفة ومتنوعة.وفي شمال المزة منطقة أقل ثراء ويسكن فيها كثير من الطائفة العلوية وأفراد من قوات الأمن وبعض ما يعرفون بالشبيحة. من خصوصية منطقة مزة رفض العديد من المحللين والمتابعين ما أعلنته المعارضة السورية بأن تلك الهجمات يقف وراءها الجيش السوري لأنه بهذه الطريقة فهو يضرب في نفسه ويهدم أعمدته. ولانستطيع أن نفصل بين الدعم السعودي للجيش السوري الحر وبين “أسلمة ” تلك الثورة واتسامها بالعنف ليس ذلك فقط ولكن الصمت العربي والدولي لشهور عديدة من قمع بشار للمعارضة ساهم في خلق تلك الميليشيات الإسلامية واتخاذ الثورة السورية بعدا طائفيا. أرسلت “بي بي سي” أحد مراسليها “عمر عبدالرازق” إلى سوريا لإعداد تقرير عن قطاعات الشعب الموالية لبشار، وجاء في هذا التقرير ما قاله المطران يوحنا إبراهيم مطران حلب والموصل للسريان الأرثوذكس “نحن قلقون، ولدينا مخاوف حقيقية، لا نخاف المسلمين لأننا عشنا معهم 14 قرنا، ولكننا نخاف أن يكون الآتي غير متفهم، وغير مستعد للحوار لأنه لا يعرف الآخر” ونقل كلاما عن كثير من طوائف الشعب المساندة لبشار وقال عمر عبدالرازق في نهاية تقريره ” من الصعب القول أن كل رجال الأعمال وكل الطوائف وكل الإعلاميين يؤيدون الرئيس بشار الأسد، لكن من يؤيدونه منهم يبدون مقتنعين بأنهم يدافعون عن وطن قد يتفكك وينزلق في حرب أهلية بفعل مؤامرة لو سقط النظام” وهذا هو ما حذرت منه “فورين بوليسي” مبكرا عقب تصريحات الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بشأن تسليح المعارضة في تقرير قمنا بترجمته في البديل بعنوان ” العالم سيدفع ثمن تسليح السعودية للوهابيين في سوريا” ويبدو أن السوريين الآن هم أول من يدفع هذا الثمن، وسلطت المجلة فيه الضوء على دور رجال الدين في السعودية ودعوتهم إلى الجهاد في سوريا والدعوة على بشار بالموت، الأمر الذي شارك فيه أيضا يوسف القرضاوي في موقف مناقض للثورة في البحرين حيث انتقد الانتهاكات التي ارتكبها الأسد بحق شعبه متجاهلا الدولة الصغيرة بجواره “البحرين” كل ذلك أضفى طابعا طائفيا تتلاعب به إسرائيل وأمريكا في تحالفاتها مع الجماعات والدول السنية مثل الإخوان المسلمين في مصر. وكانت مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس نشرت بعنوان “علاقاتنا السرية مع الإخوان المسلمين” ويكشف فيه جذور العلاقات الوطيدة بين الإخوان وبين المخابرات الأمريكية، والذي عبر عنها جون ماكين أمام الكونجرس الأمريكي في حل خلافاتهم مع مصر بشأن منظمات حقوق الإنسان. وقالت فورين بوليسي إن الرياض ترسل الأسلحة باعتبارها مخصصة للمعارضة السورية، عن طريق تحالفات القبائل السنة في العراق ولبنان، وأكدت أن هناك أسلحة كثيرة في طريقها إلى سوريا، وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “القدس” ترجمة لمقال من “بديعوت أحرونوت” الإسرائيلية يثمن فيه الدور السعودي في سوريا يقول الكاتب الإسرائيلي “كانت السعودية أول دولة عربية أغلقت سفارتها في دمشق وأصبحوا في الرياض يبحثون عن الحاكم الذي يحل محل بشار”. وتضيف الصحيفة الإسرائيلية “أن سيناريوهات الاستخبارات السعودية تشبه جدا السيناريوهات عندنا في حال ضربة عسكرية لإيران. ومن المؤكد أنه يجوز لنا أن نُخمن أن الضغط عندنا وفي الرياض حسّن العلاقات غير الرسمية والاتصالات الخفية.”" وجاء هذا الثناء الإسرائيلي في سياق تقرير يثني على دور السعودية في جميع دول المنطقة ومنها مصر التي ذكرت الصحيفة الإسرائيلية فيها أن “الصلة السعودية المزدوجة بأجهزة استخبارات القاهرة وبحركة الاخوان المسلمين وبالسلفيين المتطرفين محافظا عليها منذ الايام التي كان فيها الاخوان المسلمون حركة سرية وفروا من المطاردة التي أجراها نظام مبارك عليهم وحصلوا على ملاذ في السعودية” . إن أزمة الثورة السورية كما بات واضحا، هي جزء من أزمة الثورات في الربيع العربي ثمة أياد لم تعد خفية حولت الانتفاضة الشعبية التي تنادي بالخبز والكرامة والحرية إلى قمع سياسي في بعض الدول أو قمع عسكري “ثوري” إذا جاز التعبير في سوريا، لتطول حيرة الشعب السوري بين مطالبه الإنسانية للكرامة والحرية والعدالة وبين مخاوفه من ميليشيات لاتحترم حقوق الإنسان وتصبغ غضبها الثوري النبيل بصبغة طائفية سنية تخدم مصالح أمريكا وإسرائيل.