منظمات الصحافة الدولية تنشر تقارير سنوية عن الصحفيين الذين قتلوا أو اختطفوا أو سجنوا أو تعرضوا لمخاطر مختلفة في مناطق الأحداث الساخنة ، ومعظمها يقع في نطاق ما يسمونه بدول الشرق الأوسط ، أوفى دول إسلامية من باكستان إلى أفغانستان ومن الشيشان إلى الصومال .. ومع ذلك فمن النادر أن يقع بصرك على اسم صحفي أو مراسل عربي أو مسلم بين أسماء أولئك الصحفيين الذين يعملون تحت أصوات قذف القنابل ووسط طلقات الرصاص..فنحن نكتفي غالباً بتلقي الأخبار والتقارير الصحفية من وكالات الأنباء العالمية ، ثم نعود لنتهمها بالتحيز وعدم التوازن في نقل الحقائق والأخبار. والاستثناء الوحيد لهذه القاعدة في السنوات الأخيرة هو قناة الجزيرة القطرية التي يتهمها كثير من العرب بالعمالة لإسرائيل وأمريكا ومحاولة الدس والوقيعة بين أنظمة الحكم والشعوب العربية. “الجزيرة ” وحدها – تقريبا – هي التي استشهد واختطف وسجن لها في معسكر جوانتانامو مصورون ومراسلون ، وهى الوحيدة أيضا ً التي شكت أمريكا من تغطياتها الإعلامية لما يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستانوباكستان من قتل وسحل واحتلال على يد أمريكا وأذنابها في الغرب .. وأنا هنا لا أدافع عن الجزيرة ولا أبحث في أغراض مموليها والمسئولين عنها ، لكن أقرر حقيقة واقعة، وهى أنها القناة العربية الوحيدة التي استطاعت منافسة قنوات الغرب ووكالاته في الانتقال إلى مواقع الأحداث ، وتقديم تغطيات خبرية على أعلى درجة من الاحتراف والمهنية بغض النظر عن الأهداف أو الأصابع التي تحركها أو تقف وراءها، خاصة وأنني أعلم جيدا ً أن محطات التليفزيون الأخرى لها أيضا ً أجندتها السياسية. وكلنا يذكر كيف سمحت الولاياتالمتحدةالأمريكية لقناة “سى . إن.إن” وحدها بتغطية حرب تحرير الكويت، ومنعت غيرها من المحطات الإخبارية من متابعة تطورات الحرب للتعتيم على ما جرى، ونقل صورة ما يحدث إلى العالم من وجهة نظر أمريكية خالصة.. وكلنا يعلم أيضا ً كيف يسيطر اليهود على أجهزة الإعلام العالمية، وكيف يستخدمون منذ سنوات طويلة الآلة الإعلامية الجهنمية لتشويه الحقائق ولى ذراع الوقائع والأحداث لخدمة إسرائيل والدفاع عن مواقفها العدوانية، وتبرير ممارساتها الوحشية. لكن قبل أن نتحدث عن التدفق غير المتوازن للأخبار والمعلومات بين الشرق والغرب ، أو عدم الموضوعية وعدم مراعاة قيم المهنية وفقدان المصداقية والانتقائية الشديدة في اختيار التقارير التي تنقلها وكالات الأنباء ومحطات التليفزيون الغربية وتسئ لنا ولقضايانا العادلة ، يجب أن نعالج أولاً القصور الواضح في أداء وسائل الإعلام العربية الحكومية والخاصة والضعف الشديد في مهنيتها ومستوى القائمين عليها بسبب مناخ القهر والسيطرة الرسمية عليها ، ونقص التدريب والحرفية الذي يعانى منه معظم كوادرها .. وعلينا أن نسأل أنفسنا أولاً .. لماذا نضطر لاستقاء معارفنا ومعلوماتنا عما يحدث في العالم وما يحدث حتى في بلادنا من وسائل الإعلام الغربية ؟. ولماذا لا نجد أسماء صحفيينا ومراسلينا في قوائم شهداء المهنة في مواقع الأحداث الساخنة ؟. ولماذا يفضل إعلاميونا دبج المقالات وكتابة التقارير من المكاتب المكيفة بعيدا ً عن مناطق الخطر؟! مواضيع ذات صلة 1. محمد رفعت : عفوا كلية الإعلام .. نادم على دخولك 2. د.محمد السيد سعيد.. اللجنة العربية 3. محمد رفعت: جرب أن تفقد ذاكرتك! 4. الصحافة العربية: شبكة التجسس التي اكتشفتها مصر “مؤامرة إقليمية” بدأت بخطوة ساذجة 5. إغلاق مكتب الجزيرة في الكويت بسبب استضافة نائب معارض