يواجه العاملون بالإرشاد السياحي مشكلة كبرى تكاد تفقدهم صفتهم المهنية، وتمنعهم عن ممارستها؛ بسبب القانون رقم 121 لسنة 1983، الذي يلزم المرشد بتجديد رخصة مزاولة المهنة كل 5 سنوات، وحال التأخر عن المدة المحددة، يعامل كحديث تخرج، ما يستوجب الالتحاق ثانية باختبارات الإرشاد السياحي بالوزارة، حتى يتسنى له إعادة استصدار رخصته، كي لا يلحق بصفوف العاطلين. عمرو أنور، مرشد سياحي، قال إنه يعمل مرشدا سياحيا بإحدى الشركات الخاصة في محافظة الجيزة، وفور توجهه إلى وزارة السياحة لتجديد رخصة مزاولة المهنة التي انتهت بحسب المدة المحددة، طالبه الموظف بدفع الرسوم المقررة، والحضور مجددًا خلال أسبوع، وعقب عودته فاجأه الموظف بأن المدة المسموح بها لإجراء تجديد الرخصة –فترة السماح- انتهت منذ أسبوعين، وبالتالي لا يمكنه مزاولة المهنة إلا عن طريق إعادة أخذ الدورات الوزارية المؤهلة. وأضاف أنور ل"البديل"، أن المشكلة لا تتعلق بتأخره عن الوقت المسموح به، فمنذ 4 أشهر تردد على الوزارة لتجديد الرخصة، غير أن الموظف أخبره بأنه لا يمكن تجديدها قبل الموعد المحدد، وبالتالي فإن عملية التجديد تنحصر في يومين أو 3 أيام محددة، متسائلًا: ماذا لو كنت مريضًا أو أعمل بالخارج، أو منعتني أية ظروف قهرية، وكيف تعاد معاملتي كحديث تخرج، وأفقد مهنتي، رغم مرور 30 عامًا على بداية عملي؟ سامح الفقي، مرشد سياحي، قال إنه عقب تعرضه للمشكلة ذاتها، لجأ إلى صاحب الشركة الذي اصطحبه إلى الوزارة والتقى بأحد المسؤولين، ولم يجد حلًا، لكنه طالب وقتها بإخطار المرشدين بموعد تجديد الرخصة من خلال الرسائل البريدية أو الهاتفية أو الإلكترونية، خاصة أن موعد الترخيص لا يمكن لأي شخص تذكره لأن الإجراء يتم كل 5 سنوات، وهي فترة كافية للنسيان. وأكد الفقي ل"البديل"، أنه تحرك مع زملائه لإقامة دعوى قضائية، أوكلوا لها محام من النقابة العامة للمرشدين السياحيين، تضمنت الدعوى مطالبتهم بإلغاء النص القانوني المتعلق بالترخيص، والطعن على عدم دستوريته، خاصة أنه لا توجد مهنة أخرى داخل مصر، تسقط الصفة عن أصحابها كمهنتهم، بحسب تعبيره، فإسقاط التراخيص غير دستوري بالمرة، كما طالبوا من خلال الدعوى بوضع بدائل حال الإبقاء على القانون منها التغريم المادي، أو وقف المرشد السياحي عن عمله لحين تجديد الترخيص، أو شطبه مؤقتًا من النقابة. وتابع الفقي أنه وبعد تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تمكن من جمع كل زملائه ممن واجهوا المشكلة نفسها، واستعان بهم في الدعوى التي ينظرها القضاء، خاصة أنه فوجئ بأن أعدادا كبيرة منهم تركت العمل قسرًا، في حين يعمل بعضهم بالمخالفة للقانون، داخل شركات غير معروفة، ويضطرون للدخول إلى المواقع السياحية كزوار لا مرشدين. وأوضح خالد سعيد، أمين صندوق نقابة المرشدين السياحيين السابق، إن نص القانون على تجديد الترخيص كل 5 سنوات، تم اتخاذه وقت إعداد القانون من قبل وزارة السياحة كإجراء رقابي؛ لأن الوزارة كانت تعقد دورات تدريبية "صورية"، على حد وصفه، لتحسين مستوى العاملين بالإرشاد، مضيفا ل"البديل": "لكن كل هذا كان حق أرادوا به باطل، فلم يتخذوا أي قرارات لرفع مستوى المرشد، بل فتحوا الباب على مصراعيه لتخريج مرشدين بمستوى متدني من معاهد كثيرة وصلت إلى 1000 معهد، رغم أن المهنة كانت تقتصر على كليات السياحة والفنادق، وكلية الألسن". وأردف خالد أنه كان يمكن وضع العديد من الضوابط للسيطرة على المهنة بالتعاون مع النقابة، بدلا من إسقاط تراخيص المهنة، التي في حال عدم قدرة المرشد لأي ظروف تجديده للترخيص يفقده عمله، ويضطر إلى استخراج التصاريح وكأنه مرشد حديث، مشيرا إلى أن تعديلات قانون النقابة، التي تم تقديمها إلى مجلس النواب، تطرقت إلى المشكلة، ليصبح الترخيص دائما دون الحاجة لتجديده بشكل دوري. واستطرد عضو النقابة العامة للمرشدين السياحين، أن الأوراق المطلوبة لتجديد الترخيص تتطلب وقتًا طويلًا ما يستلزم استعدادًا مسبقًا من قبل المرشد لاستخراجها، ولأن غالبية العاملين بالمهنة لا يجدون الوقت الكافي لعملهم خارج محافظاتهم، والتزامهم بأعمال معينة داخل شركاتهم، فكان لا بد من إيجاد حل آخر، وإن كان الأنسب أن تتولى النقابة أمر الترخيص، لكن هذا أيضًا يتطلب بعض الأوراق التي يستخرجها المرشد بنفسه، وبالتالي يكون الدور الأهم للنقابة، تنبيه المرشدين بمواعيد بدء إجراءات الترخيص. وبسؤاله عن الأوراق المطلوبة للترخيص، قال إنها تشمل حوالات بريدية وطبعة من التأمينات الاجتماعية وسداد اشتراك النقابة، إضافة إلى صورة البطاقة الضريبية، وآخر إقرار ضريبي، وشهادة طبية تتطلب إعادة الكشف داخل إحدى المستشفيات الحكومية، إضافة إلى الدمغات، وتسليم الترخيص القديم، وصورة شخصية خلفية بيضاء. أمين عام المرشدين السياحيين، وجيه جمال، قال إن إجراءات الترخيص وتجديده، تعسفية وتمثل عبئًا مضافًا لما يواجهه المرشدين من خفض أعداد الأفواج السياحية عن ذي قبل، مؤكدا أنهم خاطبوا وزارة السياحة وديًا لتغيير نص القانون، غير أنها رفضت، وحاليًا أرسلوا مقترحاتهم بشأن تعديل القوانين المنظمة للمهنة إلى مجلس النواب لمناقشتها، مختتما: "المرشدون هم سفراء مصر بالداخل، ولا يجب التعنت ضد مطالبهم وحقوقهم".