بعد أن فرضت سوريا قبل أسبوع معادلات جديدة على حدودها الجنوبية عجز الكيان الصهيوني عن التعاطي معها، عادت المقاومة الفلسطينية لتفرض معادلات جديدة أيضًا لكن هذه المرة في قطاع غزة، فبالتزامن مع وضع المقاوم الفرد، قوات الاحتلال أمام حقيقة فشلها وعجزها عن إجهاض عمليات طعن ودهس رغم كل الإمكانيات التي تملكها، يدور الحديث الآن عن عمليات منظمة واستهداف بعبوات ناسفة، وهو ما وضع الاحتلال أمام تحدٍ جديد اختار خلاله الرد بالعنجهية المعتادة، وهو ما قد يدفع الأمور إلى المزيد من التطور والتصعيد، ليبدو أن الاحتلال بصدد فتح المزيد من أبواب جهنم. صفعة جديدة تتطور الأمور سريعًا وتتصاعد التوترات في الأراضي الفلسطينية وتتسع دائرة عمليات المقاومة الفلسطينية في مواجهة العنجهية والممارسات المجحفة في حق الشعب والأرض، فبعد أن أوجعت المقاومة الفردية الاحتلال الصهيوني خلال الأشهر القليلة الماضية، ودفعته إلى الاستنفار والبحث عن منفذي عمليات الطعن لأسابيع طويلة دون جدوى، ووضعته أمام حقيقة فشله السياسي والعسكري والاستخباري، عادت المقاومة الفلسطينية المنظمة لتضع بصمتها جنبًا إلى جنب مع المقاومة الفردية، الأمر الذي يؤكد أن غياب فصائل المقاومة عن المشهد خلال الفترة الأخيرة لم يكن تقاعسًا عن واجبها الوطني بل كان هدوء ما قبل العاصفة، ومرحلة التحضير لرد مزلزل. أكدت القناة الثانية الإسرائيلية أن جنديًا إسرائيليًا قُتل وأُصيب 3 آخرون بإصابات خطيرة، جراء تفجير عبوة ناسفة قرب خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث انفجرت العبوة أمس السبت، في دورية لجيش الاحتلال تابعة للواء "جولاني" على الشريط الحدودي مع قطاع غزة، ونُقل الجنود الجرحى إلى مستشفى سوركا في بئر السبع للعلاج، وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن من بين الجرحى في تفجير خان يونس ضابط برتبة قائد سرية، وأن العبوة انفجرت بالجنود أثناء محاولتهم إزالة علم فلسطيني تم زرعه في المنطقة. المقاومة تنتشي قالت لجان المقاومة في فلسطين إن عملية تفجير العبوة الناسفة بجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، شرق خان يونس، تأتي في إطار الرد على توغلات الاحتلال على الحدود الشرقية للقطاع، واعتبرت اللجان أن "العملية رسالة مهمة تؤكد جاهزية المقاومة وحضورها الفوري ويقظتها التامة في الدفاع عن أبناء فلسطين والرد على الاعتداءات الإسرائيلية"، وشددت على أن "أي حماقة إسرائيلية تجاه القطاع سترتد على الاحتلال، وأن المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي وسيكون لها الحق في الرد لردع العدو عن التمادي في جرائمه وعدوانه". من جانبها، أكدت حركة حماس، على لسان المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع، أن المقاومة الفلسطينية لن تسمح بفرض أي معادلة جديدة على الأرض أو تصدير أزمات الاحتلال الداخلية وقضايا فساد قادته بالتصعيد ضد الشعب الفلسطيني، وأوضح القانوع، أن "تصدير الأزمات الداخلية سياسة فاشلة لن تكسر إرادة شعبنا"، قائلًا "إن العدوان الإسرائيلي على شعبنا يأتي وفق الغطاء الأمريكي والقرارات الأخيرة والمقاومة". في ذات الإطار، أكد مسؤول المكتب الإعلامي في حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب، أن قطاع غزة ليس نزهة لقوات الاحتلال الإسرائيلي أو مزرعة لقادته، بل إن حدود القطاع عبارة عن أشواك، وقال شهاب، في تغريدة له عقب العملية البطولية في خان يونس، "إن حدود قطاع غزة أشواك وبنادقها مشرعة وسواعد أبنائها تقذف الغضب في وجه الحصار والعدوان"، وشدد على أن المقاومة في غزة إبداع وتضحية وعنوان شعبها الصمود. الاحتلال يرتبك وقف الاحتلال مرتبكًا عاجزًا عن استيعاب صفعات المقاومة المتتالية، وقال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إن ما حدث على حدود قطاع غزة "خطير جدًا"، وأضاف من مدينة ميونخ الألمانية، حيث يشارك في مؤتمر للأمن القومي: "الحدث على حدود القطاع خطير جدًا وسنرد بالشكل المناسب"، فيما اعتبر وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أن ما حدث هو الأخطر منذ حرب 2014، كما أجرى رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال غادي أيزنكوت، جلسة لتقدير الموقف بمشاركة كبار قادة الجيش لبحث تداعيات تفجير خان يونس. من جانبه، حمّل الناطق العام باسم جيش الاحتلال رونين مانيلس، حركة حماس مسؤولية كل ما يجري في قطاع غزة وينطلق منه، فوق وتحت الأرض، وأضاف أنه تم زرع العبوة الناسفة خلال ما وصفها ب"أعمال الشغب" التي شهدتها الحدود يومي الجمعه والسبت، ونصب خلالها فلسطينيون العلم الوطني في المنطقة وربطوه بالعبوة. لم يجد الاحتلال سبيلًا للرد سوى التصعيد العسكري ضد قطاع غزة، حيث شن الاحتلال الصهيوني سلسلة غارات، مساء أمس السبت، على عدة أهداف في القطاع، استهدف بها منطقة الشوكة والفخاري في محيط "صوفا" شرقي مدينة رفح جنوب القطاع، وقالت مصادر فلسطينية إن الطائرات الحربية قصفت موقعًا يعرف باسم "تونس" في حي الشجاعية، وآخر يعرف باسم "اليرموك" في حي التفاح، وكلاهما شرقي غزة، كما استهدفت الطائرات موقع "صلاح الدين" ويتبع ل"كتائب القسام" وسط غزة، كما جرى قصف موقع للكتائب شرق خانيونس، وأوضحت المصادر أن الطائرات استهدفت أيضًا أرضًا زراعية قرب معبر المنطار شرقي حي الشجاعية، فيما قصفت مدفعية الاحتلال موقعًا لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في القطاع. في الوقت نفسه أعلنت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عن وجود أضرار مادية إثر سقوط صاروخ في محيط منزل بمستوطنة "شاعر هنيغف" المحاذية لقطاع غزة، كما سُمعت صفارات الإنذار تدوي في مستوطنات الاحتلال المحاذية لحزام غزة، فيما أكدت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أن مسؤولين أمنيين أعطوا تعليمات للمستوطنين في المناطق المحيطة بقطاع غزة بالبقاء قرب الملاجئ. في ذات الإطار، فقد أدى القصف الصهيوني العشوائي على القطاع إلى استشهاد شابين في مقتبل العمل، وأعلنت طواقم الإسعاف الفلسطينية، صباح اليوم الأحد، عن العثور على جثماني شابين استشهدا جراء القصف الإسرائيلي، فيما قال الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة، إن جثماني الشابين وصلا إلى مستشفى "الشهيد أبو يوسف النجار" بمدينة رفح، وأكد أن الشهيدين يبلغان من العمر 17 عاما وكلاهما من حي السلام شرق مدينة رفح. تطور نوعي من جانبها حملت حركة حماس الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية النتائج المترتبة على تصعيده المتواصل ضد أهالي قطاع غزة، وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم، إن حجم الاعتداءات التي طالت العديد من مواقع المقاومة يعكس نواياه المسبقة بالتصعيد وتوتير الأجواء؛ و"لذا عليه أن يفهم أنه هو الطرف المعتدي والمتمادي من خلال عدوانه وانتهاكاته المستمرة"، وأكد أن "المقاومة الفلسطينية التي عهدها العدو جيدًا في أكثر من محطة لن تتخلى عن واجبها، وستتصرف بكل مسؤولية للدفاع عن الأرض والشعب والتصدي لأي عدوان". في الوقت نفسه برز تطور نوعي في تصدي فصائل المقاومة الفلسطينية لصواريخ الاحتلال الصهيوني، وأعلنت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس: "مضاداتنا الأرضية تصدت لطيران العدو الحربي أثناء إغارته على عدد من الأهداف في غزة، ما أجبر الطائرات على المغادرة خشية إصابتها"، وقالت الكتائب إن "ذلك في إطار التصدي للعدوان الصهيوني المتواصل بحق أهلنا في قطاع غزة".
