كشفت واقعة تغيب 75 طبيبًا عن العمل داخل مستشفى دير مواس المركزي بالمنيا، رغم توقيعهم في دفتر الحضور الصباحي، إثر حملة طارئة للنيابة الإدارية على المستشفى، عن عدد من المخالفات الأخرى؛ تمثلت في الإهمال الشديد للمرضى، وعجز كبير في الأطباء، وتعطل الحضانات ووحدة الغسيل الكلوي، ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. وعلى إثر بلاغ من أحد المرضى، أجرى فريق من النيابة الإدارية بمركز دير مواس، برئاسة المستشار وليد زكريا، الوكيل العام للهيئة، وعضوية مصطفى عادل ومحمد عبد الهادي أمين وأحمد عزت توفيق، رؤساء النيابة، بعد تكليف من المستشار عصام الشريف، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، معاينة داخل مستشفى دير مواس المركزي، واتضح صحة ما جاء بالبلاغ، وعدم تواجد 75 طبيبا رغم التوقيع في دفتر الحضور. وتبين للجنة أن المستشفى في حالة سيئة للغاية، وأن وحدة الغسيل الكلوي معطلة، بالإضافة إلى عدم وجود كثير من الأدوية، وتعطل بعض الأجهزة؛ من بينها 3 حضانات، وصرف المستشفى الأدوية لبعض المرضى وعدم صرفها لآخرين، وتجرى النيابة الإدارية، تحقيقًا موسعًا في المخالفات، التي تم رصدها؛ تمهيدا لمعاقبة المخالفين تأديبيا. عدد كبير من المرضى المترددين على وحدة الغسيل الكلوي، أكدوا في شكاوى عديدة، تعطل أجهزة الغسيل الكلوي، ونقلوا معاناتهم اليومية في الانتظار طوابير من أجل تلقي جلسة الغسيل الكلوي، في ظل وجود نقص شديد في السرنجات والفلاتر المستخدمة أثناء جلسات الغسيل، ما يزيد من أوجاعهم اليومية، فضلًا عن عدم صرف الأدوية اللازمة لهم، وعلى رأسها عقاري "كيتوستريل" و"الهيبارين" نتيجة وجود نقص حاد فيهما. أبو يوسف، أحد أبناء مركز دير مواس، يحكي جزءا من معاناة المرضى اليومية مع المستشفى، قائلا: "أطباء وتمريض المستشفى في نوبة السهر، يعملون بدون رقيب أو ضمير؛ فعندما توجهت في الساعات الأولى من اليوم بابنة أختي التي تبلغ من العمر 19 عامًا، على إثر ألم مفاجئ في البطن للمستشفى، أخبرتني الممرضات في قسم الاستقبال، بعدم وجود أطباء، وحدثت مشادات مع العاملين وأفراد الأمن". وأضاف أنهم طلبوا مقابلة الطبيب النبطشي بالمستشفى، لكنه رفض النزول بحجة أنه طبيب أطفال وكتب لهم على ورقة بيضاء (جلوكوز) وقال حرفيا: "اللي عندي كتبته لهم ومش نازل"، وبعد مشادة كلامية مع طاقم التمريض والعاملين، انتقل إليهم طبيب آخر وباشر الحالة، وطلب من الممرضات اتخاذ اللازم معها وتركيب محاليل وريدية لها، لكن الممرضة لم تتمكن من تركيب جهاز الكانيولا في ذراع المريضة، واتجهوا إلى مدير المستشفى للإبلاغ عمّ حدث معهم. أزمات المواطنين اليومية مع الأطباء وطاقم التمريض وتعطل وحدة الغسيل الكلوي لم تكن وحيدة، في ظل تعطل كثير من الوحدات داخل المستشفى، حيث يوجد 3 حضانات أطفال متعطلة داخل المستشفى من إجمالي 20 حضانة، وتم إبلاغ شركة الصيانة أكثر من مرة، لكن لم يتم الاستجابة لهم، حتى أرسلت إدارة المستشفى إلى مديرية الشؤون الصحية بالمنيا للتدخل. من جانبه، قال بجاء بيتر جورج، طبيب بالمستشفى، إن هناك مغالطات كثيرة في البلاغ المقدم من قبل مواطنين يشكون من تعطل وحدة الغسيل الكلوي بالمستشفى رغم وجود 4 ورديات يومية تتناوب على العمل داخل الوحدة التي تخدم نحو 35 مريضًا في "الشيفت" الواحد، لكن الجميع يريد الغسيل مبكرًا. وأضاف جورج ل"البديل"، أن عدد الأطباء المتغيبين 57 وليس 75؛ بينهم 17 وقعوا في دفاتر الحضور وانصرفوا نظرا لطبيعة عملهم؛ لأنهم يتحركون داخل المستشفى باستمرار، ولا يجلسون في مكاتبهم عبر المخازن أو وحدات الاستقبال أو العناية المركزة أو تصوير الأوراق من إجمالي قوة المستشفى، لافتا إلى وجود تقصير من قبل الأطباء، لكن المسؤولية لا تقع عليهم وحدهم، قائلًا: "ممكن الناس تيجي تشوف إحنا بنجيب العلاج بعربيات على حسابنا، مفيش عربية تابعة للمستشفي من أربع سنين، ويتم توفير الأصناف الدوائية القادرين علي توفيرها من مخزن المنيا الإقليمي، واللي بيبقي مش موجود بنوفره من الخارج إن أمكن، وتم وقف التبرعات من قبل المديرية". وأكد جورج وجود عجز شديد في عدد النواب المتواجدين في المستشفى المركزي، ويتم توزيعهم في أماكن أخرى بها زيادة عن المعدل المطلوب، مضيفا أن مستشفى دير مواس في مرحلة التطوير وتحتاج إلى أطباء وممرضين، وراتب الطبيب حديث التخرج هناك لا يزيد على 2000 جنيه، في حين يتقاضى وكيل النائب 5 أضعاف ما يتقاضاه الأطباء. وفيما يخص قسم الغسيل الكلوي الذي خرجت منه الشكوى، فإن الأطباء في الوحدة، بحسب جورج، يواجهون كما من الإهانات من قبل الجهات الرقابية أو المرضى، على حد سواء، ومشكله الغسيل الرئيسية تنحصر في تشاجر بعض المرضى على الحضور في "الشيفت" الصباحي، وهو ما لم تتسع له أسرة الوحدة، ولذلك قدم أحدهم شكوى في المستشفى. وفي المقابل، أكدت الدكتورة أمنية رجب، وكيل وزارة الصحة بالمنيا، أن هناك خطة تطوير شاملة لعدد من المستشفيات والوحدات الصحية البالغ عددها نحو 358 وحدة ومركز طبي، تهدف تحويل المستشفيات إلى منشآت نموذجية تكون صالحة لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، واعترفت بوجود عجز شديد في عدد الأطباء وطاقم التمريض بالمديرية، وتعمل الوزارة على سد العجز من خلال إعادة توزيع الأطباء على مستشفيات المحافظة.