على الرغم من صدور القرار الوزارى رقم 974 لسنة 2017، والخاص بتسجيل وتداول مبيدات الآفات الزراعية فى مصر، لتنظيم عمليات الاتجار فى المبيدات وتداولها، وتحديد آليات الرقابة على محال بيع وتداول المبيدات، إلا أن تداول المبيدات المغشوشة في الأسواق مستمر، ولا تزال الجهات الرقابية تكشف عن قضايا تتعلق بإنتاج مبيدات مغشوشة، أو استخدام مبيدات محظورة أو مغشوشة ومصنعة من مواد مجهولة المصدر ومن نفايات خطرة وضارة بالصحة، توزع في الأسواق؛ لاستخدامها في الزراعات. حيث كشف تقرير أصدرته لجنة مبيدات الآفات الزراعية ومكافحة الآفات الزراعية أنه خلال العام الماضى بلغت العبوات المضبوطة 24112 عبوة مختلفة الأحجام، مجهولة المصدر ومغشوشة ومقلدة ومخالف للإجراءات القانونية، وذلك خلال الحملات على 12 ألفًا و 428 محلاًّ، منها 7 آلاف و564 محلاًّ مرخصًا، وألفان و 857 غير مرخص، و 535 محلاًّ تحت الترخيص. فيما أكدت دراسة، أجرتها وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن أسباب انتشار المبيدات المغشوشة، أن انتشار الأمية والجهل بين المزارعين هو السبب الرئيسي، حيث إن "50- 70٪" أميون، و32٪ منهم يوافقون على شراء مبيدات مغشوشة، لانخفاض أسعارها. كما أوضحت الدراسة أن اختفاء المرشد الزراعى وانعدام دوره أهم الأسباب التى أدت لانتشار غش المبيدات، حيث إن 65٪ من الفلاحين لا يأخذون المعلومة من المرشد الزراعى. ليس هذا فقط، بل إن المرشدين الزراعيين أنفسهم يعانون من مشاكل، جعلت أداءهم لوظيفتهم غير دقيق، إذ تكشف دراسة لجنة المبيدات أن نسبة المرشدين الذين حصلوا على دورات تدريبية تتعلق بالمبيدات لا تتعدى ال47٪ من إجمالي الخاضعين لدورات تدريبية، وهذه مشكلة؛ لأنه وبحسب الدراسة، فإن المرشدين الزراعيين يحصلون على معلوماتهم من خلال الدورات التدريبية بنسبة 90٪. من جانبه قال الدكتور مصطفى عبد الستار، نائب أمين لجنة مبيدات الآفات الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي إن ضعف الرقابة والإجراءات والتشريعات المجرِمة، وانتشار مناطق التجارة الحرة وبقية المنافذ التي يمكن من خلالها تسريب المنتجات المغشوشة إلى المنافذ والأسواق التجارية والقانونية، واستمرار بعض المزارعين في شراء المبيدات المقلدة أو المغشوشة؛ لاعتقادهم بفاعليتها أو رخص سعرها، هي السبب وراء ظاهرة انتشار المبيدات المغشوشة في الأسواق، مؤكدًا أنه يتم الاتجار غير المشروع للمبيدات بطريقتين: أولهما تهريب المبيدات المغشوشة المصنعة بالخارج عبر الحدود، والثانية إنتاج المبيدات المغشوشة داخل البلاد ومحاولة بيعها في الأسواق المحلية. وأوضح "عبد الستار" أن المبيدات المغشوشة لها آثار بيئية ضارة على المياه والكائنات النباتية والحيوانية؛ لاحتوائها على مواد غير مصرح بها أو شوائب عالية السمية، كما أنها تضر بالتربة الزراعية؛ مما يؤثر على إنتاجيتها، هذا بخلاف تلوث البيئة بمركبات تحتوي على نسب عالية من الشوائب غير المصرح بتواجدها أو بمركبات غير فعالة، تؤثر على سلامة وأمان المحاصيل المنزرعة وزيادة ظاهرة مقاومة الآفات للمبيدات. وقال أمين لجنة المبيدات إن من الآثار الاقتصادية السلبية للمبيدات المغشوشة خسارة كل من المحصول وما يدفعه المزارعون ثمنًا لمبيدات منخفضة الفاعلية، فضلاً عن عدم التأثير على الآفات المطلوب مكافحتها؛ مما يزيد من الخسارة الاقتصادية، وفقد ثقة المستوردين للمحاصيل والمزروعات المحلية؛ لرفضها قبول منتجات ملوثة بمواد غير مصرح بها أو شوائب عالية السمية، وبالتالي التأثير على الاقتصاد القومي والإضرار بالصناعة الوطنية والاستثمارات الأجنبية والمحلية، هذا بجانب انسحاب الشركات العالمية من السوق المحلي؛ لانخفاض مبيعاتها وعدم قدرتها على المنافسة، وفقد الثقة فى المبيدات والنظم والجهات المسؤولة عن تسجيل وتداول المبيدات. وكشف الدكتور مصطفى عن أسباب انتشار الاتجار في المبيدات بطرق مخالفة للقانون، والمتمثلة في جشع وطمع التجار، واستغلال جهل المزارعين للمبيدات المسجلة وارتفاع أسعارها، وتوهمهم أن المبيدات المهربة أكثر كفاءة من المصنعة محليًّا، والبيع بالأجل وسهولة التعامل معها، لافتًا إلى أن المبيدات تدخل البلاد تحت مسمى مواد مساعدة أو كيماويات عبر المنافذ الحدودية بشكل قانوني، دون التفات المشرعين لتلك الثغرة التي تعد كارثة لو استمر الوضع على ذلك.