تعد قرى الجبل الكائنة بغالبية مراكز محافظة المنيا، مصدرًا مهمًا للنباتات العطرية، تشتريها العديد من شركات الأدوية ومستحضرات التجميل لتصديرها أو استخدامها في العديد من منتجاتها تارة أخرى. عدة قرى بالظهير الصحراوي الغربي بالمنيا تشتهر بزراعاتها لتلك النباتات، أبرزها "العزيمة، صفط الغربية، قرية 7 وقرية 8" وبعض القرى بذمام مركز مطاي، بإجمالي إنتاجية تصل إلى 5 آلاف فدان تقريبًا، وتصنف من أجود أنواع النباتات العطرية والطبية على مستوى المحافظات، نظرًا لاعتدال الطقس بمحافظة المنيا غالبية العام. وقال أحمد المسعودي، مهندس زراعي وأحد المزارعين بقرية العزيمة، إن النباتات العطرية تمثل عائدا ماديا كبيرا لعشرات المزارعين كل عام، خاصة أن زراعتها لا تكلفهم عناء شديدا بالمقارنة ببعض المحاصيل الأخرى، مشيرا إلى أن أبرز النباتات التي تتم زراعتها بقرى الجبل بالمنيا "زهرة البابونج، الينسون، الكرفس، النعناع البلدي، النعناع الفلفلى، الريحان، الكركديه، والبردقوش، والزعتر، الياسمين واللافندر". وأضاف المسعودي ل"البديل"، أن الكثير من شركات الأدوية تتوافد عليهم كل عام، وتتعاقد معهم لشراء تلك النباتات العطرية، خاصة أنهم لا يقومون برشها بأي مادة كيماوية، ولا يشوبها أية أضرار أو أمراض نباتية، ما يجعل قيمتها عالية وجودتها قابلة للتصدير إلى أي دولة من دول العالم. وأوضح أن إنتاجية الفدان تتراوح كل عام بين500 : 600 كيلو في المتوسط، خاصة لبعض النباتات كالينسون والكراوية، وتزيد للنعناع والريحان والبردقوش، مطالبا الدولة بتشجيع المزارعين للاتجاه نحو تلك الزراعات لما لها من فائدة كبيرة على جميع الأصعدة، وتدخل في الكثير من الصناعات الطبية التي تستوردها الدولة بمليارات الجنيهات. وأكد المهندس ظريف حبشي، رئيس قسم الإرشاد الزراعي بمحافظة المنيا، إن النباتات العطرية التي تزرع في العديد من قرى المنيا، خاصة بالظهير الصحراوي الغربي، تعد ذات أهمية كبرى وتساعد على رواج العملية التصديرية للمحافظة من خلال التعاون من بعض الشركات الأخرى، فضلا عن تشغيل ما يقرب من 1500 عامل زراعي، لافتا إلى وجود خطة لزيادة الرقعة المنزرعة بتلك النباتات العطرية من خلال ندوات توعوية يتم عقدها للمزاريعن. وتابع: "المزارعون عانوا فترات طويلة من عدم تشجعيهم على زراعة تلك النوعية من النباتات ليكون هناك نوع من التصدير المباشر, ومن هنا يخشى مزارعو المنيا من المخاطرة والخوض في تجارب التصدير، خاصة وأنه لا توجد ضوابط تحكمه، ولا يوجد قانون يحمي المصدرين، مما يجعلهم دائما تحت سيطرة الشركة المتعاقدة معهم". وطالب رئيس قسم الإرشاد الزراعي، بضرورة الالتفات إلى المزارعين بقرى الصعيد وتقديم الدعم الكامل لهم لتشجيعهم على تنمية الزراعات والتصدير لدول الخارج, وعمل رابطة لكل محصول من جانب وزارة الزراعة، أسوة بالمحاصيل الاستراتيجية التي تهتم بها الدولة كل عام، وينتهي بها المطاف بسقوط في أزمات. وأوضح الدكتور سيد عبده، عميد كلية الزراعة بجامعة المنيا ل"البديل"، أن النباتات العطرية لها قيمة مضافة كبيرة؛ تتمثل في استخلاص زيوتها التي تدخل في الكثير من الصناعات المختلفة، وتتهافت عليها الدول الأجنبية والصناعية الكبرى، مشددا على أهمية التوسع في تجفيف تلك النباتات عقب حصادها، لضمان بقائها لأكبر فترة ممكنة، سواء للتصدير أو البيع الداخلي أو استخراج زيوتها، ما يجعل نسبة الفاقد أو التلف أقل بكثير من بقائها دون تجفيف. وتوقع عبده أن تشهد مختلف المحافظات، خاصة الصعيد توسعات كبيرة في زراعة النباتات العطرية خلال الأعوام القليلة المقبلة، في ظل ارتفاع أسعارها بالسوق العالمي وإقبال الكثير من الشركات والتنافس فيما بينها لحسم تلك الصفقات مع المزارعين لضمان الحصول على الكميات التي يحتاجونها.