يومًا بعد يوم يتجرأ الاحتلال الصهيوني على المقدسات الدينية الإسلامية في فلسطين، فالمسجد الأقصى بات مرتعًا لقطعان المستوطنين، يدنسونه متى يشاءون ويمارسون صلواتهم التلمودية بداخله، بل ويمنعون الفلسطينيين من دخوله أيضًا، ناهيك عن سلسلة الاعتقالات والملاحقات لحراس المسجد، ومع اقتحام المستوطنين لمسجد قبة الصخرة وصعودهم إلى القبة يتأكد أن الاحتلال يتمادى في التصعيد، في محاولة لبسط السيطرة المطلقة على المقدسات الإسلامية، وفرض مخططاته للتقسيم. تصعيد صهيوني جديد في خطوة غير مسبوقة، سمحت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، صباح الأحد الماضي، لعشرات المستوطنين الإسرائيليين باقتحام مسجد قبة الصخرة المشرفة في محيط المسجد الأقصى، فبعد أن كانت اقتحامات المسجد الأقصى تتم انطلاقًا من باب المغاربة الذي تسيطر عليه الشرطة الإسرائيلية منذ عام 1967، وكانت تقتصر على مسار في ساحات المسجد دون الوصول إلى قبة الصخرة، بات الوصول إلى القبة حاليًا أمرا واقعا يفرضه الاحتلال، أضف إلى ذلك اعتقال قوات الاحتلال لأربعة من حراس المسجد داخل باحاته كانوا يحاولون منع المستوطنين للوصول إلى القبة. غضب فلسطيني هذا التصعيد الجديد وصفته دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس ب"الخطوة الاستفزازية"، مشيرة إلى أن المستوطنين رفضوا الانصياع لطلب حراس المسجد بعدم الصعود إلى قبة الصخرة، وقال مسؤول الإعلام في دائرة الأوقاف الإسلامية فراس الدبس، إن السماح للمستوطنين بالصعود للقبة "خطوة متعمدة ومخطط لها من قبل ضباط الشرطة الإسرائيلية"، وأضاف أن الضباط قاموا بتغيير مسار جولة المستوطنين التقليدية في الحرم القدسي، ثم تم الاقتحام في خطوة خطيرة وتحد غير مسبوق لفرض واقع جديد للاقتحامات وتغيير مسارات جولاتهم، حيث تنبئ ببرنامج تهويدي سيؤدي إلى إشعال المنطقة برمتها في ظل التحفيز الأمريكي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. وفي بيان لها، شددت المراجع الدينية في القدس ومن بينها مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، والهيئة الإسلامية العليا، ودار الإفتاء الفلسطينية، ودائرة أوقاف القدس، على أن "هذه الاقتحامات تأتي بالرغم من الموقف المقدسي والفلسطيني والإسلامي الرافض لها، والفتاوى الدينية الإسرائيلية التي تمنع المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى والصعود إلى قبة الصخرة"، مشيرًا إلى أن هؤلاء "تجاوزوا كل الخطوط الحمراء ويريدون تغيير الواقع التاريخي والقانوني في الحرم القدسي". ووجه البيان طلب استغاثة إلى المجتمع الدولي قائلًا: إننا من قلب المسجد الأقصى نستصرخ كل الضمائر الحية لإيقاف هذا البرنامج التهويدي الإسرائيلي الممنهج ضد المسجد الأقصى المبارك، والحرم القدسي الشريف، والذي يستهدف البشر والحجر، ودرء الأخطار عنه التي تزداد يومًا بعد يوم. الاقتحامات تتصاعد اشتعال الأوضاع، الأحد الماضي، بعد اقتحام قبة الصخرة، وتحذيرات المسؤولين الفلسطينيين لم تمنع المستوطنين من اقتحام الأقصى مجددًا، حيث اقتحم، أمس الإثنين، 36 مستوطنًا و63 من الطلاب اليهود ساحات المسجد الأقصى من باب المغاربة، وسط حراسة مشددة من شرطة الاحتلال الخاصة، فيما لاحقت قوات الاحتلال حراس المسجد وأخضعتهم للتحقيق، وواصلت الشرطة فرض قيودها على دخول المصلين إلى الأقصى، ودققت في هوياتهم الشخصية واحتجزت بعضها عند الأبواب. الاقتحامات تجددت، اليوم الثلاثاء، حيث اقتحم 39 مستوطنًا و78 من طلاب المعاهد والجامعات اليهودية، واثنان من عناصر المخابرات، المسجد الأقصى من باب المغاربة بحراسة شرطية مشددة، ووسط قيود مشددة على دخول الفلسطينيين، الأمر الذي يُعيد إلى الذاكرة سيناريو الأزمة التي اندلعت في يوليو الماضي بسبب الاقتحامات المتزايده ومحاولات الاحتلال تركيب أجهزة لكشف المعادن على مداخل المسجد الأقصى. الحديث عن الاقتحامات المكثفة التي شهدها الأقصى خلال الأيام القليلة الماضية، ومحاولات الاحتلال الحثيثة اتخاذ خطوات سريعة نحو فرض وقائع جديدة على الأرض، تزامن مع خروج تقرير من مركز معلومات وادي حلوة، يؤكد أن أكثر من 2059 مستوطنًا متطرفًا اقتحموا المسجد الأقصى خلال نوفمبر الماضي، فيما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 131 فلسطينيًا، وهدمت 10 منشآت في مدينة القدسالمحتلة. بركانفلسطيني هذه التوترات داخل المسجد الأقصى تأتي في الوقت الذي تعج فيه الساحة السياسية الفلسطينية بالعديد من الأحداث المشتعلة، سواء فيما يخص المصالحة بين "فتح" و"حماس"، والتي تحاول بعض الدول عرقلتها وإفشالها بمخططات صهيونية، أو فيما يخص محاولات صهيوأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية من خلال ما يُعرف ب"صفقة القرن" والتي يمكن تلخيص أهدافها في تصفية القضية المركزية وتطبيع العلاقات رسميًا بين إسرائيل والدول العربية، ناهيك عن الصراعات السياسية بين بعض القيادات الفلسطينية على السلطة، الأمر الذي يدفع إلى القول بأن فلسطين المحتلة تقف على فوهة بركان قد يثور بين الليلة وضحاها.