تشهد المغرب منذ أمس، تظاهرات، و اعتصامات رمزية، في مراكش و، الدارالبيضاء، و تطوان، لأحياء ذكرى تظاهرات 20 فبراير 2011، حيث شهدت المغرب العام الماضي، في أعقاب الثورات الشعبية في تونس ومصر، دعوة من جانب مجموعة سمت نفسها ب”حركة 20فبراير”، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن يكون يوم20 فبراير يوم للاحتجاج ورفع مطالب اجتماعية، مثل تشغيل العاطلين عن العمل ورفع الأجور وسياسية، منها المطالبة بتغير الدستور المغربي، مما يسمح بحياة سياسية تعددية تمثل كافة قطاعات الشعب المغربي، وتخفيض صلاحيات الملك، بالإضافة لتطهير مؤسسات الدولة، مثل القضاء، ومحاسبة المتورطين بقضايا فساد، والإفراج عن معتقلي الرأي وإطلاق حرية التعبير. وقد صاغت الحركة مطالبها في بيانها التأسيسي الذي جاء فيه: “في ظل ما يعيشه الشعب المغربي اليوم من احتقان اجتماعي والإحساس بالإهانة والدونية، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بسبب تجميد الأجور والارتفاع الصاروخي للأسعار، والحرمان من الاستفادة من الخدمات الاجتماعية الأساسية (الصحة ، التعليم ، الشغل، السكن ...) كل هذا في ظل اقتصاد تبعية ينخره الفساد والغش والرشوة والتهرب الضريبي ومناخ حقوقي يتسم بالقمع الممنهج لحرية الرأي (الاعتقالات المتتالية، منع حق التظاهر، قمع حرية الصحافة ) وإيمانا منا ك “شباب 20 فبراير” أن تراكم المعضلات الاجتماعية يرجع بالأساس إلى الاختيارات السياسية وبنية النظام السياسي المغربي المناهض لمصالح أبناء الشعب الفقراء، نطالب: - دستور ديمقراطي شكلا و مضمونا يمثل الإرادة الحقيقية للشعب. - حل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تخضع لإرادة الشعب. - قضاء مستقل ونزيه - محاكمة المتورطين في قضايا الفساد واستغلال النفوذ ونهب خيرات الوطن. - الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية والاهتمام بخصوصيات الهوية المغربية لغة ثقافة وتاريخا - إطلاق كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومحاكمة المسئولين. وذلك بهدف الاستجابة لتطلعات عموم أحرار هذا الوطن العزيز وتوفير شروط العيش الكريم يضمن “الإدماج الفوري والشامل للمعطلين في أسلاك الوظيفة العمومية وضمان حياة كريمة بالحد من غلاء المعيشة والرفع من الحد الأدنى للأجور وتمكين عموم المواطنين من الاستفادة من الخدمات الاجتماعية وتحسين مستواها” وبالفعل لاقت دعوة التظاهر، ترحيبا ًواسعا، حيث شارك عشرات الآلاف من كافة الاتجاهات السياسية، حيث وصلت تقديرات عدد المتظاهرين، ل800 ألف، في جميع أنحاء المغرب. إضافة لدعمها من المنظمات الحقوقية المغربية، فيما تعاملت معها السلطات الحكومية بقمع شديد، وخاصة في مدينة تطوان، حيث اعتدى على المتظاهرين قوات الأمن الملكية،بمشاركة عناصر من حركة الشباب الملكي، وهي حركة شعبية تضم عدد من الخارجين على القانون، وتحظى بدعم من الجهات الأمنية في المغرب. شهد هذا العام، إقبال أقل من الجماهير المغربية، للمشاركة في اليوم، حيث تجمع مئات الأشخاص في الساحات الرئيسية في المدن المغربية الكبرى، فيما قال مسئول بالداخلية المغربية، أن عدد المتظاهرين لم يبلغ150شخصا، في الدارالبيضاء، ولم يتجاوز ألف على مستوى المغرب ككل. فيما أرجعت بعض وسائل الأعلام الرسمية المغربي، أن تدني حجم الاستجابة لدعوة التظاهر هذا اليوم، تأتي كدليل، على أن الشعب المغربي، يرى أن الإصلاحات الأخير في المغرب، كافية، ولو بشكل نسبي. بينما قال نجيب شوقي المتحدث الإعلامي لحركة 20فبراير : “تراجع الحركة في الشارع لا ينبغي أن يخفي ما حققته من مكاسب، فلأول مرة في تاريخ المغرب تنجح حركة في توحيد إسلاميين ويساريين وأمازيغيين وليبراليين. فضلا عن إعادة الاعتبار لثقافة الاحتجاج، ومن خلالها ثقافة المساءلة والمحاسبة السلمية. بالإضافة إلى كونها أول حركة تفرض على القصر الرد على مطالبها رغم أن الرد لم يكن وفق التطلعات”. فيما رأى أحمد البوز، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة الملك محمد الخامس، بالرباط، أن حركة 20فبراير فرضت نفسها على الواقع السياسي المغربي، فكان لها دور كبير، في تغيير الدستور، والذي سمح لأول مره، بأن تكون هناك انتخابات حرة، تأتي بالحركات الإسلامية للبرلمان، وعلى رأسهم حزب الحرية والتنمية المغربي،وبالتالي، تشكيلهم للحكومة، بقيادة عبد الإله كيران. يرجع كلا ً من، نجيب شوقي، ونزار بن نماط، عضوي الحركة، أن التراجع في مسار وتأثير الحركة، لا يعني بداية النهاية، فيروا أن أنجاز الحركة الأكبر هو فرض معادلة سياسية جديدة في المغرب، بخلاف أن على الحركة أن تدير نقاشات داخلية، حول أمس القضايا العاجلة، التي لم تحل بالتعديلات الدستورية، ولا بالانتخابات البرلمانية، حيث لم يحققا إلى الآن، أغلب المطالب الاجتماعية التي خرجت من أجلها الجماهير، العام الماضي.