أعلنت الخطوط الجوية القطرية، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني أمس، أنها أبرمت اتفاقية لشراء 9.6٪ من أسهم شركة «كاثي باسيفيك»، وهي خطوط الطيران الوطنية التي تتخذ من «هونج كونج» مقرًّا لها. وفي هذا الصدد نشرت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية تقريرًا تشير فيه إلى أن هذه الاتفاقية تمنح قطر حضورًا أكبر في السوق الآسيوية، موضحة أن هذا الشراء ليس مجرد صفقة استثمارية، لكنه محاولة من قطر للبحث عن شركاء جدد خارج الشرق الأوسط في مواجهة عداء جيرانها. إليكم نص المقال: أفادت الأخبار أن خطوط الطيران القطرية الوطنية ذات الطموحات العالمية اشترت ما يقرب من 10٪ من خطوط الطيران الوطنية في هونج كونج، «كاثي باسيفيك». تسبب هذا الخبر في صدمة للأسواق المالية، حيث انخفضت أسهم «كاثي باسيفيك» بنحو 5٪ في بداية استئناف عمليات التداول في نفس يوم نشر هذا الخبر. لكن حقيقة أن الخطوط الجوية القطرية موجودة في السوق لعمليات اقتناء أخرى لم تكن مفاجئة للمحللين في مجال الطيران. منذ عام 2015 استحوذت شركة الطيران الوطنية القطرية على 20٪ من أسهم مجموعة خطوط الطيران الأوروبية "IAG"، التي تنقل 100 مليون راكب سنويًّا، و10٪ من أسهم شركة "LATAM"، وهي أكبر شركة طيران في أمريكا اللاتينية، و49٪ من أسهم مجموعة الطيران الإيطالية "ميريديانا". وقامت الحكومة الهندية بدعوة قطر لإنشاء خطوط طيران جديدة في الهند، تضم 100 طائرة. فلماذا يقوم أكبر الباكر، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، بالتسوق بمليارات الدولارات؟ ظاهريًّا فإن مثل هذه الاستراتيجية لا تبدو حكيمة. قبل بضع سنوات كانت خطوط طيران الاتحاد، وهي المنافسة للخطوط القطرية والتي تقع في أبو ظبي، قد حاولت فعل الشيء نفسه بشراء حصص في شركات طيران برلين «Air Berlin» وأليتاليا «Alitalia» و«جت إيرويس» «Jet Airways». لكن الاستراتيجية توقفت هذا العام بإفلاس طيران برلين و«أليتاليا»، وتصل خسائر خطوط الاتحاد إلى 4.5 مليار دولار. واتباع نفس المسار قد لا يحقق للخطوط الوطنية القطرية مكاسب كبيرة، كما يقول «جريج والدرون» من مجلة «فلايت جلوبال»، مضيفًا: «يبدو أن قطر تستثمر في أصول بعيدة المدى بدون تنسيق واضح». لكن الباكر ليس لديه نية لتكرار أخطاء الاتحاد. إن البحث عن شركاء في الخارج ليس مجرد محاولة لدفع حركة المسافرين من خلال مقره في الدوحة، لكنه محاولة بحث عن حلفاء في مواجهة عداء جيرانها في الشرق الأوسط. منذ يونيو الماضي فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارًا على قطر، وحظرت طائراتها من دخول مجالها الجوي. وقد أدى ذلك إلى إلغاء أكثر من 50 رحلة يومية إلى هذه البلدان، مما كلف خطوط الطيران القطري 500 مليون دولار أرباح هذا العام، وفقًا ل«ديوجينيس بابيوميتيس»، مدير تحليل قطاع الطيران بشركة «فوريست آند سوليفان» للاستشارات والتحليلات الاقتصادية. لكن حتى قبل الحصار، كان باكر على يقين من أن فرص النمو محدودة في الشرق الأوسط، حيث إن العوامل التي تسببت في زيادة حركة الركاب عبر المنطقة بشكل كبير على مدى العقد الماضي قد تفككت، فأدت الهجمات الإرهابية وعدم الاستقرار «الجيوسياسي» إلى خفض جاذبية المرور عبر مطارات مثل الدوحة. كما أدى انخفاض أسعار النفط إلى انخفاض طلب السفر على درجة رجال الأعمال من شركات الطاقة في المنطقة. وأسهمت أسعار الوقود المنخفضة، إلى جانب إدخال طائرات ذات كفاءة في استهلاك الوقود مثل طائرات بوينغ 787، في تحسين اقتصاديات الرحلات المباشرة بين أوروبا وآسيا التي لا تتطلب وقوفًا في الشرق الأوسط. وهكذا فإن شراء حصص في شركات طيران أخرى في تحالف عالم واحد «oneworld» – الذي أعضاؤه الخطوط الجوية القطرية و«IAG وLATAM» و«كاثاي باسيفيك» – يبدو أكثر منطقية من الاستثمار في مزيد من الطائرات في الدوحة. حتى الآن هذه الاستراتيجية تحقق نجاحًا، حيث إن أسعار أسهم شركتي «IAG وLATAM» قد ارتفعت منذ أن اشترى الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر حصصًا فيهما. تبدو «كاثي باسيفيك» أيضًا رهانًا جيدًا. كانت أسهمها ضعيفة منذ أن كشفت عن خسارتها السنوية الأولى منذ عام 2008 في وقت سابق من هذا العام. ولكن إذا كان مديروها يقودون بشكل صحيح، فإن «كاثي باسيفيك»، وهي شركة الطيران الوطنية التي مقرها هونج كونج، ينبغي أن تستفيد من الارتفاع السريع للسياحة الصادرة من البر الرئيسي للصين. لكن هل سيكون هذا الصعود في تأثير قطر في مجال صناعة الطيران أمرًا جيدًا للمستهلكين؟ يتوقع معظم رؤساء شركات الطيران العالمية أنه في غضون السنوات الخمس أو العشر المقبلة سوف تسيطر ثلاث شركات طيران عملاقة على سوق السفر الدولي للمسافات الطويلة. هذه الشركات، كما يتوقعون، ستكون نتيجة أن أعضاء تحالفات اليوم – oneworld" و"Skyteam" و"Star"– سيشترون حصصًا في بعضهم بعضًا. وبذلك تضيف صفقة "كاثي باسيفيك" المزيد من الأدلة على الحجة القائلة بأن الباكر يريد أن تكون الخطوط الجوية القطرية قائدة لإحدى أباطرة صناعة الطيران، وهي "الخطوط الجوية الأمريكية". وقد حاول الباكر شراء 10٪ من أسهمها أوائل هذا الصيف، لكنه فشل. ومع اتجاه شركات الطيران العالمية نحو التوطيد والتحالف، فإن المدة التي يمكن أن تقاوم فيها الخطوط القطرية منافستها الأمريكية لا تزال غير معلومة. المقال من المصدر